الشارع المغاربي -كريمة السعداوي: حصل “الشارع المغاربي” على وثيقة مشروع قانون المالية لسنة 2021 التي أعدتها حكومة هشام المشيشي وتضمنت معطيات تؤكد ان السلطات المالية والنقدية في تونس أصبحت اليوم عاجزة بالكامل عن اعداد ميزانية مطابقة للمعايير وأبرزها التوازن بين البنود قبضا وصرفا والموازنة بين موارد الجباية وإيرادات الاقتراض في سياق حصر عجز الميزانية.
وتبرز معطيات المشروع، في هذا الإطار، عددا من الأحكام الجوفاء بل وحتى غير المقبولة منهجيا سيما في مادة تعبئة الضرائب والاداءات على غرار التخفيض في الأداء على استهلاك التبغ الساخن و”المعسل” وهو التبغ المخصص للنرجيلة وتخفيض نسبة الضريبة على الشركات الكبرى والمجمعات بحجة توحيدها مع نفس النسبة المتعلقة بالضريبة على أرباح الشركات الصغرى والمتوسطة إضافة الى التقليص في الأداءات على اقتناء اليخوت وزوارق النزهة أو الرياضة !.
كما تم التنصيص على بعض الأحكام المبهمة التي تتعلق بمواصلة الاصلاح الجبائي وتعصير الإدارة وهو مشروع لم ير النور منذ عقود والتشجيع على الادخار ودفع الاستثمار في حين ما انفكت السلط النقدية تتبع سياسات منافية لأي دعم لهذين العنصرين الأساسين للنمو.
ولا يكتمل ذر الرماد في العيون فقد جرى إقرار بعض “الاحكام” لدعم موارد ميزانية الدولة وتحسين استخلاص الاداء، والتصدي للتهرب الجبائي وترشيد تداول الأموال.
غير أن الجانب الكمي لمشروع قانون المالية لسنة 2021 يبقى هو الأهم، اذ تفيد البيانات ان قيمة الديون المزمع الحصول عليها السنة القادمة تناهز 19508 مليون دينار منها 2900 ديون داخلية من البنوك بما يضمن لها مواصلة الاثراء على حساب الدولة والاقتصاد. من جهة أخرى وبالنظر الى تقدير مداخيل ميزانية الدولة بنحو 33009 مليون دينار، فان القروض تمثل منها نسبة 59.08 % وهي نسبة غير مسبوقة وتعني أن الدولة التونسية فقدت قدرتها تماما على تعبئة الجباية لفائدة الهيئات المالية الدائنة التي ستبتز الحكومة الحالية على هذا الصعيد وبكل تأكيد لحاجتها الماسة لاي دولار يضمن وجودها.
ووقع تقدير عجز ميزانية الدولة للسنة القادمة حسب مشروع قانون المالية الذي أعدته حكومة المشيشي في حدود 8007 مليون دينار أي ما يعادل 26.9% من موارد الجباية وهو ما يشكل تجاوزا صارخا لكافة معايير توازنات المالية العمومية سيما أن عجز ميزانية الدولة لا يمكن وفي أي حال من الأحوال أن يفوق 3% من الناتج غير أنه يساوي وفق حسابات المشيشي والوزير “الأكبر” للمالية والاقتصاد والتعاون الدولي 14% من ذات الناتج.
يذكر أن الاجراءات التي جاءت في مشروع قانون المالية والمتعلقة بالجانب الاجتماعي كانت “ثورية” الى ابعد الحدود واقتصرت على ايقاف العمل بالأداءات على الهبات العينية وما شابهها المسلمة من المواطنين للدولة بحجة دعم المد “التضامني” ومساعدتها وإعفاء فلاحي الواحات من الضرائب على “الناموسيات” الحامية للتمور…