الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: وفقا لمصادر موثوقة، اتخذ مجلس إدارة البنك العربي لتونس المنعقد الجمعة 24 جوان الجاري قرارا يقضي بعزل احمد رجيبة موقع المدير العام للبنك وهو قرار منتظر منذ مدة بعد تسجيل البنك نزيف مالي كبير وخسائر غير مسبوقة العام الفارط. وقد راجت اخبار بتعويضه بعدة أسماء على غرار لطفي الدبابي مدير عام بنك قطر الوطني وجعفر ختاش مدير عام صندوق ضمان الودائع البنكية واشخاص اخرين الا ان مجلس الإدارة الذي يملك فيه حصة التصويت الأهم مساهمو مجموعة البنك العربي الأردنية اختار على الأرجح تجنب تسمية أطراف محسوبة على جهات سياسية، وعرفت هي الأخرى بتسجيل الخسائر رغم ارتفاع اجورها ليستقر الراي على تكليف أحد إطارات البنك وهو رياض الحجاج المدير المركزي للتدقيق والتفقد بمهام المدير العام الجديد.
وللإشارة فقد أتى تغيير المدير العام احمد رجيبة بعد تسجيل البنك العربي لتونس خسائر قياسية وتراجع عام لمؤشرات النشاط علاوة على تصنيف البنك في اعلى درجات المخاطرة.
فرغم ما حقق قطاع البنوك المدرجة بالبورصة من نتائج ايجابية شهد البنك العربي لتونس أكبر النتائج السلبية في القطاع وهو ما طرح بشكل عاجل إنقاذه وتدارك خسائره في سياق تطوير نشاط الاستغلال ودعم ركائزه المالية.
وفي هذا الاطار ووفقا للبيانات المفصح عنها، فقد سجل البنك العربي لتونس وهو الذي يساهم في راس ماله البنك العربي بنسبة 64.24 بالمائة نتيجة صافية سلبية سنة 2021 تقدر بـ 68.5 مليون دينار مقابل ارباح ناهزت 8.2 مليون دينار في 31 ديسمبر 2021 .
وتكشف معطيات القائمات المالية للبنك ومؤشراته المنشورة بتقرير التصرف لسنة 2021 بموقع هيئة السوق المالية تراجع قائم ودائع واموال الحرفاء من 5970 الى 5902 مليون دينار خلال الفترة ديسمبر 2020 – ديسمبر 2021 مما يعادل نقصا قيمته 68 مليون دينار تعلق اساسا بالودائع لأجل (- 188 مليون دينار) وبدرجة اقل بالودائع عند الطلب (- 10 مليون دينار). في جانب اخر، تراجع مؤشر العائد على الاموال الذاتية بشكل لافت الى 12.33 بالمائة سلبي رغم الترفيع فيها في سنة 2021 بـ 70 مليون دينار ونزل كذلك مؤشر مردود الاصول طيلة الفترة 2020 2021-من0.11 بالمائة الى 0.89 سلبي. كما هبط مؤشر السيولة بصفة ملحوظة في حين ناهز مؤشر الملاءة المالية 12.25 بالمائة وذلك بالتوازي مع تسجيل ارتفاع نسبة الديون المشكوك في استخلاصها والتي هي محل نزاع مقارنة بإجمالي قائم محفظة الديون.
وأتت هذه النتائج على وقع ما أكدته في 10 افريل الفارط وكالة فيتش للتصنيف الائتماني من وضع التصنيف طويل المدى للبنك العربي لتونس عند “ب سلبي” مع افاق مستقبلية سلبية. وصنفت فيتش، في ذات السياق، البنك من حيث الجدوى في خانة “س س س” (وضعية مخاطر عالية) مبينة في تقرير أصدرته للغرض ان هذا الترقيم الذي يعتبر من بين الاضعف على مستوى تصنيفاتها للبنوك التونسية، يعكس مستوى ارتفاع الخسائر واعتبار قيمة الديون المشكوك في استردادها وحجم الأموال الذاتية والهوامش المتاحة للترفيع فيها. وفسرت الوكالة تصنيفها بالظرف التشغيلي للبنك غير انها أوضحت ان دعم الشركة الام وهي البنك العربي ومقرها في الأردن يبقى مهما واستراتيجًيا للبنك بحكم وزنها في راس مال البنك كمساهم مرجعي.
يذكر ان احمد رجيبة كان قد عين مديرا عاما للبنك العربي لتونس في 30 ماي 2019 وهو مساعد رئيس فرع ورئيس فرع سابق بذات البنك بعد ان كان مديرا عاما لبنك الإسكان من نوفمبر 2013 الى ماي 2019 وهي فترة اتسمت برسملة البنك العمومي بقيمة 110 مليون دينار لتدارك نقص الأموال الذاتية وتحسين مؤشرات البنك وتلافي خسائره المقدرة بنحو 250 مليون دينار.
غير ان نسق تطور مؤشرات بنك الإسكان بدا في التراجع منذ 2017 سيما على مستوى مجموع الموازنة والناتج البنكي الصافي الذي هبط نسق نموه من 18 بالمائة بين 2017 و2018 الى 8 بالمائة بين 2018 و2019. وتراجع نسق نمو الودائع كذلك من 10 الى 5 بالمائة فضلا عن انحسار نسق ازدياد الأرباح من 18 الى 4 بالمائة ولم يحقق بنك الإسكان اهداف رسملته حيث لم تتجاوز مردودية الأصول 1.16 بالمائة في 2019 مقابل 1.01 بالمائة في 2015.
وبقيت طيلة فترة تواجد احمد رجيبة كمدير عام لبنك الإسكان الديون المصنفة في مستوى عال (12.5 بالمائة في 2019) مع نسبة تغطية بالمدخرات لا تتجاوز 76.4 بالمائة. كما بقيت الملاءة المالية ضعيفة ولم تتجاوز 10.97 بالمائة.
نشر بأسوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 28 جوان 2022