الشارع المغاربي-نقل أماني الخديمي : قدم أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ اليوم الأحد 26 جويلية 2020 قراءة دستورية للمالات والسيناريوهات الدستورية المرتبطة بتكليف وزير الداخلية هشام المشيشي بتشكيل الحكومة مؤكدا انه في صورة فشل المشيشي المُكلّف من طرف رئيس الجمهورية قيس سعيّد بتشكيل الحكومة، فانه ليس هناك امكانية لاعادة التكليف من جديد أو تكليف شخصية جديدة ، قائلا “إمّا أن ينجح أو أن يتمّ حلّ البرلمان” مؤكدا انه لا وجود لخيار ثالث .
وأضاف محفوظ في تصريح لـ”الشارع المغاربي”: “تعرّضت الفقرة الرابعة من الفصل 89 الى حالة فشل المكلف من طرف رئيس الدولة في مهمّة تشكيل الحكومة” وتابع “تقول الفقرة أنّه بعد مرور 4 أشهر من التكليف الأول يمكن لرئيس الجمهورية حل البرلمان” مشيرا إلى أنّ الفصل 99 من الدستور تطرق ايضا الى مسألة طرح ثقة الحكومة على البرلمان بطلب من رئيس الجمهورية، مُذكّرا بأنّنا الآن في حالة الفصل 98 الذي قال إنّه يحيل بدوره إلى الفصل 89.
وتابع “ينص الفصل 98 على انه عندما يقدّم رئيس الحكومة استقالته فإنّ رئيس الجمهوريةّ يُكلّف الشخصيّة الاقدر طبق أحكام الفصل 89 والاشكال المطروح هو أنّه على عكس الدساتير المقارنة فإنّ الدستور التونسي لم يضع قواعد عامّة لتمثيل الحكومة مهما كان الظرف يعني الظرف العادي بعد الانتخابات او الظرف الاستثنائي المتمثل في الازمات … وفي كلّ الانظمة يمكن ان تمرّ حكومات بأزمات والدساتير تضع قواعد ادارتها وهذا غير موجود في الدستور التونسي “.
وواصل “الاشكال هو أنّ الدستور في الفصل 89 وهو فصل مُناسباتي، لم يضع قواعد عامّة لتشكيل الحكومة وانّما وضع قواعد تشكيلها بعد الاعلان الرسمي عن اجراء الانتخابات البرلمانية فقط وهذا هو الاشكال لأنّ الفصل 89 يتحدّث عن التكليف الأوّل من قبل الحزب المتحصّل على أكبر عدد من المقاعد والذي يضع جملة من الشروط، ويتعرّض كذلك الى التكليف الثاني من طرف رئيس الجمهورية الذي يُرشّح الشخصية الاقدر والذي له شروطه كذلك…وفي النهاية يختم ويمكن له حل البرلمان او طلب نيل الثقة على برنامج الحكومة”.
واضاف “السؤال المطروح هو انه في صورة فشل حكومة هشام المشيشي في الفوز بثقة البرلمان، فما الذي تبقى امام رئيس الجمهورية ؟ بما أننا أمام اشكال الفصل 98 الذي يحيلنا على فصل مناسباتي وليس على فصل يتعلق بحالة الاستقالة ؟ ما هو المصير ؟ في تأويل الدستور ..عند وجود مثل هذه الازمات فعلى مؤول الدستور ان يقوم بقراءة غائيّة لنص الدستور …اذن هناك أزمة وفي هذه الازمة هناك فشل وعلى عكس الفصل 99 الذي يعطي لرئيس الجمهورية حق حل البرلمان، فإنّ الفصل 98 يحيلنا على فصل يتعلّق بمناسبات .. اذن ماذا نفعل ؟ “.
وقال محفوظ “يتمثّل التأويل في أنّه علينا ان نؤوّل ونقوم بقراءة لمختلف هذه الفصول وبالتالي علينا قراءة مجموعة من الفصول لأنّ الدستور ينصّ على تأويله بصورة منسجمة بالاضافة بالتالي للوصول الى حل في صورة الفشل يجب قراءة 6 فصول وهي 98 و89 و77 و99 و100 و72 ” .
وأكّد “عندما تتم قراءة جامعة لكل هذه الفصول..فإنّ الفصلين 89 و99 تطرّقا إلى حالتين فقط لحلّ البرلمان بينما عندما نقرأ الفصل 77 نجد أنّه لا يقتصر على حالتين فقط وانما يقول في الحالات” مستشهدا بالفصل 77 الذي يقول “يحجر حل البرلمان في الستة أشهر الاولى لنيل أوّل حكومة لثقة البرلمان ” موضحا “وبالتالي لدينا تحجير زمني خلال الـ6 أشهر الأولى لنفهم أنّ بعد هذه المُدّة هناك امكانية للحل واكبر دليل على ذلك إنّ الفصل 77 لم يكن يقصد فقط الحالتين المذكورتين في الفصلين 89 و99 وانّما قال حالات وبالتالي هذا هو التأويل الأوّل”.
ونابع “التأويل الثاني يتعلّق بالفصل 100 الذي يتحدث عن حالة الشغور ويحيلنا بدوره الى الفصل 89 ويحيلنا على نفس التمشي ..تمّ تكليف أوّل من طرف الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية وفي صورة الفشل هناك اختيار الشخصية الاقدر من قبل رئيس الجمهورية… الفصل 100 يحيلنا على نفس السيناريوهات لكنه استثنى الاستقالة وبالتالي نظام الفصل 89 لا يطبق كما جاء في الفصل 100 ونظام الفصل 89 نطبقه في صورة اخرى لان الفصل 100 استثنى الاستقالة يعني ان هناك نظام اخر” متسائلا ” ماهو النظام الاقرب للفصل 98 ؟…هو الفصل 99 لان هذا الفصل طرح الثقة من طرف رئيس الجمهورية وينص على أنّ للمكلف مدّة 30 يوما واذا فشل فانه يتم حل البرلمان…اذن في نفس الحالة، يمكن ان نعتبر الاستقالة حالة طرح الثقة الموجودة في الفصل 99 وبالتالي نعتبر انه ما دام اختار الشخصية الاقدر لا وجود لتكليفات اخرى” .
واعتبر محفوظ أنّ ” الفصل 72 يعطي لرئيس الجمهورية صلاحيات كبيرة …هو الحكم …لدينا ازمة البرلمان الذي لم يعط الثقة للحكومة اذن في هذه الازمة من سيحقق الاستمرار ومن سيحل هذه الازمات ؟… هو رئيس الدولة …نحن نقوم دائما بدراسات للدستور واذا قام سعيد بحل البرلمان وليس له الحق فمن حق البرلمان ان يشتكي رئيس الدولة للمحكمة الدستورية التي هي غير موجودة وبالتالي في نهاية الامر كلمة رئيس الجمهورية وتأويله هما اللذان يطبقان”.