الشارع المغاربي – العربي الوسلاتي : لا يشكّ عاقلان في أن المنتخب التونسي لم يقدّم ما كان منتظرا منه في مواجهة النيجر وهو صاحب الريادة والزعامة عربيّا وافريقيا. ولا يختلف اثنان في أنّ عناصرنا الوطنيّة قدّمت واحدة من أسواء مبارياتها في الفترة الأخيرة رغم تصدّرها مجموعة التصفيات الافريقية المؤهلة لـ “كان” 2019 لذلك ننتظر جميعا ردّة فعل في مباراة اليوم على أمل محو تلك الصورة القاتمة التي علقت في الذاكرة ليلة السبت الماضي.
ولكن بعيدا عن التقييم الموضوعي لمردود المنتخب ولأداء لاعبيه وبعيدا عن القرارات والاختيارات الفنيّة والتكتيكية التي اعتمدها الناخب الوطني فوزي البنزرتي العائد الى صدارة الأحداث داخل الحرم الجامعي في مباراة النيجر وقبلها في رحلة سوازيلاند لم يعد يخفى على أحد أنّ بعض المنابر الاعلامية الرياضية محليّا وخاصة خارجيا أهملت جوهر الموضوع وانشغلت بـ”القشور” وببعض التفاصيل التي لا تسمن ولا تغني من جوع خدمة لأجندات شخصية وتصفية لبعض الحسابات القديمة التي علقت بمرور التجارب والزمن.
نقول هذا الكلام لأنّ بعض التعاليق والتحاليل التي رسبت في الأذهان مباشرة بعد نهاية مباراة النيجر في ملعب رادس كشفت عن حقد دفين يسكن بعض الأنفس والألسن لا علاقة له بكرة القدم وبمردود المنتخب.
بلاتو القناة القطرية الرياضية بي اين سبورت تجنّد مرّة أخرى لتوجيه سهام نقده اللاذعة الى عناوين المنتخب الرئيسية والوجهة كانت هذه المرّة المدرّب الوطني فوزي البنزرتي الذي وجد نفسه على فوهة بركان متحرّك من النقد غير الموضوعي وغير النزيه. محلّل القناة القطرية وهو اللاعب الدولي السابق للمنتخب حاتم الطرابلسي فتح النار مثلما يقال على اختيارات البنزرتي وانتقد بكلّ شراسته المعهودة فلسفة البنزرتي وقراءته العقيمة للمباراة بشكل ظهر جلّيا وكأنّه تحامل مفضوح ودون موجب على مدرّب مازال يبحث عن ترك بصمته على قميص المنتخب.
صحيح أنّ المنتخب التونسي مرّ بجانب الحدث وقدّم مردودا هزيلا أمام منتخب “أهزل” وأعزل وصحيح أنّ مستوى منتخبنا في تراجع محيّر منذ حلول ركب الإطار الفنّي الجديد بقيادة فوزي البنزرتي قياسا بما كان عليه الحال في عهد المدرّب السابق نبيل معلول ولكن العارفين بخفايا الأمور يدركون جيّدا أنّ حاتم الطرابلسي لم ينطق من هوى ولم تحرّك سواكنه غيرته الوطنية على المنتخب مثلما يزعم البعض ولكنه نطق لدوافع وحسابات شخصية دفينة… فالرجل معروف بقطيعته المعلنة مع فوزي البنزرتي… قطيعة بلغت حدّ العداء وهما في خلاف قديم ومتواصل يعود الى سنوات خلت تبادل فيها الاسمان الشتائم وأبشع النعوت ويبدو أنّ حاتم الطرابلسي وجد الفرصة مناسبة لردّ الصاع صاعين الى مكتشفه الأوّل في فريق عاصمة الجنوب بما أنّ البنزرتي هو أوّل من قدّم الظهير الطائر الى الجمهور الرياضي في تونس.
مساوئ الـ”BEIN SPORTS” في هذا الصدد وسقطاتها غير الأخلاقية وغير المهنية لا تحصى ولا تعدّ وهذه السلوكات والممارسات ليست سابقة في حقّ المنتخب فحتى نبيل معلول الذي يعتبر اسما له وزنه وثقله داخل هذه المملكة الرياضية تعرّض بدوره الى هجمة منظّمة من نفس البلاتو عندما أصبح محلّل القناة القطرية وامبراطور كرة القدم التونسية طارق ذياب يتصيّد أقلّ الفرص لانتقاد المنتخب وتوجيه سهام النقد إلى نبيل معلول بحكم الخلاف الشهير بينهما. طارق ذياب كان يتجاهل حتى ذكر اسم مدرّب المنتخب تماما كما هو عليه الحال عندما مرّ معلول بالترجي وكان طارق ذياب في كلّ مرّة يتجاهل عمدا فضائل معلول ويختصّ في تعداد غلطاته وزلاّته وهو نفس السيناريو الذي اعتمده معلول كذلك في وقت سابق للإطاحة بالمدرّب الأسبق للمنتخب سامي الطرابلسي عندما تجنّدت القناة بأكملها للتشويش على عمل الطرابلسي وتجييش الشارع الرياضي عليه والنتيجة كانت إقالة مهينة لم نتعوّد عليها في مسيرة المنتخب.
ما يثير الريبة حقّا هو أنّ قناة بي اين سبورت التي تملك حصرّيات النقل التلفزي لمنتخبات القارة الافريقية وخاصة منتخبات شمال افريقيا والتي تحظى بشعبية جارفة في الوطن العربي الكبير بحكم تميّزها في نقل التظاهرات الرياضية الاقليمية والعالمية الكبيرة حوّلت اهتمامها من الفوز بالحصريات والتفرّد بالسبق والتميّز الى خدمة الأجندات وتصفية الحسابات. وهذا لا ينطبق فقط على كرة القدم التونسية بل على بقيّة البلدان العربية التي باتت كواليس غرفها المغلقة منشورة على العلن السيّء منها قبل العفن… وهو اختصاص أصبحت بي اين سبورت تمتاز به دون غيرها وكأنّ شغلها الشاغل هو شقّ الصفوف أكثر من توحيدها وتوجيهها.
الناخب الوطني فوزي البنزرتي أساء قراءة منتخب النيجر ولم يعرف كيفية التعامل مع طبيعة المواجهة ومع ردهاتها لكن ما تعرّض له الرجل من نقد مبالغ فيه ليس لاعتبارات موضوعية أو فنيّة بحتة ولكن لدوافع شخصية غلب عليها التشفّي والانتقام وهذه عناوين جديدة تمّيزت في صناعتها القناة القطرية منذ سنوات.