الشارع المغاربي : اليوم، أي بعد مُرور ما يناهز السّنتيْن من تاريخ تعْيين زياد العذاري على رأس وزارة الاستثمار والتعاون الدولي فإنّ كلّ المؤشّرات تدلّ على أنّ نسْبة النّموّ تراوِح مكانها، وأنّ المؤتمرات التي نُظِّمت لاستجلاب الاستثْمارات الأجنبيّة لم تتَجاوز طور الوُعود الفضْفاضَة؛ كما أنّ التّعاون الدّوليّ ظلّ حبيس التّصوّرات البالية التي تعود صياغتها إلى ما يزيد عن النّصف قرن، فلا أسواق جديدة فُتِحت في وَجْه المنتوج التّونسيّ، ولا مبادلات تجاريّة مع أسواق تونس التّقليديّة أحْرَزَت تقدُّمًا يُعْتَدّ به.
ولمّا كان الأمر، من سوء حال هذا القطاع وفشَل الوزير المذكور في النّهوض به، على ما وصفْنا؛ وكانت النّجاحات التي حقّقها وزير السّياحة منذ تولّيه هذا المنصب، إذ من المُتَوقّع أن تتضاعف عائدات الدّولة من قطاع السّياحة في سنة 2019، على ما فصّلْنا؛ فلنَهْمس في أُذُن رئيس الحُكومَة أن يعْهد بوزارة التّنمية والاستثمار والتّعاون الدّولي لوزير السّياحة الحالي.
ذلك أنّ هذا الوزير يتوفَّر على شبَكة علاقات أجنبيّة أهّلاه من ذي قبْل إلى إنقاذ الموْسم السّياحيّ بعد أن أضْحى مهدّدًا بفعْل آثار أحداث الخميس الأسود الكارثيّة.
فبمُجرّد مسارَعته لتنْظيم حمْلة إعلاميّة مُضادَّة لادّعاءات مناوئي تجربتنا الدّيمقراطيّة الفتيّة، وذلك من خلال تشْويه واقِعِنا الأمني، وبرغم إعلانات الولايات المتّحدَة وبريطانيا العُظمى غير الودّيّة، فإنّ نسبة تدفّق السوّاح على وجهتنا لم تتأثّر سلْبًا ومرَّت الأزْمة المُفْتَعَلَة على اقْتصادنا برْدًا وسلامًا.
فإذا ما اعْتبرْنا، من جهة أنّ نسبة عائدات السّياحة من مَوارد الدّولة العامّة لا تتجاوز 15 %، وأنّ سُبُل الاقتراض الخارجي قد تقطَّعت بدوْلتنا، وأضحى الوضْع منذرًا بإفْلاسها، لتبيّنّا ضرورة النّهوض بالتّنمية بواسطة الاستثمار الخارجي والتّعاون الدُّولي. فإذا ما عهَد رئيس الحكومة، في إطار التّحْوير الوزاريّ المُرْتقَب، إلى روني الطّرابلسي، عضْو الحكومة التّونسيّة، بتسْيير الوزارة المذَكُورَة، لَعمَل جاهدًا على اسْتقْطاب أكْبر البنوك الأجْنَبيَّة والدّوائر الاسْتثْماريّة العالميّة، في الوقت ذاته الذي نقف عاجزين أمام مغادَرة أهمّ البنوك الفرنسيّة لبلادنا، وتغيير وجهة أكبر الاستثمارات الأجنبيّة إلى بلدان صديقة وشقيقة (وآخرها تحويل وجْهة مصنع السيّارات الفرنسيّة من تونس إلى المغْرب الذي تزامَن تدْشينه من قبَل العاهل المغربيّ مع تنْديد رئيس الحكومة بإمكانيّة إعادة النّظر في نتيجة مباراة الترجّي التّونسيّ والوِداد المغربي الكُرَويَّة). نقول قولنا هذا، وكلّنا خشْية من اسْتنْهاض “شياطين الأمْس” الذين فعَلوا فعْلهم في إعْفاء وزير كفْءٍ من مهامّه المصيريّة بالنّسبة لتعافي دولتنا (فاضل عبد الكافي)، واسْتبْداله بآخر أثبَتت الأيّام فشَله في كلّ القطاعات التي كُلِّف بتسْييرها.
فهل أنّ طموحات رئيس الحكومة السّياسيّة، وخشْيته من كلّ منافس قد يجد له سبيلاً في قلوب التّونسيّين، فضْلاً عن قناعات إخوان تنظيم تونس السّلفيّة الجهاديّة الدّاعية لإزهاق أرواح المشْركين وإراقة دمِهم، وبخاصّة اليهود الذين عادَة ما يصِفونهم في أدبيّاتهم بالقِرَدة والخنازير (انظر مثلاً: عبد الرّحمان بن عبد الله السّحيم، النّسخة الخنزيريّة)، ستحول دون إقدامه على هذه الخُطْوَة التي نرى فيها سبيل خلاص للبلاد والعِباد؟!.
صدر بأسبوعية “الشارع المغاربي” في عددها الأخير.