الشارع المغاربي: أكّد راشد الغنوشي رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة اليوم الأحد 21 مارس 2021 أنّه “لا سبيل لحلّ البرلمان” مضيفا “لا سبيل دستوري لذلك إلاّ في حالة واحدة هي عندما يعجز البرلمان عن انتاج حكومة وعن القيام بدوره في تزكيتها ..والبقية كلّو دكتاتورية …البرلمان الذي بذل من أجله الشعب الدمّ لن يتحكّم فيه اليوم زيد أو عمر”.
وقال الغنوشي خلال ندوة سياسية تحت عنوان ” الثبات على نضال الحركة الوطنية ” نظّمها منتدى الحركة الوطنية لمكتب شباب حركة النهضة : “أترحم على شهداء الحركة الوطنية منذ فرحات حشاد وما قبله ومنذ الدغباجي الذي أُستُشهد على يد الجيش الفرنسي وسلسة من الشهداء والمجاهدين الذين رفعوا عن تونس الكابوس الاستعماري وجعلوا من الاستقلال امرا واقعا …ما كان ذلك ليحدث لولا توفر جملة من الشروط جعلت الاستقلال ممكنا”.
وأضاف “هناك بعض الناس يتساءلون عن الاستقلال هل تمّ أم لم يتمّ …بالتأكيد بقدر ما نؤكد هويتنا التونسية العربية الاسلامية بقدر ما يكون قرارنا مستقلا … تونس دولة مستقلة ولكن يجب ان تناضل وتجاهد من اجل ان يكون استقلالها مضمونا ثقافيا واقتصاديا وسياسيا وعلى كلّ المستويات…أمّا الاستقلال المطلق فليس هناك دولة مستقلة في المطلق بالعالم.. كل الدول يحتاج بعضها الى بعض لكن هناك باستمرار يد عليا ويد سفلى ونريد لبلادنا ان تكون اليد العليا وليس السفلى”.
واعتبر الغنوشي ان الاستقلال لم يأت صدفة وأنّه اتى باختلاف لتغيير موازين القوة بين الغرب والشرق وبين جنوب المتوسط وشماله .
وقال “اختلفت موازين القوة ..مالت لشمال المتوسط ولصالح الغرب لأسباب كثيرة ولتحولات دولية ..تفشى الفساد في نظام البايات وفسد الاقتصاد ولكن ليس عجبا ان تونس شهدت سنة 1864 اكبر ثورة في تاريخها هي ثورة علي بن غذاهم وكانت ثورة على فساد البايات وفساد الادارة وعلى الهيمنة الاجنبية ..كانت هناك بداية هيمنة اجنبية لان فرنسا قبل ان تستعمرنا تسربت الى اقتصادنا مثل دول اخرى بتواطؤ مع الحاكم والبايات وبعد ان أجهضت الحركة الاصلاحية التي قادها عدد من الاداريين مثل خير الدين باشا والجنرال حسين كانوا يشعرون ان موازين القوى كانت لصالح الغرب وانه علينا ان نصلح أحوالنا وان نطور اقتصادنا وتعليمنا وان نصلح اوضاع النساء نشأت في القرن 19 عدّة حركات اصلاحية جمعت بين خريجي المعاهد الحديثة كالصادقية وبين خريجي جامع الزيتونة ” مؤكدا “هذا درس مهم في أن أيّ تغيير حقيقي يحتاج الى رأي عام وإلى وحدة وطنية وإلى جماعة تنهض به وتقوده”.
وتابع “لهذا كانت هناك حركة اصلاحية …ربما لو نجحت لجنّبت تونس الاستعمار ولذلك كان هناك رهان وعملية تحديث يقودها جامع الزيتونة وتقودها المدارس الحديثة كالصادقية ويقودها الوزير الاول خير الدين باشا ولكن كان هناك رهان أجنبي على إفشال هذه الحركة التي انتجت منظومات دعوة لاقامة برلمان ولانشاء دستور تونسي ولمنع الرق وهذه أحداث يعتز بها التونسيون واحداث مبكرة في العالم الاسلامي …يعني تونس كانت تقول الطريق من هنا”.
وأكّد “كل ما هو نافع لنا يجب ان نقتبسه…تونس كانت سبّاقة الى فكرة الاصلاح واوشكت على النجاة من الدمارلولا فساد الحاكم وتغيير موازين القوى… فكرة البرلمان والدستور كانت فكرة في الحركة الوطنية… في كل الدكتاتوريات يحكمون حكما مطلقا كأنهم يضعون اصبعهم على الداء الذي هو الحكم المطلق وعدم خضوع الحاكم للقانون والرشاوى والفساد ولا عجب اذن انه كانت في احياء فكرة الاصلاح فكرة اصلية هي الدستور ..الحركة الاصلاحية الممتدة بعد الاستعمار احيت فكرة الدستور ولا عجب ان اول حزب في تونس أخذ اسم الدستور وهو الحزب الدستوري التونسي بقيادة الزعيم عبد العزيز الثعالبي”.
وقال الغنوشي “للأسف هناك اليوم من يطالب بحل البرلمان ..لا سبيل لحلّ البرلمان …لا سبيل دستوري لذلك إلاّ في حالة واحدة هي عندما يعجز البرلمان عن انتاج حكومة وعن القيام بدوره في تزكية الحكومة ..والبقية كلّو دكتاتورية …هذا الشعب الذي بذل الدمّ من أجل برلمان تونسي موش اليوم باش يتحكم فيه زيد أو عمر …فكرة الدستور والبرلمان والحرية هي فكرة اصيلة في مشروع الاستقلال وفي مشروع الدولة التونسية وفي الثقافة السياسية التونسية”.