الشارع المغاربي – على وقع أزمة الخبز: هل مازال ديوان الحبوب قادرا على توفير الفارينة والسميد ؟ (معطيات محاسبية)

على وقع أزمة الخبز: هل مازال ديوان الحبوب قادرا على توفير الفارينة والسميد ؟ (معطيات محاسبية)

قسم الأخبار

23 مايو، 2023

الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: يبرز الايضاح الرابع للقائمات المالية للبنك الوطني الفلاحي بعنوان سنة 2022، وفق التقرير العام لمراقبي الحسابات، ان ديون ديوان الحبوب للبنك الوطني الفلاحي بلغت نهاية السنة 4768.1 مليون دينار وهو ما يمثل حوالي 27 من إجمالي القروض الممنوحة من قبل البنك للحرفاء علما ان هذه الديون قابلة لإعادة التمويل مباشرة لدى البنك المركزي التونسي بما قدره 1958.1 مليون دينار.

ويعيش عدد من الولايات على وقع ازمة حادة في التزود بالخبز وكانت هذه الازمة محور لقاء جمع رئيس الجمهورية بوزيرة التجارة ثم بوزير الفلاحة . ويعد ديوان الحبوب اهم عناصر الازمة .

وشهدت ديون الديوان العام الفارط ارتفاعا بقيمة 827.2 مليون دينار (+21 بالمائة) مقارنة بمستواها في 31 ديسمبر 2021 لتسجل بذلك تجاوزا كبيرا للحد الأقصى المسموح به قانونا والذي يقدر بنسبة 25 بالمائة من صافي رأسمال البنك، وذلك وفقا لمقتضيات الفصل 51 من منشور البنك المركزي التونسي عدد 06-2018 المؤرخ في 5 جوان 2018.

وقد أثر تمويل البنك الوطني الفلاحي لديوان الحبوب – حسب تقرير مراقبي الحسابات – بشكل كبير على سيولة البنك التي كانت سلبية نهاية 2022 وذلك في حدود -4545.4 مليون دينار مقارنة ب – 3417.1 مليون دينار أواخر 2021.

وتبين القائمات المالية للبنك كذلك ان مستحقات الدعم التي لم تصرف للديوان من قبل الخزينة العامة للدولة ناهزت في 31 ديسمبر 2022 ما قدره 2385.1 مليون دينار وان ضمان الدولة الممنوح للبنك الوطني الفلاحي بعنوان تغطية ديون ديوان الحبوب يبلغ 4768.1 مليون دينار وهو ما يعني ان كلفة مخاطر اقراض البنك الوطني الفلاحي للديوان مغطاة بالكامل من قبل الدولة بموجب ضمان تعاقدي.

في المقابل، يقدر التقرير الذي أصدرته مؤخرا وزارة المالية حول المنشآت العمومية والمرفق بقانون المالية لسنة 2023 ان الأموال الذاتية لديوان الحبوب سلبية (-1950.7 مليون دينار) وهو ما يعني ان المؤسسة استنفدت بالكامل راس مالها ومدخراتها مما يجعلها فاقدة حسب المعايير المحاسبية التونسية للملاءة المالية وللقدرة على مواصلة نشاطها مما يجعلها في حالة عجز هيكلي على تزويد المطاحن بمادتي الفارينة والسميد التي تحتكر التصرف فيها.

وقدرت وزارة المالية، في تقريرها خسائر ديوان الحبوب موفى سنة 2021 بنحو 477.4 مليون دينار بتراجع بلغت قيمته 136.8 مليون دينار بالمقارنة مع سنة 2020، ويعود ذلك الى انخفاض نتيجة الاستغلال بنحو 55.2 مليون دينار (- 268.4 بالمائة)، من جهة والى ارتفاع الأعباء المالية بقيمة 81.2 مليون دينار (+21.3 بالمائة)، من جهة اخرى.

من جانب اخر، بلغت، حسب بيانات الوزارة، مديونية الديوان للدولة 1009.4 مليون دينار وذلك بالنسبة لسنوات 2019 – 2020 – 2021 في حين ناهزت ديون المؤسسة سنة 2021 تجاه البنوك المحلية 3223.5 مليون دينار و400.3 مليون دينار لدى المزودين ليبلغ اجمالي مديونية الديوان 4633.2 مليون دينار. في المقابل، لم تتجاوز استثمارات الديوان في 2021 ما قدره 6 ملايين دينار وذلك بعنوان انجاز مشاريع لم تنفذ في العام السابق ولم يتم الكشف عن نوعيتها.

واكدت وزارة المالية في ذات السياق أن تحليـل الوضعيـة المالية لديوان الحبوب يبرز مستوى عاليا للمخاطر وهو ما يرجع بالخصوص الى ارتفاع حجم ديونه التي زادت بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة اذ ارتفهت في 2020 بنسبة 133 بالمائة مقارنة بسنة 2018.

ويواجه ديوان الحبوب مخاطر مالية بحكم تزويده السوق بمادة أساسية مدعمة حسب التقرير الوزاري الذي شدد على أن المخاطر العالية متأتيـة بالأساس من عدم حصول الديوان على مستحقاته بعنوان دعم منظومة الحبوب في الآجال وعدم مراجعة سـعر البيـع لتغطيـة الفـارق الحاصـل بيـن الدعـم المتحصل عليـه وكلفـة الشـراء ووجـود فـارق بيـن آجال الدفـع والخلاص بالإضافة إلى لجوئـه للتدايـن قصيـر المدى لشـراء السـلع ممـا أفضى إلى تطـور الأعباء المالية والمكشوفات البنكيـة.

يذكر ان البنك الدولي، كان قد أكد في سبتمبر الفارط انه يتعين على تونس اصلاح منظومة دعم الحبوب المكلفة على مستوى الدعم المباشر والتوريد لضمان صلابة النظام الغذائي، علما ان هذه الاصلاحات الحساسة سياسيا واجتماعيا تتطلب دراسة معمقة وجدولة لمواعيد تنفيذها.

واوضح البنك في تقرير حول الظرف الاقتصادي بتونس بعنوان “إدارة الازمة في وضع اقتصادي مضطرب”، أن تونس وضعت منذ عقود سياسة دعم قائمة على المحافظة على أسعار عدة منتوجات، تعد ذات أولوية، دون أسعار السوق على امتداد كامل سلسلة الانتاج والتحويل وصولا الى المستهلك مشيرا الى ان قيمة الدعم المخصص للحبوب في تونس ارتفعت من 730 مليون دينار سنة 2010 الى 2569 مليون دينار سنة 2020 مع ارتفاع مستمر للطلب الداخلي وذلك رغم تطور الأسعار في السوق الدولية.

وزادت حدة هذا الارتفاع مع تفجر الاسعار في السوق العالمية جراء الحرب في اوكرانيا وفق البنك الدولي الذي توقع ارتفاع قيمة الدعم المخصص للحبوب سنة 2022 بنسبة 63 بالمائة ليصل الى 3.6 مليار دينار.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING