الشارع المغاربي – وداعا شوقي الماجري..كنت كنزا من كنوز الوطن

وداعا شوقي الماجري..كنت كنزا من كنوز الوطن

قسم الأخبار

10 أكتوبر، 2019

الشارع المغاربي-منير الفلاح: فقدت السّاحة الفنيّة التونسيّة والعربيّة اليوم الخميس 10 أكتوبر 2019 المخرج التونسي شوقي الماجري …توقّف قلب مبدعنا عن النّبض اليوم فجرا في مصر ليلحق بوالدته التي فارقته منذ شهرين وصديقه الحميم نجيب عيّاد الذي ودّعنا هو أيضا منذ شهر ونيف …كأنّي بشوقي لم يطق فراقهما فتعجّل الوداع. شوقي الماجري هو مخرج تلفزيوني وسينمائي تونسي، خاض غمار العمل السينمائي بفيلمه الوحيد “مملكة النّمل” عن المقاومة الفلسطينية لكنّه قدّم أعمالا مهمّة في الدراما العربية، وأخرج عددا من المسلسلات التاريخية والمعاصرة الشهيرة أهلته لنيل عدد من الجوائز العربية والعالمية.

ولد شوقي الماجري يوم 11 نوفمبر 1961، في منطقة باب سويقة بالعاصمة وترعرع في عائلة متواضعة تتكون من تسعة إخوة كان هو أصغرهم. لم تكن أسرة شوقي الماجري تسمح له بدراسة الإخراج السّينمائي لما كان طالبا، لكن منطقة باب سويقة الشعبيّة التي كانت تزدهر فيها الحياة الثقافية وتنتشر فيها نوادي السّينما جعلته يتوق إلى عالم الفن والإبداع. وبعد نجاحه في الباكالوريا اختار التوجه لدراسة علم الاجتماع في مطلع الثمانينات، لكنه كان مهتما إلى جانب ذلك بمتابعة الأفلام وانخرط في أنشطة بعض نوادي السّينما. في أحد عروض أيام قرطاج السّينمائية التي حضرها أواخر الثمانينات شد انتباهه فيلم وثائقي عن المدرسة السّينمائية البولونية فقرر الانقطاع عن التعليم في تونس والتوجه لدراسة الإخراج في بولونيا. درس شوقي الإخراج السّينمائي على يد ثلة من المخرجين البولونيين المعروفين في المدرسة العليا للسّينما والمسرح “لودز” في بولونيا التي عرفت بالتركيز على الجوانب التقنية والجمالية والرمزية للصورة. لكن إثر عودته إلى تونس واجه ظروفا صعبة ولم يجد المناخ الذي يناسبه لتطبيق ما تعلم وليكون فاعلا في ساحة السّينما فاكتفى بتصوير أفلام قصيرة منها “مفتاح الصول” و”أورليانو” و”البريد”. ورغم ذلك لم يفقد طموحه وظل يبحث عن فرصة، حتى جاءه عرض من الفنان أيمن زيدان مدير شركة “الشام” لإنجاز مسلسل تلفزيوني عام 1998 اسمه “تاج من شوك” تم تصويره في سوريا. وفتح له ذلك المسلسل باب النجاح خلال تجربته في سوريا حيث نال عددا من العروض على الأعمال الدرامية، وتمكن من تجسيد موهبته في الإخراج والتصوير مما أوصله لدرجة العالمية وأهله للفوز بجائزة “الأيمي” المقابلة لجائزة الأوسكار عن مسلسله “الاجتياح” الذي صوره عام 2007.

خلال مشواره الفني الذي قطع أشواطه في سوريا أخرج شوقي 15 مسلسلا دراميا تاريخيا ومعاصرا وحظيت أغلب أعماله بنجاح كبير خاصة في مسلسل “أسمهان” بفضل تركيزه على رمزية الصورة وجماليتها. وفي عام 2012 خاض تجربة الإخراج السينمائي من خلال فيلمه الروائي الأول بعنوان “مملكة النمل” الذي يروي قصة معاناة الشعب الفلسطيني ودفاعه عن كرامته وحياته وتاريخه ومستقبله. وفي عام 2014 أخرج مسلسل “حلاوة الروح” عن نص للكاتب والممثل السوري رافي وهبي وهو مسلسل يتناول أحداث الربيع العربي في مجموعة من الدول ويركز على النموذج السوري. ومن أهمّ الأعمال التي قام بإنجازها شوقي الماجري عديد المسلسلات الدرامية التي تناولت في أغلبها الأحداث التاريخية. ففي عام 2004 أخرج “شهرزاد الحكاية الأخيرة” وأتبعها بـ”الطريق الوعر” عام 2005 و”الأمين والمأمون” عام 2006 و”الاجتياح” عام 2007 و”أبو جعفر المنصور” و”أسمهان” عام 2008. وفي 2012 أخرج فيلم “مملكة النمل” ومسلسل “نابوليون والمحروسة”، وفي 2014 مسلسل “حلاوة الروح”. وتحصّل بفضلها على عديد الجوائز والأوسمة ونالت جل أعماله نجاحا جماهيريا كبيرا وخاصة مسلسل “الاجتياح” الذي يصور معاناة الشعب الفلسطيني خلال اجتياح الضفة الغربية ومجزرة جنين عام 2002، وهو الفيلم الذي حصل على جائزة “إيمي أووردز” الأمريكية لأفضل مسلسل عربي عام 2007.

كما توج الراحل بعدد من الجوائز العربية منها جائزة “تايكي” الأردنية لأفضل مخرج عربي عن مسلسله “نابليون والمحروسة”، وجائزة مهرجان “أدونيا” للدراما السورية عامي 2008 و2009 عن “أسمهان” و”هدوء نسبي”.

يذكر أنّ آخر أعمال شوقي الماجري هو مسلسل “دقيقة صمت” الذي عُرض خلال رمضان الماضي وحقّق نجاحا باهرا وخلف ردود فعل كبيرة في سوريا بين مؤيّد لمحتواه ومناهض له. ويروي هذا المسلسل قصة “امير ناصر” (عابد فهد) و”أدهم منصور” (فادي أبو سمرا) اللذين يهربان من قدر الموت ويخرجان من دائرة التصفية التي دبرت لهما. وعبر حلقات المسلسل ندخل إلى حكاية مليئة بالتشويق والمفاجآت، ونذهب إلى قصة اثنين فصلت بينهما وبين المشنقة دقيقة واحدة فقط، ولكنهما تحرّرا. وكأنّي بشوقي الماجري عنون هذا العمل بـ “دقيقة صمت” لتكون ترحمّا على روحه الطّاهرة.

وداعا صديقي شوقي ورفيق دربنا السّينمائي… بلّغ تحيّة أهل السّينما الجادة والجيّدة لـ”عشيرنا”وأستاذنا نجيب عيّاد هناك… وشكرا عن كل ما قدّمت من فنّ جميل…كنت كنزا من كنوز الوطن… ورحمة على روحك.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING