الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: اتسم قانون المالية لسنة 2021 بفقدان أي روح إصلاحية للمعضلات الاقتصادية الكبرى بل ان أحكاما عديدة منه أتت لتزيد في تعميق مشاكل المؤسسات والفاعلين الاقتصاديين بشكل عام وذلك على غرار فرض ضرائب على الشركات المصدرة والزيادة في نسب الضرائب على مداخيل المؤسسات ومواصلة تعقيد إجراءات بعث المشاريع.
وفي هذا الإطار أوصى رؤساء المؤسسات، وفق ما أكد استطلاع قام به المعهد العربي لرؤساء المؤسسات بين 5 و21 أكتوبر 2020 وشمل 500 عينة حول أبرز التحديات التي من الضروري أخذها بعين الاعتبار في قانون المالية 2021 بضرورة تحسين نسبة الفائدة في السوق النقدية وتخفيف الضغط الجبائي وإعطاء الأولوية للاستثمارات في البنية التحتية والتخفيض من نسبة الخصم من المورد بهدف تشجيع الاستثمارات البنكية والمالية.
واقترحوا أيضا إلغاء النفقات العمومية غير الضرورية ورقمنة الإدارة والتفكير في تخصيص عفو يتعلق بنظام الصرف معتبرين الحد من التهرب الجبائي وإعادة النظر في النفقات العمومية وإدماج السوق الموازية إحدى أبرز التحديات التي يتعين العمل عليها في قانون المالية 2021.
وأكد رؤساء المؤسسات، وفق ذات المصدر، أهمية أن يرتكز قانون المالية لسنة 2021 على التحكم في المديونية واتخاذ اجراءات اضافية للخروج من الأزمة والتحكم في الأزمة الصحية والحفاظ على التوازنات المالية وتنفيذ الإجراءات المتخذة لفائدة المؤسسات المتضررة.
وأظهرت نتائج الاستطلاع تأكيد نحو 79 بالمائة من رؤساء المؤسسات على أهمية الحد من التهرب الجبائي ومطالبة حوالي 77 بالمائة منهم بإعادة النظر في النفقات العمومية وتشديد 76 بالمائة من أصحاب رؤوس الأموال على وجوب ادماج السوق الموازية في القطاع المنظم. وأبرزت النتائج أن نسبة 63 بالمائة من رؤساء المؤسسات أكدوا على حتمية التحكم في المديونية وان 63 بالمائة منهم اعتبروا أنه من الضروري اتخاذ اجراءات اضافية للخروج من هذه الأزمة فيما تطرق 63 بالمائة منهم كذلك الى مسألة التحكم في الأزمة الصحية ودعا 59 بالمائة منهم الى الحفاظ على التوازنات المالية وطالب 41 بالمائة منهم بتنفيذ الاجراءات المتخذة لفائدة المؤسسات المتضررة.
غير أن للحكومة رأيا آخر في هذا المجال، اذ بُني قانون المالية 2021 على أحكام تهدف بالأساس إلى إعاقة النمو في غياب أية إجراءات لدفع التصدير والاستثمار والاستهلاك وهي ركائز النمو مع التركيز بالكامل على تكثيف النفقات العمومية سيما تلك المتصلة بتسيير شؤون الإدارة من سيارات وغيرها والتي قدرت بنحو 1900 مليون دينار.
وباعتبار هذه النقائص الفادحة وبعد سحب الحكومة قانون المالية التكميلي 2020 بسبب اعوجاجه الى حد التشوه، فإنه من المنتظر كذلك رفض قانون المالية للعام القادم من قبل لجنة المالية بالبرلمان الذي بُني على أساس إسقاط أحكام القانون التكميلي المسحوب – كميا ونوعيا – مما ينبئ بإدخال الحكومة البلاد في دوامة أخرى غير الإفلاس والتعثر المالي وهي دوامة الفوضى والعمل بلا ميزانية على غرار العديد من الدول في العالم وأبرزها لبنان الذي توقفت فيه قبل إفلاسه مؤخرا وبالكامل اعمال اعداد الميزانيات لمدة 12 عاما.