الشارع المغاربي – من السرّية الى الخطوط الحمراء : كيف تتمّ المكالمات الهاتفية بين الرؤساء؟

من السرّية الى الخطوط الحمراء : كيف تتمّ المكالمات الهاتفية بين الرؤساء؟

قسم الأخبار

10 يوليو، 2022

الشارع المغاربي-قسم المنوعات:أثار نشر إذاعة “فرانس 2” نص مكالمة هاتفية بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الروسي فلاديمير بوتن قبيل اندلاع الحرب بين موسكو وكييف، غضبا روسيا وردود فعل واسعة.

المكالمة التي جرت يوم 20 فيفري الماضي، أي قبل اندلاع الحرب بأربعة أيام، وُصفت بأنها المكالمة الأخيرة قبل اللجوء إلى الخيار العسكري وتضمنت رد بوتن على عرض نظيره الفرنسي، الخاص بعقد قمة مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، قائلا “لا أخفيك، أريد أن ألعب هوكي الجليد وها أنا، أتحدث إليك من صالة الرياضة”.

وليست هذه المرة الأولى التي تتهم موسكو فيها باريس بتسريب تفاصيل مكالمات هاتفية بين القادة، إذ سبق لصحيفة “لوموند” الفرنسية أن نشرت عام 2020، مباحثات بين بوتن وماكرون بشأن المعارض الروسي أليكسي نافالني.

واعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نشر نص المكالمة بين بوتن وماكرون قبل الهجوم الروسي على أوكرانيا بأنه “انتهاك للبروتوكول الدبلوماسي”.

قواعد.. وإجراءات

لا يبدو إجراء المكالمات الهاتفية بين القادة والرؤساء بالأمر العشوائي، بل يخضع للعديد من الخطوات الضرورية لتسهيل إتمام المحادثات الهاتفية بنجاح، وتجنب أية مفاجآت غير سارة أو سوء الفهم بين الجانبين، وصولا إلى دخل طرف ثالث على خط المكالمة، ومن ثم فإن تلك المكالمات تمر وفق بروتوكولات شديدة الحزم والخصوصية، مع ترتيبات خاصة تختلف عن إجراءات مكالمات بين شخصين كالمعتاد.

ووفق ستيفن ييتس، الذي عمل نائبا لمستشار الأمن القومي ونائب الرئيس الأمريكي السابق، فإنه عندما تكون هناك علاقة راسخة بين بلدين، يكون الأمر بسيطا باتصال العاملين في مراكز الاتصال الرئاسية، بنظرائهم في البلد الآخر، لطلب تحديد موعد لاتصال بين الرئيسين.

أما إذا لم تكن العلاقات وثيقة بالقدر الكافي بين البلدين، فيتولى سفير إحدى الدولتين تقديم التماس باسم رئيسه، وبعد ذلك يتولى الطرفان التحضير، ويتم إيضاح الأسباب ومدى ضرورة الحديث الهاتفي، وتقوم إدارتا الزعيمين بالتنسيق بشأن موعد محدد للاتصال الهاتفي.

وأشار ييتس إلى أن هناك إجراءات ضرورية تسبق إتمام الاتصال الهاتفي، مبرزا أن زعيم كل دولة يتلقى المعلومات الكافية من مساعديه.

وعلى سبيل المثال، يزود مجلس الأمن القومي الرئيس الأمريكي بملف متكامل يحيطه فيه بشؤون الأمن والسياسة الخارجية ذات العلاقة مع الدولة التي سيتحدث إلى رئيسها.

 وتفرق إدارات المراسم والبروتوكول في المؤسسات الرئاسية بين طبيعة الاتصالات التي تجرى على مستوى القادة. فإن كان تشريفيا فإن ملف الاتصال يتضمن معلومات شخصية عن أحوال الطرف الآخر، كما يذكر من طلب أولا الاتصال، إضافة إلى اقتراحين أو بضع مسائل يتناولها الاتصال الهاتفي.

هذا خلافا للمحادثات التي تجرى على مستوى أكثر حساسية أو تتطرق لمواضيع أكثر تعقيدا. وفي الحالة الأمريكية يحصل الرئيس الأميركي على معلومات إضافية بشأن تلك القضية، ويستمع أعضاء مجلس الأمن القومي إلى حديث الزعيمين.

شروط صارمة

وينقل موقع “سكاي نيوز” عربية عن المحللة الأمريكية المختصة في شؤون الأمن القومي، إيرينا تسوكرمان أن لإجراء المكالمات بين الزعماء والرؤساء اشتراطات صارمة، وأنه لا يُفترض أن يتم الإعلان عن تلك المكالمات الخاصة خارج ما يُتفق عليه، أو مشاركتها مع أي شخص على الإطلاق.

وأوضحت توسكرمان أن الأزمة الراهنة مُحرجة لروسيا أكثر منها لفرنسا، بسبب طبيعة حرب المعلومات العالمية، معتبرة أن التسريب يضرها لأنه يناقض روايتها حول “نزع النازية” عن أوكرانيا، وما تراه تهديدا لأمنها القومي.

وأضافت: “تحاول روسيا استخدام خرق البروتوكول لتقويض مصداقية ماكرون، لأن هذه المكالمة كانت خاصة وغير قابلة للنشر، ولم يكن من المفترض أن يتم الإعلان عنها، مما يجعل من الصعب على الرئيس الفرنسي تقديم نفسه كطرف وسيط محايد بثقة من بوتين”.

وتعتقد الخبيرة الأمريكية أن تأثير هذه المكالمة المُسربة سيكون مؤقتا ومحدود النطاق والمدة.

الخط الأحمر

 من جانبه، يقول رضا حسن الدبلوماسي المصري السابق الذي عمل مساعدا لوزير الخارجية إن المكالمات الهاتفية بين القادة تجرى عن طريق ما يطلقون عليه “الخط الأحمر”، وانه يكون هناك خط ساخن مباشر بين الزعماء، ويقوم المكتب الخاص بكل رئيس بترتيب إجراءات المكالمة بروتوكوليا، ليتحادث القادة مباشرة مع بعضهما البعض.

وشدد حسن على أن هذه الاتصالات تكون مؤمنة وسرية إلى حد كبير، إلا إذا اتفق الطرفان على إذاعة ونشر المضمون أو الخطوط العريضة له.

وأضاف: “إذا كانت هناك نقاط خلاف حادة، يلجأ أحد الأطراف إلى تسريب المكالمة عن عمد متضمنة نقاط الخلاف، والانفعالات التي حدثت خلال المكالمات يخدمه وهذا ما حدث في الأزمة الأخيرة بتسريب 9 دقائق كاملة من الاتصال الهاتفي بين ماكرون وبوتين”.

وأشار إلى أنه كان هناك توترا مكتوما بين ماكرون وبوتن قبل بداية العملية العسكرية في أوكرانيا، حيث زار ماكرون موسكو وجلس 4 ساعات من المباحثات على طاولة طويلة للغاية بشكل متعمد مبرزا أن ذلك يمثل صورة رمزية لحجم التباعد بين موقف فرنسا وروسيا.

وأوضح الدبلوماسي السابق أنه من النادر حدوث أخطاء تقنية في مكالمات الرؤساء.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING