الشارع المغاربي: قسم الرياضة: تترقّب الجماهير التونسية بمختلف انتماءاتها وألوانها مباراة القمّة التي ستجمع غدا بالملعب الأولمبي بسوسة بين ممثلي كرة القدم التونسية في أمجد المسابقات الافريقية النجم الساحلي والترجي التونسي.
ترقّب له ما يبرّره باعتبار أنّ المباراة تحمل رهانا كبيرا لا يقبل القسمة على اثنين. فالترجي الحالم بالعودة الى منصّات التتويج ومعانقة اللقب الإفريقي في موسم استثنائي يتزامن مع المائوية سيكون في حوار مباشر مع كبير آخر يبحث بدوره عن إحياء ذكريات الزمن الجميل منذ ملحمة ملعب القاهرة التاريخية والتي كانت شاهدة عيان على ميلاد فارس جديد على عرش الكرة الافريقية.
وما سيزيد من الإثارة والتشويق في كلاسيكو أولمبي سوسة هو أنّ المباراة ستكون مفتوحة على كلّ الاحتمالات بحكم تقارب مستوى وإمكانات الفريقين. كما أنّ نتيجة مواجهة الذهاب على مسرح رادس أجّلت الحسم في بطاقة العبور الى نصف نهائي رابطة الأبطال بما أنّ فارق الهدف لم يؤّشر بعد لعبور الترجي كما أنه لم يضع حدّا لآمال وطموحات النجم في خطّ أوّل سطور ملحمة العبور.
ودون الخوض في فرضيات الترّشح والعبور ودون الدخول في لعبة التخمينات والتكهنات فإنّ ما يعنينا نحن كتونسيين من قمّة الغد هو أنّ كرة القدم التونسية ستكون ممثّلة بعنوان كبير في نصف نهائي دوري الأبطال وهو ما يجعل حظوظنا قائمة الذات لأحراز لقب تمنّع عنّا منذ سنوات…لكن ما نخشاه جميعا قبل إعطاء صفّارة بداية موقعة أولمبي سوسة هو ما تسرّب من شعارات وعناوين غليظة لمباراة لا تحتمل مزيدا من التهويل والتجييش… النجم الساحلي والترجي التونسي هما عنوان شرفي لكرة القدم التونسية وهما القاطرة التي تجرّ وراءها صولاتنا وجولاتنا في الملاعب الافريقية ومهما علا سقف التوقّعات والأمنيات في مباراة الغد ومهما جاز لجماهير الفريقين من شحذ الهمم وشحن الأذهان قبل حوار الأقدام فتلك ميزة الكرة وإثارتها التي تزداد كلّما ازداد التنافس والعناد فإنّ ذلك لا يعني أن يخرج النزال الكروي عن إطاره الرياضي مهما كانت التعلاّت والتبريرات.
نقول هذا الكلام لأنّ بعض الشعارات التي علقت في الأذهان منذ بداية الأسبوع بدأت تحيد بالمواجهة عن طبيعتها وبدأت تفقدها لذّتها وترمي بها في خندق لا نرضاه جميعا… اليوم يتحدّث البعض عن مواجهة مصيرية وعن مباراة حياة أو موت… ليردّ البعض الآخر بـ”ادفنوهم أحياء”… كلام لا علاقة له بكرة القدم ولا يمتّ للروح وللمواثيق الرياضية بأيّة صلة ولا يمكن قبوله تحت أبّة تسميات أو تصنيفات…
لا نخفي سرّا عندما نقول إنّ المباراة صعبة ومصيرية لكلا الفريقين لكن مهما كانت النتيجة ومهما حصل على الميدان من مدّ وجزر لن يموت الترجي ولن يدفن النجم بأيّ حال من الأحوال لأنّ كرة القدم هي عزف على وتر الحياة والنجم والترجي لا يموتان ولا ينتهيان… قد يأتي يوم يسقطان فيه أو يتعثّران لكنهما أبدا لا يموتان… هما على العهد دائما ثابتان لا يتزحزحان… كرة القدم فيها الربح والخسارة وقانون اللعبة أنّها يوم ليك ويوم عليك وكلاسيكو الغد سيكون فيه المنتصر الوحيد هو كرة القدم التونسية. لذلك لا طائل يرجى من النفخ في وتر الجهويات ولا موجب لتشويه العنوان بسبب عمى الألوان. نرجو أن يدور الحوار في كنف الروح الرياضية لأنّ كلّ الأنظار داخل أو خارج الديار ستكون باتجاه ملعب أولمبي سوسة .فلتكن مباراة فرسان بعيدا عن غول العنف وكابوس الرهان.