الشارع المغاربي – وكالات : يبدو أن رفض تونس والجزائر وليبيا والمغرب ومصر مساعي دول الاتحاد الاوروبي لاقناعها بإقامة منصّات لاستقبال اللاجئين غير الشرعيين لم يجد تجاوبا لدى المفوضية الاوروبية وأن دول هذا الفضاء تتعامل مع هذا الملف بمنطق “وحُصّل ما في الصّدور” اثر اتفاقها خلال قمّة بروكسال المنعقدة يومي 28 و 29 جوان الماضي، مديرة بذلك ظهرها لرفض دول شمال افريقيا اقامة ما تُسميه منصات لإيواء المهاجرين غير الشرعيين.
فقد صادقت المفوضية الأوروبية، أمس الجمعة، على ثلاث برامج جديدة تتعلق بالهجرة في شمال إفريقيا وأعلنت أنها خصّصت لهذا الملف اعتمادات مالية بـ90.5 مليون أورو.
وحسب الجهاز التنفيذي الأوروبي، فإن هدف البرامج الجديدة التابعة للصندوق الائتماني للاتحاد الأوروبي من أجل إفريقيا “الترفيع في مساعدات الاتحاد لفائدة اللاجئين والمهاجرين في وضعية هشة وتحسين قدرات البلدان الشريكة في ادارة حدودها وخصوصا بلدان المغرب العربي”.
وأوضح بلاغ صادر عن المفوضية أن هذه البرامج تندرج في إطار الالتزام الذي تم اتخاذه خلال اجتماع المجلس الأوروبي الأخير بـ”تعزيز المساعدة على طول طريق المتوسط لفائدة الدول المطلة على ساحله، ومن أجل توفير ظروف إنسانية للاستقبال والتعاون مع البلدان المصدرة للهجرة وبلدان العبور، مع زيادة المساعدات الموجهة للبلدان المتضررة من ارتفاع تدفق المهاجرين من طريق المتوسط الغربية وخاصة المغرب”.
وأضاف البلاغ نقلا عن فيديريكا موغريني المفوضة العليا للشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي أن ” من شأن البرامج الجديدة التي تمت المصادقة عليها تعزيز المبادرات التي نقوم بها من أجل ادارة تدفق المهاجرين بشكل إنساني ومستدام، عبر إنقاذ وحماية أرواح اللاجئين والمهاجرين ومنحهم المساعدات، ومحاربة مهربي البشر “.
وفي التفاصيل ينص اتفاق دول الاتحاد الاوروبي المذكور على تخصيص اعتمادات مالية بـ 55 مليون أورو دعما للجهود التي تبذلها المؤسسات الوطنية في المغرب وتونس من أجل إنقاذ أرواح بشرية من الغرق في البحر، وتحسين ادارة الحدود البحرية ومحاربة المهربين الذين ينشطون في المنطقة “.
كما ينصّ على تخصيص 29 مليون أورو لبرامج مساعدة وحماية اللاجئين والمهاجرين بليبيا وخاصة بنقاط النزول وفي مراكز الاحتجاز المتواجدة بالمناطق الساحلية البعيدة عن الوسط الحضري.
أما الـ 6.5 ملايين أورو المتبقية فيقول الاتفاق إنّ الاتحاد الأوروبي سيستغلها لتعزيز مساعداته للمهاجرين في وضعية هشة، ودعم الاستراتيجية الوطنية للمغرب في مجال الهجرة التي تمت المصادقة عليها في 2014.
من جهته أعلن جوهانس هان المفوّض الاوروبي المكلف بسياسة الاتحاد الخاصة بدول الجوار الجنوبي والتفاوض معها أنه يمكن مواجهة مشاكل ملف الهجرة بالعمل مع مسؤولي جيران اوروبا الجنوبيين وتقديم امتيازات لهم وللمهاجرين ولأوروبا.
وكانت وكالة الأنباء الإيطالية “أكي” قد كشفت أن المفوضية الأوروبية تحضر لفتح مفاوضات مع تونس لإقناعها بإقامة ما سُمي بـ”منصات إنزال للمهاجرين” على أراضيها.
وقد جاء أول رد على هذا الطلب من ليبيا خلال مؤتمر صحفي عُقد يوم الإثنين 25 جوان الماضي بطرابلس وجمع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبي أحمد معيتيق بوزير الداخلية ونائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني وفيه قال معيتيق : “نتفق مع أوروبا في ما يتعلق بمسألة الهجرة، لكننا نرفض بشكل قاطع إقامة أيّة مخيمات للمهاجرين في أراضي ليبيا”.
وبالنسبة للموقف التونسي ، فقد نفى وزير الخارجية خميس الجهيناوي تلقي السلطات التونسية طلبات من الاتحاد الاوروبي لتركيز منصات لايواء المهاجرين على الاراضي التونسية لافتا الى ان تونس سترفض ذلك ان طرح عليها قبل ان يستدرك ويؤكد رفض تونس دعوة أطراف أوروبية إلى إقامة “منصّات” أو “مخيّمات” لاحتجاز المهاجرين غير الشرعيين ، قائلا “لا نقبل بفتح مثل هذه المنصات لاستقبال أو تجميع المهاجرين غير الشرعيين، ونرفض تماما إقامتها على أراضينا”.
من جهتها أعلنت الجزائر على لسان وزير خارجيتها “عبد القادر مساهل” الأربعاء 27 جوان 2018 أنّها ترفض إقامة مراكز استقبال وفرز المهاجرين الذين يقطعون الصحراء أملا في العبور إلى المتوسط.
وقال مساهل في حوار مع إذاعة فرنسا الدولية: “من المستبعد جدا أن تفتح الجزائر مراكز لإيواء واستقبال المهاجرين على أراضيها. نحن نعاني أصلا من نفس المشكلة ونعمل على إبعاد المهاجرين غير الشرعيين من أراضينا وفق الاتفاقات التي تربطنا مع بلدانهم الأصلية ووفق النصوص والمواثيق الدولية”.
وتابع الدبلوماسي الجزائري: “أنا لا أهتم بما يقوم به الأوروبيون في هذا المجال… هذه مشكلتهم. أعتقد أن لديهم الإمكانات المادية والذكاء الكافي لمجابهة هذه المشكلة”.
أما المغرب ،فقد أعلن على لسان وزير الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة يوم 28 جوان المنقضي أنه يرفض إنشاء مراكز استقبال اللاجئين خارج الاتحاد الأوروبي، والذي تم تداوله في قمة الاتحاد الأوروبي المنعقدة.
وقال بوريطة إن “المغرب يرفض، وعارض على الدوام، مثل هذه الأساليب في إدارة قضية الهجرة”، مشيرا إلى أن الرباط تعتبرها حلولاً سهلة وغير ناجعة .
ورفضت مصر بدورها يوم الجمعة 29 جوان المنقضي هذا الاقتراح وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية السفير أحمد أبو زيد إن “الموقف المصري في ما يتعلق بقضية اللاجئين والمهاجرين واضح للجميع، وتتسق فيه القوانين المصرية مع القانون الدولي والاتفاقيات الدولية المنظمة للتعامل مع هذا الموضوع”.
وأكد أن موقف بلاده “يتأسس على رفض إقامة أي مخيمات إيواء أو تجميع للمهاجرين على أراضيها، ورفض عزلهم بأي شكل من الأشكال وتحت أي مسمى من المسميات”.