الشارع المغاربي : “محرزية” … مواطنة فرنسية تونسية الأصل، عنوان نجاح امرأة راهنت على المظاهر الخادعة لتتسلّق أعلى مراتب السلّم الوظيفي بالمؤسسة التي تعمل بها رغم جهلها القراءة والكتابة !
قصّة نجاح هذه الأميّة نقلتها صحيفة “لوموند” الفرنسية على لسان صاحبتها دون أن ترفقها بصورة لها لأسباب مفهومة.
تتذكّر محرزية التي باتت في الثالثة والخمسين من العمر يوم حصولها على عمل بفضاء تجاري كبير (سوبرماركت) يقع بأحد أحياء باريس لما كانت في السابعة والعشرين من العمر قائلة بزهو: “لقد كذبت منذ البداية وزعمت أنني حاصلة على شهادة كفاءة في البيع… ومن حسن حظي أن ادارة السوبرماركت لم تطلب مني يوما الاستظهار بالشهادة”، معترفة بأنها أمّية لا تعرف الكتابة ولا القراءة.
وتقول “لوموند” : “انقطعت محرزية عن الدراسة بإحدى ضواحي تونس العاصمة في سن الـ11 سنة لمساعدة والدتها على القيام بشؤون المنزل… وفي سنّ الـ 19 سنة حلّت بفرنسا بطلب من شقيقتها التي وعدتها بتمكينها من دروس ليلية مقابل رعاية أطفالها… وعد لم يتحقق البتّة… وبعد سنوات تزوّجت محرزيّة بأول رجل تعرّفت عليه مثلما أسرّت بذلك، مضيفة :” كان شرطي الوحيد أن يسمح لي بالدراسة”.
لكنّ حظّها العاثر – تضيف الصحيفة – حال دون ذلك بعدما تحوّلت حياتها الزوجية الى جحيم من اعتداءات بالعنف وخصومات وصلت الى درجة حبسها بالمنزل لتقرّر محرزية هجرة زوجها.
وتتابع “لوموند”: ” بعد قبولها للعمل بالسوبرماركت لم تكن محرزية تتصوّر أن تتولّى مسؤوليات به إذ كانت تعمل تارة بائعة بأحد الأجنحة ومرّة كقائمة على الخزينة وأخرى كرئيسة جناح لتجد نفسها في ظرف أشهر بمنصب يتطلّب من صاحبه حيازة شهادة لا تقلّ عن 4 سنوات من الدراسات الجامعية.
وعن ذلك تنقل الصحيفة عن محرزية قولها: “لم تكن المسألة عويصة فقد اهتديت الى الأزرار التي كان يجب عليّ الضغط عليها وكنت كل يوم أكرر نفس الحركات”.
ونقلت “لوموند” عن محرزيّة أنها للتصرّف في مخزون السوبرماركت كانت يوميا تدسّ سرّا دفتر محتويات سلعه بحقيبتها وتعود به الى المنزل ليقرؤه لها أصدقاؤها حتى تعرف ما تطلب في الغد… وكشفت انها شغلت طيلة عدة أشهر خطّة نائب مدير السوبرماركت معتبرة ان الامر كان بسيطا وأنه لم يكن مطلوبا منها سوى الإمضاء على الفواتير أو بعض الوثائق معترفة بأن أشدّ ما كانت تخشى طوال هذه السنوات موعدي التكوين اللذين قالت انّهما كانا ينتظمان شهريّا قائلة في هذا الصدد: “كنت أشعر أنني مريضة قبل حضورهما بفعل هاجس اكتشاف جهلي القراءة والكتابة”.