الشارع المغاربي – عواطف البلدي: قال المفكّر يوسف الصدّيق اليوم الثلاثاء 14 أفريل 2020 إنه “حان الوقت وسيحين قريبا لأن تصبح المسألة الدينية فردية وتكون علاقة الفرد بخالقة عمودية بما في ذلك الصيام مضيفا “الاتجاه الجماعي الى رب الكون “الكاهن”زمن كورونا لا يفيد الناس والطقوس الجماعية لم تعد تنفع”.
وأضاف الصدّيق في حوار لـ”الشارع المغاربي”:” الاتجاه الجماعي والطقوس الجماعية زمن الجوائح تزيد من انتشار العدوى مثلما حدث في القرون الوسطى عندما حل الطاعون بالقارة الاوروبية ودام 3 قرون أودى بحياة ثلث سكّانها لأن الكنيسة كانت تحشد الاشخاص للدعاء كذلك الشأن لحائحة كورونا” متابعا “بعض التونسيين لم يأتمروا بأوامر وزارة الصحة ولجؤوا الى الصلاة الجماعية خلسة”متسائلا (يدجّلوا على ربّي؟) اذ حتى السلط المتدينة كالنهضة تمنع الصلاة الجماعية تماما مثل منع التردد على قاعات السينما ودور الثقافة”.
وأردف “فرحت بقرارات عبد اللطيف المكي رغم علاقتي السيئة معه في السابق وأحيّيه لأنه كلما ذكر التجمّعات الممنوعة لا يستثني منها صلاة الجمعة ولأننا لو نشجّع على الصلاة خلسة سندخل بالضرورة في حرب فكرية مفهوميّة كأن نشتم من يصلّي بالقول “يا الّي تصلي خلسة.. أو يا الّي ما تحشمش تمنع الطقوس.. ولذلك قد نكون مقبلين على ضعف الطقوس …على تقوية علاقة الفرد بالاله وبالمشروع الديني ككل” .
وفي ردّه على ما جاء على لسان عبد الفتاح مورو ببرنامج “فكرة سامي الفهري” السبت المنقضي حول موضوع إلغاء شهر الصيام من عدمه قال الصدّيق:”ما نحبّش نعارض ناس كيف هكّة على خاطر موضوع الالغاء موش موضوعي.. هذه اراء مرحب بها تدوّن وتسجّل” مضيفا “يجب ان تكون للانسان الديني بصمته الخاصة في علاقته بربه وكل حسب تطلّعاته وميولاته ومصائبه.. ويجب ان يكون كل تطلّع مختلفا عن غيره ولو في نفس العائلة وفي نفس البيت”.
وذكّر الصدّيق بموقف الزعيم بورقيبة من شهر الصيام قائلا ” عندما دعا بورقيبة الى الغاء رمضان كان ذلك من منطلق ترتيبي سياسي واقتصادي الهدف منه توفير العمل للمواطنين لكن انا انادي بالخروج من افقية العلاقة الدينية من طقوس وذبح وغيرها الى العلاقة العمودية بين الفرد وخالقه”.
ولفت الى أنه كان لوالده مكتبة يشترك جدارها مع جامع الزيتونة وانه رغم ذلك كان لا يذهب لأداء صلاة الجمعة قائلا “كنت طفلا حين تجاسرت على والدي ولمته على عدم اَدائه صلاة الجمعة رغم تردّد عدد من الشيوخ على المكتبة على غرار محمد الطاهر بن عاشور فنهرني وقال لي الا تعلم أن التسابق على الرزق عبادة لأعيل 8 أطفال؟ علما ان والدي كان تقيا جدا ولم ينقطع عن الصلاة منذ كان في سن التاسعة حتى وفاته.. أقول هذا لأنني ترعرعت على يد انسان متعال عموديا وفرديا الى الذات الالهية”.
وتساءل الصديّق عن اصرار المساجد على إسماع السكان سورا من القرآن خاصة من سورة “الكهف” صباح يوم الجمعة عبر مضخّمات الصوت قائلا “في الاحياء التي نقطن بها مثلا قد تكون هناك مختبرات منكبّة على صناعة ادوية أو من هو منشغل بتدريس ابنه والحال ان الامر يقتضي الانصات اذا قرِأ القرآن.. انا احب سورة “الكهف” وأقرأها دائما ولم يفارقني المصحف طيلة مدة تدريسي حتى لا أُتّهَم مرة اخرى بانعدام العلاقة الدينية مع الله وكفانا الصيد في المياه العكرة “..
وختم قائلا “الامر يكون مقبولا في زمن غير زمن كورونا فبالعكس اي شخص عندما يستمع الى القرآن ينصت خاصة من كان يشكو من ضعف في دينه .. انا شخصيا عندما يمرض ابني او أخسر شخصا عزيزا عليّ اقول “يا لطيف” دون اي عناء رغم ان البعض يتهمني بأن علاقتي بالدين ليست وطيدة ولكن الاحساس البشري يفرض عليّ التشبث بمفهوم “اللطف” المتسامي مع الله لأن لا الطبيب ولا الوالد ولا الحبيبة لن يفعلوا لي شيئا فأتوجّه الى كاهن وهو “الله” خارج المنظومة البشرية ليعينني على مصابي وهذا امر معقول”.