الشارع المغاربي : يعيش قصر الايليزي ومن ورائه الاوساط السياسية والرأي العام الأوروبي والعالمي عموما حالة من الصدمة والذهول الممزوج بالشك نتيجة ارتجاجات خلّفها ما قال موقع “ميديا بارت” الذي سرّب الخبر اعتراف – قنبلة جاء على لسان مسؤول الأمن السابق بقصر الإيليزي ألكسندر بينالا ويمكن إذا اتضح أنه حقيقة أن يمثّل فضيحة أخلاقية من العيار الثقيل ربّما تعصف بمستقبل الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون السياسي.
فقد نقل موقع “ميديا بارت” عن بينالا اعترافه بأنّه كان عشيق ماكرون وقوله خلال “لحظة إراحة ضميره” لدى استجوابه من قبل الشرطة العدلية يوم الاثنين الماضي 24 سبتمبر 2018: “أنا ومانو (تربيجة بمانويل ماكرون) نتعاشر منذ زمن طويل لكنّه لا يريد أن تعرف بريجيت (زوجة ماكرون) ذلك… وقد قرّبني منه مهنيّا ولكنّه لم ينفصل ابدا عن زوجته مثلما سبق له أن وعدني بذلك… اليوم ذهب بعيدا جدّا (في إشارة إلى العقوبات التي سلّطها عليه الإيليزي إثر فضيحة الفيديو الذي ضُبط فيه وهو يعنّف متظاهرا ضدّ ماكرون) ولذلك قررت أن اثأر لنفسي”.
وبقطع النظر عن عن صحة ما جاء على لسان بينالا من عدمه فإن التحقيقات التي تلت واقعة تعنيفه متظاهرا يكفل له الدستور الفرنسي حقّ الاحتجاج أثارت العديد من الاسئلة حول خفايا وحقيقة دور الرجل في محيط الرئيس وعلاقته به ومنها بالخصوص المخاطر التي غامرت بها مؤسسة الرئاسة الفرنسية لحماية مجرّد عون أمن مكلّف بتأمين تنقلات الرّئيس.
يذكر أنّ ما بات يعرف في وسائل الاعلام الفرنسية والعالمية بـ”قضية بينالا” تفجّرت بعدما نشرت صحيفة “لوموند” في جويلية الماضي فيديو يظهر الرّجل وهو يعنّف أحد المتظاهري ضدّ ماكرون خلال اجتماع شعبي حضره هذا الأخير بمناسبة عيد العمّال يوم 1 ماي المنقضي.
وبعدها بينت التحقيقات أنه هو من ظهر في مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي وهو يضرب متظاهرا ضربا مبرحا دون وجه حق. وقد طرحت تساؤلات عديدة حول القضيّة التي اتّخذت أبعادا كبيرة خاصّة بعد إيقاف ألكسندر بينالا ووضعه رهن التحقيق للاشتباه في ممارسته “أعمال عنف” و”انتحال وظيفة”، وحول شخصية بينالا بالذات والصلاحيات التي كان يتمتع بها، وكيف وصل إلى تلك الحظوة أصلا.
وقد اتّضح أنّ من باتت الصحافة الفرنسية تسميه “رامبو الإليزي” ليس ضابط شرطة ولا ضابط جيش ولا يمت للمهنة بأي صلة، وأنه كان مجرّد مسؤول عن حماية ماكرون أثناء حملته الانتخابية وهو ما يُعرف في فرنسا باسم مجموعة الحرس الرئاسي الجمهوري. وبعد انتهاء الحملة حمل صفة مراقب أمن طبقا لما ينص عليه القانون الفرنسي.
وقد نعتت الصحف الفرنسية طبيعة عمل الشاب بأنه مساعد مدير مكتب الرئيس الفرنسي! لكنها تساءلت: “إذا كان الأمر كذلك فمن أين حصل على الخوذة والشارة الحمراء وملابس الشرطة التي ظهر بها في مقطع الفيديو الذي أدانه؟” مضيفة: ‘ هنا مربط الفرس وموضوع التحقيق الجاري مع ألكسندر .
وما يثير الشكوك أيضا في قضية هذا الشاب صاحب الـ27 ربيعا هو اختفاء مقاطع الفيديو التي يفترض أن تكون كاميراوات المراقبة الموجودة في مكان الحادث قد التقطتها وهو السؤال الذي طرحه المدعي العام أثناء التحقيقات قائلا كيف له أن يحصل عليها؟ في إشارة إلى امكانية وجود فساد ما في قطاع الشرطة الفرنسي الذي ربّما يكون سهل له هذه المهام.
وقد أكد بينالا أمام لجنة تحقيق في مجلس الشيوخ، أنه “ليس شرطيا ولا حارسا شخصيا لرئيس الجمهورية” وأنّه “تم توظيفه تحت مسمى مكلف بمهمة” في مكتب إيمانويل ماكرون. وأشار إلى أن السلاح الذي كان يحمله “لا يتعلّق بأمن رئيس الجمهورية وإنما بأمنه الشخصي”.
وصرّح بينالا أمام اللجنة التي شُكلت بعد الكشف عن فضيحة بينالا، “لم أكن يوما حارسا شخصيا لإيمانويل ماكرون”.
ويبدو أنّ بينالا سعى في مرحلة أولى بإنكاره أن يكون حارسا شخصيا لماكرون إلى حماية سيّده وبالتالي حماية نفسه من أية عقوبات مشدّدة. وإعترف في حوار أجرته معه صحيفة “لوموند” يوم 27 جويلية الماضي أنه “أخطأ” عندما تهوّر وعنّف المتظاهر مدينا ما أسماه بـ”رغبة البعض في الاساءه للرئيس ماكرون” لكن يظهر ن العقوبات التي سُلّطت عليه ومنها إيقافه عن العمل ضربت كبرياءه وأثارت غضبه ودفعته إلى الادلاء بـ”الاعتراف الفضيحة”.
أما الرئيس ماكرون فقد إتّهم بعد تفجّر فضيحة الفيديو الاعلام الفرنسي بقول ما أسماه الكثير من الحماقات” بشأن قضية بينالا. ونقلت عنه قناتا “بي آف أم تي في” و”سي نيوز” قوله مثوجّها بخطابه للصحافة الفرنسية: “لقد قلتم خلال الايام القليلة الماضية (جوان وجويلية 2018) الكثير من الحماقات عمّا تردّد أنها رواتب وامتيازات (يفترض أن بينالا كان يتقاضاها)… كلّ ذلك غير صحيح”.
وتابع “لقد رأيت في الأيام الأخيرة الكثير من الناس يفقدون المنطق، مع ردود أفعال غير متناسبة وعنف”. وأضاف الرئيس الفرنسي “أنا فخور بأنني وظفته (بينالا) في الإليزي، لأنه كان شخصا متفانيا ولديه مسار مختلف (…)”.
واعتبر ماكرون أن العقوبة التي اتُخذت في حق بينالا على هامش تظاهرة الأول من ماي كانت عقوبة “مناسبة”. وقال “وإلا لكنت طلبت منهم أن يتخذوا عقوبة أخرى”، في إشارة منه إلى المسؤولين الحكوميين الذين اقترحوا عليه فرض هذه العقوبة.
أما في ما يتعلّق بـ”التصريح القنبلة” الوارد على لسان بينالا بخصوص “معاشرة بينه وبين ماكرون” فلم يصدر إلى حدّ الآن أي ردّ أو تصريح رسمي عن الايليزي في الموضوع ممّا يفتح الباب أمام عديد التخمينات.