الشارع المغاربي – التونسيون ومعركة العطش...

التونسيون ومعركة العطش…

قسم الأخبار

24 سبتمبر، 2020
الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: خبر غريب صدر اليوم الخميس 24 سبتمبر 2020 عن الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه (الصوناد) مفاده اقدام مجموعة من المواطنين (تصر الشركة على وصفهم بالسكان) بمعتمدية سجنان في بنزرت على إيقاف تشغيل محطة ضخ مياه بسد بالمنطقة في سياق حركة احتجاجية على معاناتهم من العطش بشكل دائم مما تسبب في انقطاع التزويد بالماء الصالح للشرب بكامل المعتمدية.
هذه الوضعية ليست الأولى من نوعها، إذ قام بداية أوت الفارط عدد من سكان نفزة بعملية مشابهة. كما شهدت مؤخرا معتمدية المرناقية احتجاجات تطورت الى مواجهات وأحداث عنف وقطع للطرق غداة تغيير مصادر تزويدها بالماء. ويبدو – وهو ما لا يرجى – أن الأيام القادمة ستحمل في طياتها اخبارا أخرى حول قطع المياه، تارة واستخدام العنف للحصول عليه من “الفانا” مباشرة، تارة أخرى.
 تبشير “الصوناد” بأزمة الماء
 وفي هذا الاطار وحتى لا يفاجأ السكان/المواطنون بالعطش وقطع الماء، فقد “بشر” رسميا يوم الاثنين 27 جويلية المنقضي الرئيس المدير العام للصوناد، مصباح الهلالي، بخبر معتاد، منذ مدة فحواه أن تزايد الطلب على المياه في البلاد…سيطرح صعوبات على مستوى التزود بها سيما بالمناطق ذات الانخرام في التوازنات المائية بين العرض والطلب، وحتى بالمناطق الأخرى التي بها توازن بين العرض والطلب وهو ما يعكس “نجاح” المسؤول في الاعداد النفسي وعلى النحو الامثل لإمكانية انقطاع الماء الصالح للشرب خصوصا حين يتسم الطقس بالحرارة وفي الفترات التي تشتد فيها الحاجة للماء.
وتفاقمت أزمة المياه خلال السنوات الأخيرة في تونس حيث أصبحت تصنف ضمن البلدان التي تقع تحت خط الفقر المائي أو ما يسمّى بالإجهاد المائي الذي يقدر بحوالي 500 متر مكعب. فحسب آخر الإحصائيات لسنة 2018، تناهز حصة الفرد الواحد من الماء في السنة 360 مترا مكعبا. ويعود هذا الوضع بالأساس استنادا إلى العديد من التقييمات الفنية إلى هشاشة المنظومة المائية التي تعاني منها البلاد وتدني جودة المياه ونوعيتها.
 وبالرجوع إلى التقييمات والدراسات فإن الأسباب المؤدية إلى هشاشة المنظومة المائية في تونس هي أسباب عديدة وتعود خصوصا إلى شح الموارد المائية وسوء استعمال المياه وإلى الحالات المتردية للمنشآت المائية وإلى غياب نص قانوني منظم لقطاع المياه في تونس.
“أطماع” مقننة
إضافة إلى الأسباب سالفة الذكر فانّ غياب نص قانوني منظم لقطاع المياه في تونس يتماشى مع الوضع الحالي للمياه (القانون عدد 16 لسنة 1975 المتعلّق بإصدار مجلة المياه ) يعد من أبرز أسباب تفاقم مشكل المياه في تونس. فبالرغم من أن مجلة 75 كانت مجلة تقدمية آنذاك وقامت كل من المغرب والجزائر باعتمادها لتنظيم قطاع المياه في كلتا البلدين، إفأنه في بداية الألفيات ومع تغير الوضع العالمي قامت الجزائر والمغرب بإعادة صياغة النص القانوني المنظم لقطاع المياه في حين أبقت تونس على نفس المجلة واكتفت بتنقيحها.
 وقال تقرير للبنك الدولي صدر آخر أوت 2019 أنه من المؤكد معالجة نقص إمدادات المياه النظيفة بحكم أن الأمر يحد من النمو الاقتصادي بمقدار الثلث، ودعا في هذا الإطار إلى إبلاء اهتمام فوري لهذا التحدي.
وأمضت في شهر ماي 2019 وزارة الفلاحة مع الاتحاد العام التونسي للشغل اتفاقية توافق حول مشروع المجلة الجديدة للمياه مع الإشارة إلى أن الدولة لا تشمل قطاع المياه ببرامج وطنية كافية منذ مدة طويلة واستثمارات ملائمة لتعبئة الموارد المائية المتاحة، وتأمين مياه الشرب للمواطنين واستحداث المناطق السقویة، وترشيد الاقتصاد في الماء، وبعد أن كانت الجهود منقوصة طيلة سنوات أصبحت حاليا منعدمة أو تكاد.
ويبرز العديد من المتخصصين في الملف المائي بتونس أن مشروع مجلة المياه الجديد يقوم على مقاربات، تقبل النقد على أكثر من صعيد، إذ هي ترتكز أساسا حول ملكية الدولة المطلقة للمياه وعلى ندرة المياه بالبلاد التونسية – وهو راجع وفق تقييماتهم إلى سوء التصرف وليس إلى الشح المائي الهيكلي في البلاد – وإدارة المسألة بالاعتماد المكثف على الرخص واللزمات وعقود الامتياز.
 كما يوضح الخبراء أن المجلة تتضارب مع دستور 2014 الذي يفيد فصله الرابع والأربعين بأن الحق في الماء مضمون في حين أن الفصل الثاني من مشروع مجلة المياه يشير إلى أن الماء الصالح للشرب ضروري للحياة والى أن السلطة المختصة تعمل على جعله متاحا.
 في جانب آخر، قام المرصد التونسي للاقتصاد بنشر تقرير بعنوان “سياسة المياه: هل ستستجيب مجلة المياه الجديدة لأزمة المياه في تونس؟” وذلك في سياق تقييمه لمجلة المياه الجديدة بعد أن نظر فيها مجلس وزاري مخصص للغرض. وأوصى التقرير بأن تنص مجلة المياه بوضوح على أن الخدمات المتعلقة بالمياه لا ينبغي أن تخضع للشراكة بين القطاعين العام والخاص وأن المياه يجب أن تعتبر مصلحة عامة وليس خدمة أو سلعة.
 واعتبر المرصد أنّ الشراكة بين القطاعين العام والخاص بعيدة كل البعد عن أن تكون شراكة مثالية وانها يمكن أن تنطوي على عدد من الأخطار والأهم من ذلك أنّ التزود بالماء مصلحة عامة حساسة.

اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING