الشارع المغاربي-وكالات: كشف تحقيق لشبكة “بي بي سي” البريطانية المرموقة يوم أمس الإثنين 4 ماي 2020 عن دور شركة الطيران الإيرانية “طيران ماهان” في انتشار وباء كوفيد-19 في أنحاء الشرق الأوسط، ولفتت الشبكة الى ان بيانات تحصلت عليها من داخل الشركة تؤكد انتهاك الشركة قرارات الحظر ومواصلة تأمين الرحلات حتى شهر افريل.
واشارت “بي بي سي” عربي في مقال صادر عنها، الى أنّها أجرت تحقيقا حول المسألة وإلى أنّها حلّلت بيانات تعقب الرحلات وتحدثت إلى مصادر داخل طيران ماهان لإيضاح كيفية خرق الشركة مئات المرات قرارات حظر حكومية بين أواخر شهر جانفي ونهاية شهر مارس بتسيير رحلات من وإلى إيران والعراق والإمارات العربية المتحدة وسوريا، قائلة “يجب أن تكون جميع هذه الدول قد منحت طيران ماهان إذنًا بالهبوط، وقد فعلت ذلك في تحد للحظر المفروض على الشركة” .
ولفتت الى أنّ ايران أوقفت كافة رحلاتها من وإلى الصين يوم 31 جانفي ، والى أنه بعد ذلك منعت دول عدّة الرحلات القادمة من إيران خلال شهري فيفري ومارس، بعدما أصبحت بؤرة لوباء فيروس “كورونا” في الشرق الأوسط.
وأكّدت “بي بي سي” أنّ شركة الطيران المذكورة واصلت رحلاتها رغم ذلك وان ذلك وضغها امام إنتقادات حول المخاطرة بصحة المسافرين والطواقم الجوية، مضيفة “عندما عبر أفراد الطاقم عن مخاوفهم بشأن نشر عدوى الفيروس إلى أحبائهم وبلدهم.. تمّ إسكاتهم وتهديدهم بالإحالة الى القضاء” .
وأكّدت “بي بي سي” أنّه باستخدام بيانات خطوط الرحلات والتحدث مع مصادر في لبنان والعراق، استطاعت تأكيد أن أولى حالات الإصابة بكوفيد-19 في هذين البلدين كانت لمسافرين على متن رحلات طيران ماهان، قائلة ” سافر طالب إيراني في رحلة طيران ماهان رقم W55062 من العاصمة الإيرانية طهران إلى مدينة النجف في العراق، يوم 19 فيفري الماضي..وقد سُجل كأول حالة رسمية للإصابة بكوفيد-19 في الـ24 من نفس الشهر في البلاد”.
وتابعت “عادت فتاة لبنانية بالغة من العمر 14 سنة إلى العاصمة اللبنانية بيروت بعد زيارة مدينة قم، في رحلة طيران ماهان رقم W5112 يوم 20 فيفري الماضي.. وفي اليوم التالي سُجلت كأول إصابة مؤكدة بالفيروس في لبنان” مضيفة “ورغم هاتين الحادثتين اللتين أثارتا غضباً في البلدين ، واصلت شركة طيران ماهان رحلاتها، وفي هذا السياق علقت الحكومة العراقية رحلات الطائرات من إيران وإليها يوم 20 فيفري”.
وذكر المقال أنّ “بي بي سي” استطاعت أن تكشف أن ما لا يقل عن 15 رحلة أخرى جرت بعد صدور قرار المنع وأنّ تلك الطائرات أقلت العديد من المسافرين من إيران إلى المدن العراقية بموافقة الحكومه العراقيه” لافتة الى أنّ عضوا بالحكومة العراقية كان قد أفاد في تصريح لبي بي سي أن الرحلات كانت رحلات عودة وأنّها حصلت على موافقة هيئة الطيران المدني العراقي، وأن الرحلات الجوية من العراق إلى إيران ستستمر ، وان المسافرين من إيران ممنوعون من دخول العراق.
وأكّد المقال أنّ “بي بي سي” علمت بأن شركة طيران ماهان واصلت رحلاتها بين إيران والمدن الصينية الكبرى الأربع، هي بيكين، وشنغهاي، وغوانزهو، وشينزين، في ذروة انتشار كوفيد 19 في الصين، قائلة “لا بد أن إيران منحت شركة ماهان إذنًا بخرق حظر السفر الى الصين الذي فرضته الحكومة الإيرانية ذاتها في 31 جانفي”.
وأشارت الى أنّ شركة طيران ماهان نشرت صوراً عبر وسائل التواصل الاجتماعي الصينية تظهر أن 6 من رحلاتها بين أواخر جانفي، و20 افريل، كانت قد استخدمت للإغاثة، مؤكدة ان 4 منها استخدمت لإجلاء مواطنين إيرانيين من الصين، وان آخر تلك الرحلات في 5 فيفري الماضي، والى أنّه بإجراء مزيد من التحليل لبيانات تعقب الرحلات ومراجعتها مع تصريحات مسؤولي طيران ماهان، تمّ الكشف عن 157 رحلة للشركة كانت قد أقلعت بعد ذلك التاريخ، في تحد لحظر الطيران الإيراني مع الصين.
وشدّدت “بي بي سي” على أنّ الشركة استمرت في لعب دور رئيسي في نقل المسافرين من إيران إلى دول أخرى خلال ذروة انتشار الفيروس فيها، وعلى أنّه رغم حظر الرحلات من إيران إلى الإمارات يوم 25 فيفري، سيرت شركة الطيران 37 رحلة أخرى حتى نهاية مارس.
ولفتت الى أنّ سوريا علقت كافة الرحلات من إيران وإليها يوم 8 مارس، وان شركة طيران ماهان سيرت رغم ذلك 8 رحلات أخرى بعد دخول ذلك القرار حيز التنفيذ” وتابعت “كما قامت شركة طيران ماهان أيضاً بتسيير 37 رحلة إلى دبي، و19 رحلة إلى تركيا، و20 رحلة إلى وجهات أخرى، بما فيها إسبانيا وماليزيا وتايلاند…كانت هناك شركات طيران أخرى تقوم برحلات من إيران وإليها في الوقت نفسه لكن شركة طيران ماهان كانت الوحيدة التي انتهكت قرارات الحظر على نطاق واسع بهذا الشكل”.
وجّددت “بي بي سي” تأكيدها أنّها تحصّلت على دليل يؤكد أن أفراد طاقم الطائرات أُسكتوا رغم القلقٍ المتزايد بخصوص الدور الذي كانت تلعبه ماهان في نشر الفيروس.
وأضافت “ذكرت مصادر جيدة الاطلاع داخل شركة ماهان أن أعراض الإصابة بالفيروس قد بدأت تظهر على أكثر من 50 فرداً من أفراد طاقمها، في أواخر فيفري، فلجأ أفراد الطاقم إلى وسائل التواصل الاجتماعي للشكوى من عدم منحهم معدات خاصة أو ملابس واقية ..ويوم 27 فيفري تحدث العاملون في شركة الطيران لأول مرة”.
واستشهدت “بي بي سي” بمقال نشرته صحيفة “روزنامة شرق”، نقل عن العاملين في طيران ماهان تعبيرهم عن قلقهم من عدم السماح لهم بالعزل الانفرادي بعد عودتهم من الصين وأنهم أُجبروا على مواصلة العمل، موضحة أنّ 1300 شخص من العاملين في طيران ماهان وقعوا على رسالة مفتوحة يتهمون فيها شركة الطيران بسوء إدارة الأزمة، يوم 18 أفريل.
وتقلت عن الرسالة التي نُشرت في “أفيا نيوز” قولها إنّه ” تمّ إهمال مطالب العاملين بمعدات الوقاية الشخصية التي أوصى بها اتحاد النقل الجوي الدولي بصورة متكررة…كانوا يلامون على نقل الفيروس إلى أحبائهم وإلى البلاد”.
وافادت بي بي سي بأنّها حصلت على نسخة اتفاق التزام بالسرية وُزع على العاملين في طيران ماهان، يهددهم بمحاكمة جنائية إذا جاهروا بمخاوفهم، مشيرة الى أنّ شركة طيران ماهان، والدول التي سمحت بهبوط طائرات الشركة على أراضيها، في مخالفة للحظر الذي فرضته تلك الدول بنفسها ، رفضت طلبها للتعليق.