الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: اصدرت يوم امس الاثنين 18 افريل 2022 وزارة المالية مذكرتها الدورية حول تنفيذ ميزانية الدولة نهاية شهر جانفي الفارط في غياب نشر بيانات شهر ديسمبر للسنة الفارطة رغم اهميتها.
ولئن ابرزت المذكرة تسجيل فائض في رصيد ميزانية الدولة بقيمة 310.7 ملايين دينار مقابل 683.5 مليون دينار في جانفي 2021، فإنها اوضحت تواصل ارتفاع حجم الدين العمومي الذي ازداد بين جانفي 2020 وجانفي 2021 من 95.4 الى 105.7 مليارات دينار وذلك تحت تأثير تطور الدين الداخلي بشكل خاص الى زهاء 42.5 مليار دينار وبدرجة اقل نمو حجم الدين الخارجي الى نحو 63.2 مليار دينار.
ويتبين من خلال معطيات وزارة المالية ان تونس تحصلت، في غضون شهر جانفي فحسب، على قروض خارجية بقيمة 1322.6 مليون دينار انفقت تقريبا وبشكل كامل في سد ثغرة الميزانية مما يعني انها تشكل بذلك قروضا لا غرض لها وهو ما يجعل منها “قروضا كريهة” باعتبار انها لم تصرف في بنود مشاريع التجهيز والتنمية وهي التي اعلن رئيس الجمهورية ضرورة التدقيق فيها عديد المناسبات ولكن للحكومة، في هذا الخصوص، على ما يبدو رايا اخر في مواصلة الحصول عليها كغيرها من الحكومات السابقة…
وتعلقت ابرز هذه القروض التي استخدمت في التقليص من عجز المالية العمومية والانفاق العام بـ “برنامج الدعم الثنائي – الجزائر” بقيمة 861.6 مليون دينار والوكالة الالمانية – بنك الائتمان لإعادة التنمية.
وبلغ حسب نشرية الدين العمومي الصادرة عن وزارة المالية في 7 افريل الجاري قائم الدين العمومي نحو 107.8 مليارات دينار، وهو ما يمثل 85.5 بالمائة من الناتج المحلي الخام، موفى سنة 2021، وارتفع قائم الدين بحوالي 16 بالمائة مقارنة بسنة 2020، (93 مليار دينار أي ما يعادل 77.8 بالمائة من الناتج)، وبنحو 30 بالمائة مقارنة بسنة 2019 (83.3 مليار دينار أي ما يعادل 68 بالمائة من الناتج المحلي).
ووصل حجم الدين الخارجي الى 62.8 بالمائة (67.7 مليار دينار) من إجمالي قائم الدين وهو يتكون بالكامل من ديون متوسطة وطويلة الأجل، وبشكل محدد من ديون متعددة الاطراف (36 مليار دينار) وديون ثنائية (13،8 مليار دينار).
يذكر ان مؤسسات مالية دولية عديدة على غرار “مورغان ستانلاي” و”كابيتال ايكونوميكيس” و”بنك اوف امريكا” كانت قد اكدت مؤخرا في تقارير اصدرتها حول وضعية المالية العمومية ومديونية تونس ان كل المؤشرات تحيل إلى أنه من غير الممكن أن تواصل تونس في نفس النسق الحالي خلاص ديونها والفوائد المترتبة عنها مع التأكيد على أن عجز الميزانية سيتواصل خلال السنوات المقبلة وهو ما يستدعي إعادة هيكلة الديون، الامر الذي اشارت اليه ضمنيا الاسبوع الفارط المديرة العامة لصندوق النقد الدولي في تصريح لها حول تمويل اقتصادات تعاني من صعوبات وهي اقتصادات مصر وتونس وسريلانكا التي اشهرت افلاسها.
وتوضح التقارير أن الاقتصاد الوطني غير قادر على استيعاب الدين، باعتبار أن عجز الميزانية ومستوى الأقساط التي على تونس دفعها تشير إلى أنه لا يمكن للبلاد أن تلتزم بخلاص الأقساط المستوجبة دون الاقتراض من جديد. وتبين الهيئات المالية الدولية في تقاريرها أن نتائج “الإصلاحات” المطلوبة لن تكون حينية وانها ستتطلب سنوات بما يستدعي هيكلة الديون المستوجبة بشكل سريع، مرجّحة بألا تتوصل تونس إلى عقد اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي إلا العام المقبل وذلك في حدود لا تتجاوز ملياري دولار على اقصى تقدير.
وتؤكد التقارير الدولية كذلك انه من الضروري التفريق بين هيكلة الديون والاصلاحات الاقتصادية سيما انها ستكون صعبة التطبيق لتعلقها بخفض مستوى النفقات العامة وأساسا بخفض كتلة الأجور، وتسريح حوالي 20 ألف موظف عمومي سنويا على مدى 4 سنوات علما أن لتونس مديونية مهمة ايضا تجاه قطر وتركيا والجزائر وهي دول من غير أعضاء نادي باريس.