الشارع المغاربي – توريد الخضر من مصر: إخلال في مستوى جريمة لوزارة التجارة/ بقلم: جنات بن عبد الله

توريد الخضر من مصر: إخلال في مستوى جريمة لوزارة التجارة/ بقلم: جنات بن عبد الله

قسم الأخبار

13 فبراير، 2021

الشارع المغاربي: أثار موقف وزارة التجارة وتنمية الصادرات من دخول شاحنات قادمة من مصر محملة بأطنان من منتوجات الفلفل والبصل والطماطم بتاريخ 30 جانفي 2021 والاكتفاء بالقول أن المنتوجات الموردة لا تخضع لترخيص مسبق متجاهلة بذلك الأضرار التي لحقت بالمزارعين، أثار استغراب الخبراء والمختصين في التجارة الدولية باعتبار أن النظام التجاري متعدد الأطراف قد وضع أحكاما وقواعد واستثناءات لحماية المنتوج المحلي من كل أشكال التهديد الذي تتسبب فيه عمليات التوريد التي أضحت حرة ولا تخضع لتراخيص مسبقة.

ولئن أقرت اتفاقيات التبادل الحر الخاضعة لأحكام وقواعد اتفاقيات المنظمة العالمية للتجارة مبدأ تحرير المبادلات التجارية بين البلدان الأعضاء في هذه الاتفاقيات والتخلي عن كل القيود سواء في صيغة معاليم جمركية أو في اطار نظام الحصص أو في صيغة قيود غير جمركية، فإنها اعترفت بحقوق البلدان الأعضاء في حماية اقتصادياتها من كل أشكال التهديد الذي يمكن أن ينجر عن تحرير التوريد وأقرت إجراءات حمائية مؤقتة لا تتجاوز مدة تطبيقها 200 يوم.

ما جاء عن وزير التجارة في اللقاء الذي جمعه بوفد عن الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري يوم الجمعة 5 فيفري 2021 من «أن الوزارة لا دخل لها في دخول كميات من الخضر الموردة الى السوق التونسية وأن الوزارة لم تمنح أي ترخيص لهذا الغرض لأن المنتوجات الموردة لا تخضع الى الترخيص المسبق» لا يبرر انتفاء مسؤولية الوزارة في حماية نسيجنا الاقتصادي وقطاعنا الفلاحي وذلك استنادا للبنود التي نصت عليها الاتفاقيات الثلاث التي تنظم العلاقات الاقتصادية بين تونس ومصر والخاضعة لأحكام اتفاقيات التبادل الحر للمنظمة العالمية للتجارة المتمثلة في:

– اتفاقية التبادل التجاري الحر الموقعة في 5 مارس 1998، التي تتضمن قوائم سلبية للسلع المتبادلة، ولا يلجأ إليها رجال الأعمال الآن في البلدين نظراً لاستفادتهم من الإعفاءات الكاملة الممنوحة في إطار اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى،

– اتفاقية أغادير الموقعة بين مصر وتونس والمغرب والأردن والموقعة في 25 فيفري 2004، والتي تمنح إعفاءات كاملة بين الدول الأعضاء بالاتفاقية، بالإضافة إلى مبدأ تراكم المنشآت لمدخلات السلع المتبادلة وإمكانية تصديرها إلى الاتحاد الأوروبي في إطار اتفاقيات الشراكة بين هذه الدول والاتحاد الأوروبي،

– واتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى والتي دخلت حيز التنفيذ اعتبارا من غرة جانفي 2005.

كل هذه الاتفاقيات الخاضعة لأحكام وقواعد المنظمة العالمية للتجارة منحت البلدان الأعضاء هامش تحرك لحماية الأنشطة الاقتصادية والمنتوجات المحلية بما في ذلك المنتوجات الزراعية من تهديد التوريد الحر الذي أصبح لا يخضع لتراخيص مسبقة وذلك في اطار اللجوء الى إجراءات الوقاية والحماية، وهو ما تم التنصيص عليه بالفقرة 5 في الباب الأول المتعلق بالقواعد والأسس من البرنامج التنفيذي لاتفاقية تسهيل وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية لإقامة منطقة تجارة حرة عربية كبرى والتي دعت الى «مراعاة الأحكام والقواعد الدولية ( المنظمة العالمية للتجارة) فيما يتعلق بالأسس الفنية لإجراءات الوقاية ومواجهة حالات الدعم ومعالجة خلل ميزان المدفوعات الناجم عن تطبيق هذا البرنامج».

في هذا السياق وبخصوص المنتوجات الزراعية نصت الفقرة 2 في الباب المتعلق بتحرير التبادل التجاري بين الدول الأعضاء على:» تحدد مواسم الإنتاج الرزنامة الزراعية لعدد من السلع الزراعية التي لا تتمتع فيها هذه السلع بالإعفاءات والتخفيضات من الرسوم الجمركية والضرائب ذات الأثر المماثل».

ونصت الفقرة 3 من نفس الباب على أن « تحدد الدول العربية السلع الزراعية التي ترغب في ادراجها ضمن الرزنامة الزراعية المشار اليها في الفقرة 2 أعلاه وترفع الى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للاطلاع عليها».

وبعبارة أخرى سمحت اتفاقية التبادل الحر بين تونس ومصر للسلط التونسية وتحديدا وزارة التجارة باتباع قواعد المنظمة العالمية للتجارة في مجال الحماية وتوظيف قيود على المنتوجات الزراعية الموردة المعفاة من المعاليم الجمركية بصفه ظرفية وخلال مدة المواسم، في اطار رزنامة زراعية، لحماية القطاع والمزارعين من الاضرار التي ستلحق بهم عمليات التوريد.

لقد كان من واجب الدولة ممثلة في وزارة التجارة تفعيل إجراءات الحماية المنصوص عليها في اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وتوظيف معاليم جمركية أو إقرار نظام الحصص وبصفة استثنائية على توريد المنتوجات الزراعية من الفلفل والبصل والطماطم عوض القول أنه لا دخل لها، أي الوزارة، في دخول هذه الكميات على اعتبار أن التوريد لا يخضع لترخيص مسبق.

لقد أخلت وزارة التجارة بمسؤوليتها في حماية المزارعين التونسيين والقطاع الفلاحي بصفة عامة، وما احداث لجنة وطنية مشتركة لمتابعة مستويات الإنتاج والمخزونات الا شكل أخر من أشكال التنصل من المسؤولية الوطنية باعتبار أن أحكام اتفاقيات المنظمة العالمية للتجارة واضحة في هذا الباب ولا تستحق التأويل والمراوغة حيث لجأت الدول العظمى على غرار الولايات المتحدة الأمريكية الى وضع تشريع بشأن تدابير الحماية صلب قانون التجارة الأمريكي تحت عنوان «أحكام الحماية» والتي تسمح للسلط الأمريكية المعنية ب:

– تعليق الامتيازات التجارية، ممثلة في الإعفاءات الجمركية، أو سحبها أو تعديلها مؤقتا من خلال إقرار حصص توريد أو فرض معاليم جمركية إضافية،

– أو تقديم مساعدات للصناعات أو الشركات أو العمال أو المزارعين الذين تأثروا سلبا بمنافسة المنتوجات الموردة.

في هذا السياق يقر التشريع الأمريكي أن الغاية من هذه الإجراءات ليس توفير الحماية الدائمة ضد التوريد ولكن تمكين الأطراف المتضررة من التكيف مع المنافسة التي فرضها مسار تحرير المبادلات التجارية.

ولئن اعتبرت وزارة التجارة وتنمية الصادرات أن الكميات الموردة من البصل والطماطم والفلفل ضعيفة ولا تشكل تهديدا لمواسم الخضروات، يرى المختصون في التجارة الدولية أن تونس على أبواب تصحر فلاحي سيضاف الى ما تسببت فيه اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي لسنة 1995 من تصحر صناعي.

نُشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” بعددها الصادر بتاريخ الثلاثاء 9 جانفي 2021


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING