الشارع المغاربي – كريم الهلالي : جيرونا ليس في مستوى كرة اليد التونسية والدولة تتحمّل بعض المسؤولية

كريم الهلالي : جيرونا ليس في مستوى كرة اليد التونسية والدولة تتحمّل بعض المسؤولية

قسم الرياضة

31 يناير، 2019

الشارع المغاربي – العربي الوسلاتي : مازالت المشاركة الأخيرة للمنتخب التونسي لكرة اليد في كأس العالم التي احتضنتها مناصفة ألمانيا والدنمارك تثير الكثير من الجدل والتعاليق في الشارع الرياضي بخصوص المردود الذي قدمته عناصرنا الوطنية خاصة أن جمهور المنتخب كان يمنّي النفس بتقديم مشاركة تليق بعراقة وتقاليد هذه اللعبة في تونس غير أنّ تتالي الهزائم أمام عمالقة اللعبة مع ما رافقها من تسريبات عن خلافات داخلية في صفوف لاعبي المنتخب جعلا البعض يدعو الى محاسبة المسؤولين عمّا وصل إليه المنتخب على غرار الرئيس السابق للجامعة التونسية لكرة اليد والنائب بمجلس الشعب كريم الهلالي الذي لم يتخلّف كعادته عن انتقاد المشاركة المونديالية الأخيرة خاصة أن كرة اليد في عهده بلغت مكانة عالمية محترمة جدا.

الهلالي تحدّث لـ”الشارع المغاربي” عن تقييمه الشخصي لمشاركة المنتخب في كأس العالم وخاض في كثير من التفاصيل والأسباب التي أدت الى تراجع المنتخب السنوات الأخيرة.

– لنبدأ من حيث انتهت المغامرة التونسية في كأس العالم لكرة اليد… ما هو تقييمك للمشاركة التونسية في المونديال؟

مشاركة متوسطة جدّا أو ربّما أقل من المتوسّط بكثير…حققنا الترشح الى الدور الثاني وهذا لا يعتبر انجازا أو هدفا لأنّه الشرط الأدنى قياسا بحجم المنتخبات المنافسة. كرة اليد في تونس لها وزنها ولها تقاليدها حتى على المستوى العالمي ولذلك لم نكن لنقبل بأٌقلّ من الترشح الى الدور الثاني وكنّا في السابق من بين المنتخبات التي يقرأ لها ألف حساب ولكن للأسف ومنذ أربع سنوات تقريبا بدأنا نتراجع ونبتعد كثيرا عن المستوى العالمي. كان لنا جيل ممتاز من اللاعبين ولنا منتخب متميّز وضعناه على السكّة الصحيحة لكن مثلما سبق وأشرت فقدنا كلّ نقاط قوتنا وفقدنا مكانتنا الريادية بين منتخبات الصفّ الأوّل ولم يعد لنا وزن أو قيمة وأصبحنا لا نشارك في الدورات الدولية العالمية بما أنه لم تعد توجه لنا الدعوة والنتيجة مشاركة مخيّبة للآمال في المونديال. في الحقيقة كرة اليد التونسية تعيش أزمة حقيقية ولا بدّ من مراجعة شاملة للنهوض من جديد.

– الأسباب الحقيقية التي أدّت الى هذا التراجع من وجهة نظرك ؟

هناك مسؤولية يتحملها المكتب الجامعي بخصوص الاختيارات الفنيّة وكذلك بسبب نظام البطولة وملفّ احتراف اللاعبين في الخارج الذي كان من بين نقاط قوّة المنتخب في وقت سابق. عندما كنت رئيس جامعة كنت أتابع هذه النقطة بنفسي وأحفّز اللاعبين على الاحتراف في أوروبا لكن للأسف الجامعة اليوم لم يؤثر على اللاعبين ولم تؤثر في قراراتهم بدليل عودة أسامة البوغانمي من فرنسا الى الترجي وهو مثال حيّ على تراجع الكرة التونسية وهذا اعتبره خيارا فاشلا وخاطئا.

– لكن الجامعة لا تتحمّل مسؤولية تقرير مصير اللاعبين والتدخل في قراراتهم الاحترافية ؟

لا أتحدّث عن تأثير سلبي أو إجباري كلّ ما في الأمر أني كنت أنصح اللاعبين بالاحتراف وبعدم الانسياق وراء المادة وتبجيل المصلحة الرياضية على المصلحة المادية. أنا في وقت سابق نصحت مروان شويرف وأسامة البوغانمي بالاحتراف في فرنسا وعدم التوقيع للترجي وكنت بمثابة أخيهم الأكبر. دفعتهما للعب في فرنسا وأقنعتهما بذلك ومن المفروض بعد التجربة الفرنسية أن يتحولا الى البطولة الألمانية وخاصة البوغانمي الذي يملك كلّ الآليات للعب في أقوى البطولات في العالم. كان على الجامعة تأطير لاعبيها وحماية مسيرتهم الرياضية لكن للأسف هذا لم يحدث. ثمّ بعيدا عن اللاعبين هناك نقطة مهمة جدا وتتحمل مسؤوليتها الجامعة وهي نظام البطولة الذي خفّض كثيرا في المنافسة وفي نسق ومردود اللاعبين بالإضافة الى عدم وجود بثّ تلفزي جعل اللعبة تفقد الكثير من شعبيتها وتوهجّها. اليوم في تونس لنا بطولة تلعب في الظلام وبلا مستشهرين ولا جماهير كما أنّ الدولة تتحمّل المسؤولية خاصة في تقليص الدعم المخصّص لجامعة كرة اليد من طرف الوزيرة السابقة.

– عهدناك مدافعا شرسا عن هذه القضايا الرياضية فلم لم تدافع عن منتخب اليد وعن الجامعة ؟

تكلمت ودافعت… وهاجمت الوزيرة السابقة وسياساتها ولكن الجامعة مطالبة كذلك بتوفير موارد مالية وحتى المستشهرين التاريخيين للمنتخب تخلوا عنّا وهذه نقطة سلبية في سياسات المكتب الجامعي. اليوم التشخيص واضح وجلي لقد تراجع المنتخب التونسي خطوات كبيرة الى الوراء وعلينا من الآن وقبل فوات الأوان الانطلاق من جديد من خلال مساهمة كامل مكوّنات عائلة كرة اليد في ايجاد الحلول الكفيلة لإعادة كرة اليد التونسية الى مستواها الطبيعي.

– هناك من يصف المكتب الجامعي بالفاشل ويعتبره المسؤول الأوّل عن هذا التراجع ؟

في كل أنحاء العالم عندما ينجح منتخب ما يقال الجامعة نجحت وعند الفشل يقولون رئيس الجامعة فاشل. ولكن بكل تأكيد المكتب الجامعي يتحمل مسؤولية كبيرة في ما حصل لكننا اليوم مطالبون  بتجاوز هذه النقطة والمحاسبة لا تعني تقديم كبش فداء أو تحميل المسؤوليات والتوقف عند ذلك فقط. اليوم المسؤولية جماعية وما يهمنا في البداية هو الاصلاح لأنّنا أمام استحقاق رياضي كبير وهو بطولة امم افريقيا التي ستقام في تونس وسنكون في مواجهة منتخب مصري قوي والخسارة لا قدّر الله ستكون نكسة بأتم معنى الكلمة قد تعني انهيارا كاملا لهذه اللعبة ووقتها سيكون الاصلاح شبه مستحيل على غرار ما حصل لكرة الطائرة.

– هذا التقييم قد لا يستقيم خاصة أننا أشهرا قليلة الى الخلف انتصرنا على المنتخب المصري في نهائي كأس افريقيا فما الذي تغيّر الآن؟

بطولة افريقيا ليست مقياسا وفي تلك المباراة كنا أكثر رغبة والمنتخب المصري عرف نقاط ضعفه وشرع في الاصلاح وغيّر مدرّبه وطاقمه الفنّي والنتيجة انه انتصر علينا في بطولة العالم.

– على ذكر الإطار الفنّي ما هو رأيك في الاستنجاد بالمدرّب الوطني الاسباني طوني جيرونا ؟

أنا كرئيس جامعة لا ولن أتعاقد مع مدرّب في مستوى جيرونا… أنا لا أتعاقد مع مدرّب لم يلعب كأس عالم طيلة مسيرته التدريبية, مدرّب لا يعرف المستوى العالي والعالمي. في السابق كان مدرّب المنتخب أفنديتش أو ألان بورت يتصل بمدرّب فرنسا أو ألمانيا ويطلب برمجة دورات دولية عالمية بفضل علاقاته والمشاركة في مثل هذه الدورات لها تأُثير كبير على مستوى اللاعبين وجيرونا ليس له الاسم أو العلاقات للعب هذا الدور.

جيرونا مدرّب متوسّط ولا يفوق مدربّينا التونسيين في شيء والخيار الأفضل هو التعاقد مع مدرّب من الصفّ الأوّل أو الاقتداء بالتجربة المصرية فالمنتخب المصري تعاقد مع مدرّب غير متفرّغ… مدرّب يدرّب في أقوى الفرق الأوروبية في البطولة المجرية ويقوم في الآن ذاته بتدريب مصر. الخيار الأنسب لبناء منتخب قوي وعتيد هو أن تتعاقد مع مدرّب من المستوى الأوّل بجراية كبيرة أو النسج على منوال مصر أو مع مدرّب تونسي لكن التعاقد مع مدرّب بـ10 ألاف أورو لن يفيد المنتخب.

– هناك من يحمّل مسؤولية الاخفاق الى الأجواء المشحونة والمتوتّرة داخل المنتخب؟

هذه مسؤولية الجامعة كذلك… ما نسمعه اليوم لم يكن من عاداتنا ولم نسمع عنه في المنتخب في وقت سابق… الحديث عن جهويّات أو منح أو معارك أو سمسرة لم يكن له مكان في المنتخب. كان هناك شعور جماعي بأن هناك عدالة رياضية في صفوف المنتخب و أنّ المكان للأفضل والأجدر والحقيقة أن هذا الكلام الذي نسمعه اليوم يحوم حول المنتخب منذ أكثر من ثلاث سنوات وخاصة منذ فضيحة مونديال قطر وهذا الكلام يقوله حتى اللاعبون أنفسهم وهذا خطير جدّا وهذه مسؤولية الجامعة.

– كنت قد دعوت الى المحاسبة فهل يعود ذلك الى غيرتك على المنتخب أو بحكم أن مراد المستيري رئيس الجامعة هو نفس المنافس الذي هزمك في انتخابات المكتب الجامعي؟

أنا ابن عائلة كرة اليد ولأن التقييم والمحاسبة تأخرا خاصة في ظل تتالي الفشل دعوت الى المحاسبة ولا علاقة للأمر بالجامعة أو بالانتخابات وهذا الكلام قلته لمراد المستيري نفسه وقد تقبّل نقدي بصدر رحب ورحّب بفكرة لمّ شمل عائلة كرة اليد لأجل الانطلاق في إصلاح حقيقي وأنا من موقعي على ذمّة رئيس الجامعة لتقديم النصح والمشورة.

– على ذكر الانتخابات هل من الممكن أن يترشح كريم الهلالي لرئاسة الجامعة مرّة أخرى ؟

أقولها وأكرّرها أنا لست غريبا عن عائلة كرة اليد والنصيحة أو المساعدة أقدّمها من أيّ موقع كان وعودتي الى رئاسة الجامعة من عدمها سابقة لأوانها وإذا سنحت الفرصة لذلك فلن أتردّد خاصة إذا كنت أعتقد أنّ عودتي ستفيد كرة اليد التونسية ولكن ذلك يعود الى التزاماتي المهنية والسياسية. المهم وقبل الحديث عن الانتخابات هناك استحقاقات رياضية أهم ولا يمكن تأجيلها والاصلاح لا ينتظر وعلى من يريد مصلحة كرة اليد وضع اليد في اليد مع المكتب الجامعي الحالي.

– حتى ننهي هل تعتبر وصول الوزيرة الجديدة سنية بالشيخ مؤشرا ايجابيا للرياضة التونسية ؟

بطيعة الحال… انتهينا من حقبة ماجدولين الشارني المظلمة ودخلنا في عهد جديد والحقيقة تقال الوزيرة الجديدة حريصة على الاصلاح والاصغاء الى شواغل العائلة الرياضية وهي تقوم بمجهود كبير والعبء كبير جدا  لأن الوزارة تضمّ أكثر من 40 جامعة والمفروض أن الجامعات تتحمّل مسؤولياتها وتستقل ماديا وتوفّر بنفسها مواردها الخاصة.

– جامعة كرة القدم نموذجا ؟

جامعة الجريء ليست مثالا يحتذي به بالنسبة لي.

– لكنها ناجحة على جميع المستويات وخاصة ماديا؟

نجاح شخصي وللجريء فقط أما كرة القدم فتلك قصة أخرى.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING