الشارع المغاربي – إلى شيراز العتيري: لا تهتمّي بدعواتهم فصدى الصوت المشروخ لا يبلغ مداه

إلى شيراز العتيري: لا تهتمّي بدعواتهم فصدى الصوت المشروخ لا يبلغ مداه

قسم الثقافة

15 أبريل، 2020

الشارع المغاربي – نائلة الشقراوي (شاعرة): أثارت دعوة وزيرة الثقافة شيراز العتيري الى استئناف تصوير مسلسلات رمضان، ونأسف حقا لقرار رفضها النهائي امس الثلاثاء، استياء البعض ممن لديه معرفة بالقطاع والواقع الثقافي، ومن بعض “الكافرين” بالثقافة عموما ممّن يضعون الفنون خارج حكمهم الشرعي بعد أن أتوا بحجج لا تقل غرابة عن أفكارهم  وأفعالهم. حجج  متشابهة رأت في دعوة الوزيرة خرقا للحظر الصحي ومخاطرة بحياة الفنانين والتقنيين في حال أصيبوا بفيروس كوفيد 19 والحال ان السبب “بسيط “واناني لا يرتقي الى مرتبة الضرورة في هذه الفترة.

 

نسي هؤلاء أن الثقافة والفن ضرورة لفئة كبيرة من المجتمع التونسي وأنها ترتقي لديهم الى مرتبة ضرورة حياتيّة ، فما لا يرى البعض أو يتعمد تجاهله ان هناك من العاملين في هذا القطاع من ينشط مرة في السنة ليعيش مما وفره من تلك الاعمال المخصصة لرمضان . وإن مسلسلات رمضان هي الفرصة الوحيدة لديهم للعمل خاصة ان تصوير المسلسلات بتونس موسمي ويرتبط بما يسمى أعمال رمضان الفنية. ليس هذا دفاعا عن الوزيرة وانما مثلما يشتغل مليون ونصف تونسي في قطاعات حيوية توفر الدواء والغذاء والصحة والأمن للشعب في فترة الحظر هذه، بإمكان قطاع التمثيل ان يكون معنيا بهذا الاستثناء والامر متروك لرغبة الفنان والتقني في المواصلة من عدمها ولا أحد يجبر آخر على الخروج من بيته .

والغريب ان الدعوة الى إقالة الوزيرة لم تصدر من المتشددين الذين حسموا امرهم تحت قبة البرلمان حين طالب أحد النواب بضرورة تحويل اعتمادات وزارة الثقافة الى وزارة الصحة بل ممن استنكروا قرار بعض النواب وهم  من دعووا  وأمضوا عرائض تدعو لإقالتها يعيبون عليها “تهوّرها” ودعوتها في تدوينة الى إمكانية استئناف التصوير باللغة الفرنسية. وكأن اللغة الفرنسية ليست اللغة المعتمدة غالبا من الأكادميين والوزراء، فوزير الثقافة السابق محمد زين العابدين كان كثيرا ما يكتب تدويناته بالفرنسية. ولم تتعال حينها الاصوات المدافعة عن اللغة العربية بل ان الكثيرين لم يعارضوا الخروقات في سياسة الوزير السابق ولم يدع أحد الى اقالته بعدما منح جائزة النقد لمستشارته ولم نجد من يعدّ عرائض تندد بأساليب عمل الوزارة وتعاملها مع الكتاب والمنح المسداة والدعم الذي لا تتساوى فيه لا الأسماء ولا المشاريع.

وزيرة الثقافة شيراز العتيري مثلها مثل كل الوزراء تسلمت الوزارة في وقت حساس ومربك للمشاريع ولم نر من أدائها ما يجعلنا نؤمن حقا بضرورة اقالتها خاصة أن أصحاب الشأن من الفنانين لم يحسموا موقفهم من مواصلة العمل ومنهم من لا يهتم بمسألة الحظر من الناحية الصحية بل يهتم أكثر بتأثيرها على المستشهرين والعائدات المادية المرجوة من أعمالهم الرمضانية. وحتّى المناداة بإقالة الوزيرة بحجّة إمضائها سابقا بروتكول تعاون مع اسرائيل كان من الأجدى لو تمّت أثارته بجدية  قبل ان يتم عرض الحكومة على البرلمان لتبين مدى مسؤوليتها الشخصية في التطبيع خاصة أننا وقفنا على حالات تطبيع أخرى حدثت في الميدان الرياضي وتصدى الكثير للدفاع عن أنس جابر أو غيرها من المنافسين عن الألقاب العالمية والقارية ولو بمواجهة رياضيين اسرائليين.

صوت المثقف التونسي يكون عاليا اذا اختبأ وراء مطالب واهداف يعلم انها قد تكون مستحيلة في فترة ما وكأنه تعود على فكرة مصارعة المستحيل في الكتابة والتعالي عن الواقع الفعلي والركون الى الطوباوية في تفكيره مرغما لأن الواقعية لا تحتاج تنظيرا وانما معايشة للواقع في تجرد جزئي عن مثل غير عملية وصعبة التحقيق .

يجدر بنا كمثقفين ان نجد الحلول المثلى التي تساعد وزارة الثقافة في هذا الوضع على مواصلة نشاطها بالحذر اللازم دون تعطل مسيرة المبدع التونسي فلنا من الكتّاب من يعيشون على العائدات المادية للأنشطة الثقافية من ندوات ومقالات وقراءات ،هؤلاء لم ينتبه اليهم أحد لأن من يمثلهم لم يكتب عنهم في ظل غياب كلي لاتحاد الكتاب وهياكله .

يتوجب علينا ايجاد سبل حوار حقيقي مع وزارة الثقافة لطرح الاشكالات القديمة والمتجددة (النوادي ،بيت الشعر ،مدينة الثقافة،المهرجانات الشعرية ،معرض الكتاب) والفساد الإداري والمالي بها والذي لم تفتح ملفاته بعد.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING