الشارع المغاربي – صلح جبائي على المقاس لصالح المُتهرّبين: عندما تناقض السلطة نفسها

صلح جبائي على المقاس لصالح المُتهرّبين: عندما تناقض السلطة نفسها

قسم الأخبار

27 يناير، 2022

الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: اقرت وزارة المالية حسب بلاغ نشر اليوم الخميس 27 جانفي 2022 عفوا جبائيا يشمل الافراد الذين يتحوزون مبالغ مالية متأتية من أنشطة غير مصرح بها بما يمكنهم من الحصول على إبراء ذمة جبائي في حدود المبالغ المصرح بها شريطة دفع ضريبة تحررية أي مسقطة للتتبع بنسبة 10 بالمائة من تلك المبالغ. ويكون الانتفاع بهذا الإجراء من خلال إيداع تلك المبالغ بحساب بنكي أو بريدي وتقديم مطلب تسوية في اجل محدد.

كما يشمل العفو كل من تخلدت بذمته ديون جبائية مضمنة في قرارات توظيف اجباري بمقتضى أحكام قضائية تتعلق بنزاعات حول أصل الأداء بما يخول الانتفاع بالتخلي عن خطايا التأخير وخطايا الاستخلاص ومصاريف التتبع وذلك شريطة اكتتاب روزنامة دفع وتسديد المبالغ المتخلدة مع إمكانية تقسيطها. اما في ما يهم من تعلقت بهم مخالفات جبائية ادارية مثقلة بمعنى اتصالها بخطايا تأخير فيمكنهم الانتفاع بالتخلي عن 50 بالمائة من مبلغ الخطايا والعقوبات المالية ومصاريف التتبع وذلك شريطة اكتتاب روزنامة وتسديد المبالغ المتخلدة على أقساط.

وأقرت وزارة المالية، في ذات السياق، لأصحاب التصاريح الجبائية بما في ذلك العقود والكتابات والتصاريح المتعلقة بمعاليم التسجيل التي حل اجلها بانه يمكنهم الانتفاع بالتخلي عن الخطايا المتعلقة بإيداع تلك التصاريح أو التصاريح التصحيحية المتعلقة بها شريطة ايداع التصاريح المعنية ودفع الأداء المستوجب. وجرى التشديد على أن ينتفع كل مدين يلتزم بتسديد الأقساط المستوجبة في آجالها بتعليق اجراءات التتبع.

ولا تعتبر في الواقع هذه الإجراءات جديدة اذ تضمن كل من قانون المصالحة الاقتصادية لسنة 2017 ومشروع قانون الانعاش الاقتصادي لسنة 2020 والذي قدمته الكتلة البرلمانية المجمدة لحزب قلب تونس إجراءات تخص العفو الجبائي، علما أنّ الرئيس السابق بن علي كان يصدر أوامر العفو الجبائي في كل المناسبات الانتخابية والاحتفالات باستقلال تونس، في سياق تقديم الإجراء كنوع من الهدية من طرف السلطة لعدد من المتهربين من الضرائب، علما انه لا وجود تقريبا لدراسات تقييمية جادة حول نجاح إجراءات العفو الجبائي ومستويات انخراط الأشخاص فيه. وبشكل عام، فان سن إجراءات العفو الجبائي التي غالبا ما تكون على مقاس أطراف مالية معينة هو امر مجانب تماما لمبادئ العدالة الجبائية التي ما انفك الرئيس قيس سعيد ينادي بتجسيمها.

في جانب اخر يعتبر قرار الفصل 66 الفصل الذي اقرت اليوم بمقتضاه وزارة المالية اجراء العفو الجبائي هو فصل معقّد من ناحية الاستنتاجات والتأويلات رغم ان الأصل في مادة الجباية أن يكون القانون واضحا، سيما أنّ اجراء العفو الجبائي في هذا الظرف يمثل قرارا سياسيا بامتياز باعتبار ان وزارة المالية مضطرّة في ظل انعدام هوامش مناوراتها إلى هذا التمشي نظرا لبحثها عن التوازنات المالية للميزانية.

ويتبيّن بوضوح أنّ بنود العفو الجبائي تتضمن عدّة محاور وان الفصل 66 هو بشكل فعلي فصل مصالحة وليس عفوا جبائيا. كما انه وفي قوانين العفو الجبائية السابقة لم يصدر أي فصل بهذه الصيغة، بحكم أنّه أضحى من الصعب التفريق بين الأموال المتأتية من نشاط قانوني وأخرى متأتية من نشاط غير قانوني.

وبالرجوع إلى العشرية الأخيرة فإنّه لم يطرأ أي تغيير على قوانين المالية التي تحمل باستمرار نفس الخلفية ونفس التوجهات في سياق تحول نصف الاقتصاد التونسي الى اقتصاد مواز. كما ان إجراءات قانون المالية بشكل عام في واد وخطاب الرئيس في واد ثان، بحكم ان احكامه لا تقوم على مساعدة الطبقات الكادحة وتلك التي أُثقل كاهلها بدفع الضرائب وفق ما دأب الرئيس على تأكيده.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING