الشارع المغاربي – تقرير: المُهرّبون يتسبّبون في خسارة تونس سوق تصدير المنتوجات الفلاحية الى ليبيا

تقرير: المُهرّبون يتسبّبون في خسارة تونس سوق تصدير المنتوجات الفلاحية الى ليبيا

قسم الأخبار

12 نوفمبر، 2020

الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: كشف يوم أمس الأربعاء 11 نوفمبر 2020 المسؤول بالمجمع المهني المشترك للغلال، طارق تيرة عن تراجع صادرات تونس من الغلال إلى ليبيا بنسبة قال انها تفوق 50% لتبلغ 15537 طنا، منذ بداية العام الحالي الى بداية الشهر الجاري مقابل 32962 طنا خلال نفس الفترة من سنة 2019 مبرزا انه انجرعن ذلك انخفاض في عائدات الصادرات من الغلال التونسية في اتجاه ليبيا التي تستقطب ما يقارب 70 بالمائة من مجموع الصادرات التونسية لتبلغ نحو 28 مليار دينار مقابل حوالي 60 مليار دينار، خلال نفس الفترة من سنة 2019.

ولاحظ ان تطور صادرات الغلال التونسية نحو ليبيا يبقى مرتبطا بشكل هام بفتح الحدود البرية رغم برمجة المجمع المهني المشترك للغلال ثلاث رحلات بحرية تنطلق من 3 موانئ تونسية باتجاه مينائي طرابلس ومصراتة الليبيين لتسهيل عملية تصديرالغلال التونسية مع تمتيع كل الرحلات المبرمجة بدعم النقل البحري من الدولة بنسبة 50% علما أن السوق الليبية تستوعب ما بين 30 و50 % من المنتوجات الفلاحية التونسية بما يجعلها فضاء هاما يضمن ديمومة منظومة الغلال التونسية.

ولكن شلل عملية تصدير المنتوجات الفلاحية التونسية وأساسا الغلال نحو ليبيا المتفاقم بشكل عام منذ مطلع شهر سبتمبر الماضي لا يرجع فقط لاكتساح مُصدّرين منافسين لهذا البلد بل هو ناتج بالخصوص عما يعمد إليه باستمرار عدد من “المحتجين” بمعتمدية بن قردان حيث يتم منع الشاحنات المحملة أساسا بعدة أصناف من الغلال من العبور مما ينجم عنه تلفها .

وكان كل من المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحين والمجمع المهني المشترك للغلال قد عبرا مرارا عن التذمر من هذه الوضعية التي من شأنها أن تؤثر سلبا على نسق التصدير باتجاه ليبيا. وأكدا أن السلطات التونسية بذلت مجهودات كبيرة مع الجانب الليبي للحصول على تراخيص تصدير عبر الحدود البرية بين البلدين.

ولكن المشكل أعمق من ذلك بكثير اذ ان “المحتجين” هم في الواقع مهربين وسماسرة يمارسون التجارة غير المشروعة عبر الحدود مع ليبيا ويعمدون من حين الى آخر الى التنبيه لوجودهم حفاظا على مصالحهم.

في جانب اخر، أدى سقوط نظامي بن علي والقذافي إلى عرقلة اقتصاد الحدود بين تونس وليبيا على وقع تنافس وتقاتل محموم بين الجماعات المسلحة في الغرب الليبي، وفشل الحكومات المتعاقبة في طرابلس في السيطرة على الحدود وتنظيمها.

وأقامت الجماعات المسلحة حواجزعلى طول طريق رأس جدير بهدف زيادة مداخيلها عبر فرض ضرائب غير رسمية وسداد أشكال مستحدثة من “الجزية” مقابل الحماية. ومنذ عام 2014 واجه التجار التونسيون الذين يعملون على الخط المعاملة القاسية ومصادرة البضائع والخطف والسرقة. وبدءاً من عام 2016 تراجعت النشاطات الاقتصادية عبرالحدود بسبب التفكك الكثيف لخطوط الإمداد الليبية.

وفاقم انحسارالخط كشريان حياة والحد من عمليات التهريب التوترات في المنطقة التي عانت من الإهمال طيلة عقود. ورغم مبادرات المصالحة التي قامت بها المجالس البلدية من الجانبين سنة 2018 بهدف بث الروح في عروق التجارة عبر الحدود تبددت ديناميكية اقتصاد الحدود.

يذكر ان البنك الدولي، أصدر مؤخرا تقريرا بين أن الاقتصاد التونسي يتكبد سنوياً خسائر بقيمة 500 مليون دولار اي ما يعادل 1540 مليون دينار بسبب التجارة غير المهيكلة او بالأحرى تهريب السلع مع ليبيا.

وتشمل عمليات التهريب مع ليبيا، حسب التقرير، كل أنواع السلع الغذائية والمحروقات والموادّ الكيميائية الخاصة بالزراعة والأسلحة والمخدرات والكحول. وتبرز البيانات الاحصائية، في ذات السياق، ان ليبيا تستورد من تونس السلع الغذائية بجميع أنواعها، إضافة إلى موادّ البناء والتنظيف، وانها تُعدّ وجهة التسويق الأقرب لمعظم المصانع في تونس فيما يُورد التجّار التونسيون من ليبيا بطرق غير قانونية موادّ بترولية وأجهزة إلكترونية ومفروشات واطارات مطاطية إضافة إلى موادّ غذائية غير ليبية المنشأ.

وقبل الفوضى العارمة التي شهدتها المنطقة كانت ليبيا من أهم شركاء تونس اقتصادياً وكانت أول شريك على الصعيد المغاربي والعربي والخامسة على المستوى الدولي (بعد فرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا).

واوضح البنك الدولي أن التهريب والتجارة غير النظامية يمثلان أكثر من نصف المبادلات التجارية مع ليبيا وأن 328 ألف طن من السلع المهربة تمرّ سنوياً عبر رأس جدير في بن قردان مع ليبيا.

ويندرج التبادل التجاري بين البلدين في إطار اتفاقية منطقة التبادل الحرّ الموقعة بينهما عام 2001 والتي دخلت حيّز التنفيذ عام 2002.

ومنذ سنة 2016 ينتظر الفاعلون الاقتصاديون تقدم الأعمال في المنطقة التجارية الحرّة، التي تتطلع الحكومة إلى إحداثها بكلفة تصل إلى 140 مليون دينار.

ويتسبب التأخر في إصلاح العلاقات الاقتصادية بين تونس وليبيا استنادا الى تقييمات العديد من المتخصصين في شؤون المبادلات الخارجية في توسع السوق الموازية وأنشطة التهريب إذ تشير المعطيات إلى أن التهريب ابتلع أكثر من 60% من النشاط التجاري بين البلدين بما يعدّ خسارة فادحة لاقتصادهما.

كما تثير بين الحين والاخر إجراءات التضييق من الحكومة الليبية على تدفق السلع المهربة عبر الحدود نحو تونس المخاوف من تصاعد التوتر الاجتماعي في مدن الجنوب التي يعيش سكانها على هذا النوع من النشاط.

للإشارة فإن المعهد العربي لرؤساء المؤسسات كان قد نشر نهاية 2019 مذكرة بينت أن ولايات الجنوب (مدنين وتطاوين وقبلي) تتذيل قائمة الولايات المستقطبة للاستثمارات وان ذلك يقلل من إمكانية احتواء ظاهرتي التهريب والتجارة الموازية فيها لكونها تعدّ مصدر الرزق الأساسي لسكانها.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING