الشارع المغاربي – قسم الأخبار : استنكرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان اليوم السبت 16 فيفري 2019،” دفاعَ بعض الحركات الدينية وبعض نوّاب الشعب عن محتشد الرقاب والقائمين عليه في تسميم أفكار الأطفال باسم الدفاع عن القرآن وعن الدين الإسلامي منصبين أنفسهم أوصياء على الدين ومُحلّين محلّ الدولة في رعايته وتأطير القائمين عليه”.
وأعربت الرابطة في بيان صادر عنها اليوم عن استغرابها من “سكوت السلط الرسمية لسنوات عديدة على مثل هذه الفضاءات المشبوهة ” معتبرة أنها “صارت مراكز للاتجار بالبشر واستغلال الأطفال اقتصاديا واجتماعيا والاعتداء عليهم بشتّى صنوف الاعتداء كالعنف والاغتصاب والتشويه النفسي والذهني رغم تنبيهات فرع الرابطة بسيدي بوزيد إلى مخاطر هذا المحتشد أكثر من مرّة “.
ونددت ” بكلّ الأطراف المتواطئة مع هذه الجمعيّات الخارجة عن القانون مهما كان موقعها ” محملة إياها “تبعات تواطئها في تخريب كيان المجتمع وقيمه المدنيّة وإرباك منظومة التعليم العمومي وحرمان لفيف واسع من أطفال تونس من حقّهم في الدراسة المتوازنة والتمتع بطفولتهم في براءتها وعفويتها وإقبالها على الحياة”.
واعتبرت الرابطة أن “التسيب الذي ميز فترة الحكم ما بعد 2011 هو المسؤول الأوّل عن هذه الجرائم سياسيا واجتماعيا ” داعية إلى مقاضاة ” كل من كان سببا في انتشار هذه المعسكرات التي تعدّ للإرهاب وزعزعة استقرار المجتمع “و”السلط السياسية والقضائية إلى اتخاذ التدابير السياسية والمجتمعية الكفيلة بعدم ظهورها من جديد “.
واشارت إلى أن “تدخّل الدولة في هذه القضيّة ينبغي أن يتّسم بالصرامة والحزم والحرص على تطبيق القانون واتخاذ التدابير السياسية والاجتماعية والأمنية والتربوية لمقاومة ما يُسمّى بالإسلام السياسي حفظا للمجتمع وصونا لكيان الأمّة وملاحقة المجرمين في حقّ الطفولة والمجتمع بأسره باعتبارهم خونة للوطن ومتواطئين مع القوى الاستعمارية وعملاء للأجنبي الغاصب الذي يسعى إلى السيطرة على مقدرات المجتمع التونسي والذهاب بسيادته”.
ولفتت إلى أن “اعتراف وزارة الداخلية بوجود 15 فضاء من جنس معسكر الرقاب تضمّ أكثر من 500 طفل لإعدادهم لأعمال إرهابية تحت عنوان الانتصار للهوية الإسلامية يحمّل هذه الوزارة مسؤولية التغاضي عن هذه الفضاءات ويعتبر الحجج المقدّمة لتبرير ذلك غير مقنعة”.
وأضافت الرابطة في بيانها أنّ “واجب الدولة يفرض عليها غلق كلّ الفضاءات التي تدّعي التكوين في الدين، ثم مباشرة وضع استراتيجية تحدّد المعايير التي يتّفق عليها أهل الذكر من ذوي الاختصاص في التربية والتعليم لإسناد الرخص في هذا الباب مع الأخذ في الاعتبار أنّ وزارة التربية وحدها المسؤولة عن تكوين الأطفال في جميع المواد في إطار مدرسة الجمهورية سواء كانت عمومية أم خاصة”.
وأهابت “بالقائمين على شؤون الدولة من الوطنيين الخلّص أن يعتبروا هذه المعسكرات فضاءات لاستقطاب التطرّف الديني ونشرها المسؤول عن الاغتيالات السياسية وتسفير الشباب إلى بؤر الموت وترويج المخدّرات وتخريب الاقتصاد بالتهريب وإفساد الإدارة بالرشوة والمال الفاسد وإعاقة إرساء مفهوم الوطنية والدولة المدنية”.
وحمّلت الرابطة” كلّ مؤسسات الدولة مسؤولية إيلاء عناية خاصة بالأطفال الذين يقع تحريرهم من معسكرات التكوين والتدريب على الإرهاب وذلك ببناء خطة علمية وعملية تساعدهم على الاندماج من جديد في المجتمع بالإحاطة النفسية والاجتماعية والتربوية”.
ودعت”كلّ مكوّنات المجتمع المدني إلى توحيد الجهود في هذا المضمار للتصدّي للثقافة الظلامية وإنقاذ طفولة تونس بتركيز مراصد في مختلف الفضاءات التي تروّج للفكر الديني قصد تقويمها والوقوف على مدى احترامها حقوق الإنسان ودراسة الخطاب الديني الذي يُروّج في 5680 مسجدا كلّ أسبوع وفي 1980 كتّابا كلّ يوم قصد بناء حوار جادّ مع وزارة الشؤون الدينية من أجل الارتقاء بهذا الخطاب وذلك ببناء برامج تكوينية للوعاظ والأيمة تكون فيها منظومة حقوق الإنسان من أهمّ أركانها حتى يتجنب جميعهم منطق التكفير والدعوة إلى القتل والرجم لكل من أبدى رأيا مخالفا أو عبّر عن اجتهاد لا يروق لهم”.
وذكرت الرابطة بأنها “تابعت الوقائع المتصلة بحادثة كشف معسكر الرقاب للاتجار بالبشر منذ بداية فيفري 2019” مشيرة إلى أنه “معسكر من بين المئات من بؤر الاستقطاب الديني المتوحّش الذي يندرج في إطار خطة دولية غايتها تخريب الدول وتفكيك المجتمعات وتيسير السبل للقوى الاستعمارية للسيطرة على مقدرات الشعوب ووضعها تحت الوصاية” وأنها كانت قد” ندّدت بوجود هذا المعسكر منذ جويلية 2015 بمناسبة انعقاد المجلس الجهوي بسيدي بوزيد وبإثارة من رئيس فرع الرابطة بالجهة نبّه فيها إلى مخاطر هذا المعسكر وإلى ضرورة غلقه بالقانون وبالإرادة السياسية لكنّ صوت الرابطة وإن لقي تفاعلا إيجابيا حينيا وأغلق هذا الفضاء فإنّ أطرافا حزبية دينية تحدّت القانون وأعادت فتحه”.