الشارع المغاربي -ترجمة الحبيب القيزاني : عادت فيفيان يي الصحفية بجريدة “نيويورك تايمز” اليوم الاحد 1 اوت 2021 الى اللقاء الذي جمعها برئيس الجمهورية قيس سعيد هي وزميل لها بنفس الجريدة بعد ايقافهما من قبل وحدات من الامن ثم الافراج عنهما بعد ساعتين ، ذاكرة في مقال بعنوان” الرئيس التونسي يدافع عن الحريات بعد استيلائه على السلطة ” بعض تفاصيل اللقاء ومنها ما وصفته حتى بالمأساة .
وابرزت في مقال نشر بالصحيفة اليوم الاحد انها وزميلها بنفس الصحيفة تعرضا يوم الاربعاء المنقضي للايقاف خلال قيامها بريبورتاج بتونس العاصمة مشيرة الى ان رجال الشرطة قاموا بالتثبت في جوزاي سفرهما وطرحوا بعض الاسئلة على زميلها مبرزة انه تم اطلاق سراحهما بعد ساعتين من الايقاف مع تنبيه بعدم الظهور مجددا في الحي ( حي التضامن وسط العاصمة).
واقرت بانها هي وزميلها لا يحملان اوراق اعتماد مفسرة ذلك بغياب جهة رسمية في ديوان رئيس الحكومة ( المستشار المكلف الاعلام) لتمكينهما من اوراق الاعتماد مشددة على ان حالة صدمة اصابت زملاء لها في المنطقة ( الشرق الاوسط وشمال افريقيا ) عندما علموا بالايقاف مبرزة انه تتم في جل البلدان مراقبة الصحفيين ومنعهم من العمل وايقافهم احيانا مبينة ان هذا المناخ لم يكن مخيما في تونس بلد الديمقراطية ومنطق الربيع العربي.
ولفتت الى انها وزميلها طلبا اجراء حوار مع رئيس الجمهورية بداية الاسبوع المنقضي وانه بعد رواج خبر ايقافهما في “تويتر ” اتصل بها رئيس التشريفات بالقصر الرئاسي يوم الجمعة صباحا وسألهما ان كان بامكانها الحضور بالقصر في ظرف ساعة بلباس رسمي وبينت انهما وجدا انفسهما عندما وصلا الى القصر في غرفة جانبية مزركشة وانهما “تلقيا قبل الدخول للقاء الرئيس تعليمات عن المكان الذي يجب ان يكونا فيه وكيف ومتى يجب عليهما الجلوس عندما يكونان في حضرة رئيس الجمهورية”.
وابرزت انها فوجئت برئيس التشريفات وهو يلقي نظرة فاحصة على حذائها الصيفي وانه طلب لها بعد ذلك حذاء ذا كعب ومغطى ورجحت ان يكون قد استعاره من جهة قالت انها لا تعرفها.
والامر مع رئيس التشريفات لم يتوقف عند فرض تغيير حذائها ، تواصل فيفيان سرد كواليس اللقاء مع رئيس الجمهورية .مبينة انه عندما دخل الرئيس الى القاعة وانطلق اللقاء جلست على كرسي مذهب ومزركش ووضعت ساقا على ساق مبينة انها لم تجرأ على الجلوس بكل اريحية وان رئيس التشريفيات وقف واشار اليها وامرها بتغيير جلستها واصفة ذلك يـ” المأساة” .
وشددت على ان الرئيس لم يتفطن لما قام به رئيس التشريفات وتعليماته بخصوص جلستها وانه كان يتحدث ويقول ان الصعوبات التي تعرضت لها وسائل الاعلام في تغطية الاحداث التي تعيشها تونس لم تكن مقصودة وان مردها سعي البعض للاساءة لصورة الرئاسة.
وبينت ان سعيد ذكر خلال اللقاء بحادثة محاولة اقتحام الكابيتول اثر الاعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية الامريكية ونقلت عنه قوله “رأيتم كيف سال الدم في واشنطن تماما مثلما كان الشأن مع “لصوص” من البرلمان حاولوا دوس المؤسسات” .
وتابعت بنبرة تهكمية” كانت مظاهر السخرية اكثر من واضحة: فقد تحول صحفي من بلد تتعرض فيه الديمقراطية الى امتحان عصيب لمواكبة احداث تعتبر انها تمثل تهديدا للديمقراطية في بلد اخر ليذكره ( الرئيس قيس سعيد) الرجل ذاته الذي يمكن ان يكون هو مصدر هذه التهديدات بالفجوة القائمة بين المثل والواقع في امريكا”.
واضافت ” عندما شرع زميلي في الترجمة تلقى امرا بالتوقف عن ذلك …كان كل شيء مصورا من طرف فريق من المصورين التابعين للرئاسة وتيقنا انه سيتم بث فيديو على صفحة فايسبوك التابعة للرئيس لما قد يفسر مطالبتنا بالتزام الصمت ولما بدأنا في طرح الاسئلة سارع رئيس الجمهورية قيس سعيد الى اعلامنا بان الامر لا يتعلق بحوار “.
وكتبت فيفيان يي ايضا وهي صحفية متخصصة في شؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا ورئيسة مكتب صحيفة “نيويورك تايمز” بمصر “من الوارد أن يصبح الرجل الذي يتعرض لتحذيرات من طرف العديد من منتقديه دكتاتور تونس القادم “وتابعت ” كان يحدّق في عيني ليقول لي: مرحبا بك في تونس أين تتمتع حرية التعبير بحماية دون أي تدخل في الحريات الشخصية».
وأضافت : “كنا في قاعة يبدو انها مخصصة للندوات بالقصر الرئاسي حوالي منتصف نهار يوم الجمعة 30 جويلية تحيط بنا مصابيح جدارية من الكريستال وكراس مذهّبة. وكنت من جملة المدعوين من طرف الرئيس قيس سعيد الذي قام قبل ذلك بخمسة أيام بإقالة رئيس الحكومة وتعليق نشاط البرلمان وفرض سيطرته على بلاد اندلعت فيها قبل 10 سنوات انتفاضات على النظام الاستبدادي سمّيت بالربيع العربي”.
ونقلت الصحفية عن سعيد استشهاده بقولة القائد الفرنسي شارل ديغول جاء فيها : “لماذا تعتقدون أن أتحوّل في سن 67 سنة إلى دكتاتور؟” مشيرة إلى أن سعيد استشهد بقولة الفرنسي شارل ديغول الذي أعاد لفرنسا الديمقراطية بعد الاحتلال النازي لافتة الى أن سعيّد وعد بعدم المس من الحريات المكتسبة في تونس باعتبارها البلد الديمقراطي الوحيد الذي أفرزته الانتفاضات العربية.
وأضافت : “أكد الرئيس أنه لا خشية على حرية التعبير وأنه لا مدعاة لمخاوف على حق الناس في التظاهر باستثناء أنه تم منع التجمعات العمومية لأكثر من ثلاثة أشخاص وقامت قوات الأمن بإغلاق مكتب “الجزيرة” بتونس”.
وتابعت : “لم ألاحظ في شوارع تونس العاصمة وأنهجها رغبة في التظاهر ولا وجود لأي تخوّف في ما يتعلق بالديمقراطية التونسية.. تمضي الحياة في العاصمة بكل هدوء وسكينة : أناس يتسوّقون وآخرون يصطافون على الشواطئ وليس هناك دليل على الاهتمام بالأخبار سوى صوت أموج الاذاعات المنطلق من بعض سيارات التاكسي ويبدو أن التونسيين يكتفون بانتظار ما سيقوم به الرجل الذي ائتمنوه على بلادهم… كل هذا يطرح سؤالا حول ما اذا كانت الديمقراطية بالمفهوم الغربي هي التي طمح اليها العديد من التونسيين أو أنها لا تعني لهم سوى حياة أفضل في ظل الكرامة والحرية”.
واكدت انه تم يوم الجمعة نشر فيديو الاجتماع على صفحة فايسبوك التابعة لرئاسة الجمهورية وانه لم يذكر فيه لا حادثة ايقاف الصحفيين ولا حتى محاولاتهما القاء بعض الاسئلة بشكل قالت انه اظهرها وزميلها وكأنهما مجرد ديكور .
وتابعت” ترجم لي زميل بعض التعاليق على الفيديو التي كانت حقا موافقة لانطباعتي” في اشارة الى ان قيس سعيد قد يمثل تهديدا للديمقراطية التونسية ناقلة احد التعاليق التي جاء فيها ” علموهم ماذا تعني الحرية”.
ونشرت الصحفية المقال على صفحتها الرسمية بموقع “توتير” مرفوقا بهذه التغريدة ” جئت لتونس لانجاز ريبورتاج عن سقوط الديمقراطية التونسية وتم ايقافي لمدة وجيزة. بعد ذلك كانت لرئيس تونس محاضرة حول دستور الولايات المتحدة وتعهّد بالحفاظ على حرية الصحافة لكنه لم يسمح لي بإلقاء أي سؤال”.