الشارع المغاربي – الحكومة تُهمل الموارد الجبائية وتجري وراء سراب القروض الرقاعية

الحكومة تُهمل الموارد الجبائية وتجري وراء سراب القروض الرقاعية

قسم الأخبار

16 مارس، 2022

الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: تمت الى غاية يوم أمس الثلاثاء 15 مارس 2022 تعبئة 384 مليون دينار بعنوان الاكتتاب في القسط الأول من القرض الرقاعي الحكومي 2022 الذي بدأ في الثالث من هذا الشهر. وشهد الاكتتاب المحدد في بداية اطلاقه بقيمة 350 مليون دينار، وفق جمعية الوسطاء في البورصة، مشاركة مكثفة من قبل البنوك وشركات التأمين والصناديق الاستثمارية، رغم دعوة الأشخاص الطبيعيين إلى الإقبال على المشاركة فيه والتي بقيت جد محدودة.

ويأتي هذا الاكتتاب في سياق سعي الحكومة لتعبئة موارد مالية جد مهمة لسد ثغرة ميزانية العام الحالي والمقدرة مبدئيا بنحو 9 مليارات دينار. ومن المنتظر هذا العام إطلاق الاكتتاب في ثلاث قروض رقاعية وذلك على التوالي في جوان وسبتمبر وديسمبر بحكم أنّ الدولة التونسية تنتظر تعبئة مبلغ 1400 مليون دينار السنة الحالية علما انها لم تلجا للاقتراض الرقاعي خلال السنوات الأخيرة الا في أربع مناسبات وتحديدا ابتداء من سنة 2014.

وضبط قرار صدر عن وزارة المالية، بالرائد الرسمي بتاريخ 18 فيفري 2022، خاصيات وشروط إصدار القسط الاول من القرض الرقاعي الوطني 2022 وتاريخ فتح وغلق الاكتتاب فيه. وأشار قرار الوزارة الذي ضبط خاصيات وشروط اصدار القسط الأول من القرض الرقاعي 2022، الى ان مبلغ هذا القسط، 350 مليون دينار قابل للترفيع والى انه يمكن غلق الاكتتاب قبل تاريخ 16 مارس 2022 او التمديد فيه.

ويمكن حسب القرار الوزاري الاكتتاب في القرض الرقاعي الوطني حسب اختيار المكتتب في ثلاثة أصناف من الرقاع – سندات دين – “أ” و”ب” و”ج”. ويخصص الصنف “أ” حصريا للاكتتاب من طرف الأشخاص الطبيعيين بقيمة اسمية لكل سند حددت بـ 10 دنانير ومدة سداد بخمس سنوات منها ثلاث سنوات إمهال وبذلك يسدد أصل السندات على قسطين سنويين متساويين.

وتسدّد الفوائد سنويا بحلول الأجل وبنسبة فائدة اسمية ثابتة تقدر بنسبة 8.80 بالمائة سنويا تحتسب على القيمة الاسمية المتبقية من كل سند في بداية كل فترة يتم بعنوانها دفع الفوائد او بنسبة فائدة متغيرة، أي نسبة السوق النقدية (المصرح بها من طرف البنك المركزي التونسي)، مع إضافة 2.40 بالمائة خام سنويا تحتسب على القيمة الاسمية المتبقية من كل سند في بداية كل فترة يتم بعنوانها دفع الفوائد.

ويمكن للتونسيين غير المقيمين الاكتتاب واقتناء سندات القرض بواسطة الخصم من حساباتهم الأجنبية المفتوحة لدى البنوك بالعملة او بالدينار القابل للتحويل او عن طريق تحويل بنكي من الخارج، ويتمتع أصحاب هذه السندات بحرية التحويل للأصل والفوائد طبقا لقانون الصرف.

ويثير لجوء الدولة المفرط إلى القروض الرقاعية عبر الاكتتاب الوطني عدة تساؤلات بخصوص جدوى هذه الالية التمويلية سيما ان استخدامها يجري بشكل مفرط ومكلف علما أنّ سعر الفائدة على هذه القروض يرتفع باستمرار ليصل حاليا إلى 9 بالمائة علاوة على أنّ هذه الأموال تستخدم فقط لتمويل النفقات العامة دون رصد لاعتمادات تمكن من خلق الاستثمار بما يضمن تنمية هذه الأموال وعدم إهدارها.

عموما تحتاج تونس، وفق تقرير ميزانية الدولة لسنة 2022، وفي إطار خطة للاقتراض الداخلي الى اصدار قرض رقاعي وطني لتعبئة 1400 مليون دينار ورقاع خزينة 52 أسبوع لتوفير مبلغ 800 مليون دينار. وتعوّل الحكومة في إطار عمليات الاقتراض الداخلي، كذلك، على رقاع الخزينة القابلة للتنظير لتعبئة 3650 مليون دينار وإصدار القرض البنكي بالعملة لتعبئة 1481 مليون دينار.

يذكر ان سعي الحكومة الحالية بشكل مكثف للتداين الداخلي – وهو ما يرفضه بوضوح البنك المركزي التونسي – أصبح يشكل منذ مدة معضلة تبرز سوء التصرف في تعبئة موارد الدولة القائمة حصرا على المديونية وتشديد الضغط الجبائي الذي سيرتفع من 24.4 بالمائة سنة 2021 إلى 25.4 بالمائة خلال سنة 2022، وذلك بالأساس عبر اللجوء الى مزيد الاقتطاعات من المداخيل الضعيفة للفئات الاجتماعية الوسطى والفقيرة مقابل تقديم امتيازات جبائية لأصناف أخرى ميسورة الحال من “دافعي الضرائب” والتفريط في موارد هامة متأتية من الخطايا الديوانية أو الجبائية حيث نصّ قانون المالية على التخلّي عن خطايا التأخير وخطايا الاستخلاص ومصاريف التتبع المتعلقة بالديون الجبائية وإعادة جدولة هذه الديون لفترة تصل الى خمس سنوات وهو ما يعد فعليا تشجيعا على التهرب الضريبي.

كما تمّ التخلي عن الخطايا الديوانية بنسبة تتراوح بين 90 و95 بالمائة. وقد مكّنت أحكام الميزانية المؤسسات المصنفة “مصدّرة كليّا” من الترفيع في نسبة التسويق المحلي لمنتجاتها من 30 الى 50 بالمائة مع احتفاظها بكل الامتيازات المالية والجبائية. سخاء الدولة شمل لوبيات التجارة الموازية والتهريب عبر تحريرها من كل الأداءات والمعاليم والخطايا بمجرد إيداع أصحابها مبلغ مالي في حساب بنكي أو بريدي ودفع ضريبة تحررية بـ 10 بالمائة من المبلغ المذكور.

ويكشف، بالتوازي مع ما سبق، تقرير وزارة المالية حول النفقات الجبائية والامتيازات المالية، الملحق بقانون الماليّة لسنة 2021، أنّه تمّ منح امتيازات جبائيّة سنة 2019 بقيمة 4712 مليون دينار أي ما يعادل 11.15 بالمائة من ميزانية الدولة لتلك السنة، ليتمتّع بعض أصحاب المؤسسات خصوصا في القطاع الصناعي وعدد من وكلاء بيع السيارات بأكثر من نصفها. كما يكشف التقرير السنوي العام الثاني والثلاثون الصادر عن محكمة المحاسبات بتاريخ 12 فيفري 2021، أنّ قيمة بقايا الديون الجبائية المثقلة وغير المستخلصة، والتي تمثل مستحقات الدولة لدى المطالبين بالأداء بلغت إلى حدود نهاية ديسمبر 2019 ما قيمته 10252 مليون دينار فيما لم تتجاوز نسبة استخلاص هذه الديون 8.1 بالمائة خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2013 و2019.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING