الشارع المغاربي – ما لـم تتدبّره بإرادتك فُرض عليك! لا لبعث هيئة لإدارة الدين العمومي/ بقلم: عز الدين سعيدان

ما لـم تتدبّره بإرادتك فُرض عليك! لا لبعث هيئة لإدارة الدين العمومي/ بقلم: عز الدين سعيدان

قسم الأخبار

11 يونيو، 2021

الشارع المغاربي: ما لم تتدبّره بإرادتك فُرض عليك”. تكتسي هذه الحقيقة دلالة أبلغ وخطورة أكبر عندما يتعلق الأمر بالدولة وخصوصا بالمالية العمومية. فلدّين العمومي علاقة مباشرة بسيادة الدولة. وفي ظروف عادية تتداين الدول لتمويل الاستثمارات العمومية ولدفع نموّها الاقتصادي. لكن عندما تتداين دولة لتمويل نفقات عادية فإنها تنخرط في مسار يعرّض طاقتها على تحمل ديونها للخطر. وبالتالي سيادتها. وفي كل الأحوال على الدولة أن تتدبّر إدارة ديونها حتى لا تعاني من تبعاتها وحتى لا تواجه مصاعب… حتى لا تجد نفسها مُجبرة على استجداء المساعدات والقروض وحتى لا تجد نفسها مكرهة على الدفع بالبلاد في مسار إعادة جدولة ديونها الخارجية وهو مسار شاق ويمسّ مباشرة من كرامة وسيادة البلاد.

وتدبّر إدارة الدين يقتضي إلماما كاملا به في أدق تفاصيله وخصائصه. كما يتطلب ذلك إعداد استراتيجية تداين وخطط قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى. يجب كذلك ضبط حجم الدين ومعرفة بأية عملة نتداين وعلى أي مدى وبأي ثمن. يجب أيضا معرفة بأية نسبة فائدة (قارة أو متغيرة) نتداين وكيف نتدبّر إدارة الدين زمنيا وكيف ننتقل من عملة إلى أخرى… كما يجب متابعة الدين في السوق المالي الثانوي إلخ…

فمنذ عام 2011 شهد الدين التونسي ولا سيّما الدين الخارجي تفجّرا تاما دونما أية محاولة لإدارته.

بل هو فرض نفسه… منذ 2011 وخصوصا بين عامي 2017 و2019 أفرطت الحكومات في التداين لتمويل نفقات شعبوية مواصلة بذلك سعيها لتحقيق أهداف سياسية محضة دون أي اعتبار ولا أي احترام لمصالح البلاد.

النتيجة حاضرة أمام عيوننا اليوم اذ باتت تونس في وضعية تداين مفرط… أصبحت ديونها لا تطاق وخفّضت وكالات الترقيم ترقيم تونس السيادي 8 مرات منذ 2011 وكل هذا يثبت أنه لم تتم الى حد اليوم إدارة شأن ديون تونس وأنها فرضت عليها.

أمام هذه الوضعية تعددت الاقتراحات ببعث وكالة تونسية… تونسية 100 ٪ وعمومية 100 ٪ لادارة شأن ديون تونس تحديدا وتجنب تحولها الى واقع مفروض على البلاد.

لك أن يصل الأمر الى مطالبة الوزير الأول الفرنسي خلال زيارته الأخيرة لتونس بأن تتولى بلاده مساعدة بلادنا على بعث الوكالة المذكورة عبر وضع فرنسا خبراتها الفنية فهذا مرفوض والجواب هو لا. فتونس تملك كفاءات ممتازة في هذا القطاع وزيادة على ذلك يتعلق الأمر بأسرار الدولة ولا وجود لأي سبب لإشراك دولة أجنبية بأي شكل من الاشكال في إدارة شؤون الدولة التونسية. فالأمر يتعلق بسيادة تونس.

إن التونسيين لم ينسوا بعد “الكومسيون المالي” الذي فُرض على تونس عام 1881 وتبعاته بالنسبة لسيادة تونس.

ملاحظة : تونس في حاجة أيضا لأن تبعث بقُدراتها الخاصة وكالة عمومية تونسية لادارة مساهمات الدولة في المؤسسات المالية وغير المالية.

نُشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” في عددها الصادر بتاريخ الثلاثاء 8 جوان 2021


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING