الشارع المغاربي – أَزِفَتِ الآزفة… تتبعها الرادفة…/ بقلم عمر صحابو

أَزِفَتِ الآزفة… تتبعها الرادفة…/ بقلم عمر صحابو

قسم الأخبار

16 أكتوبر، 2020

الشارع المغاربي: استيقظت صباح يوم وروحي تردّد دون انقطاع آيتين من القرآن الكريم : «أزفت الأزفة… تتبعها الرادفة» وبعد الاستعانة بالتفاسير التي بدت لي أكثر عقلانية تبين لي أولا أن الآيتين ليستا من نفس السورة… «أزفت الأزفة» من سورة النجم و«تتبعها الرادفة» من سورة النازعات. لماذا جمعت روحي هذين الآيتين في نفس النغمة الانشائية التي لم تفارقني طيلة ساعات وأيام؟ وقد علّمتني تجارب الحياة أن الروح إذا تمادت في تكرار كلمات أغنية أو أبيات شعر أو حتى تعبيرات شعبية فلأنها تريد بذلك إبلاغ رسائل مبطنة إلى العقل داعية إياه للتثبت في معاني الكلمات والتركيز عليها والتيقظ لتجلياتها في عالم الزمان.

وبعد الاستنجاد بما جاد به علماء التفسير أدركت أن الآيتين التي جمعتهما روحي في نفس النشيد تشيران إلى قرب أمرين عظيمين في حجم الوجود. فأما الآية الأولى «أزفة الأزفة» من فعل أزف يعني قرُب فتشير إلى اقتراب الآزفة واستعمال التأنيث حسب أهل اللغة لدلالة المبالغة فيقال غشية الغاشية ونزلت نازلة، والآزفة في معنى الحال حسب المفسرين هي القيامة. وأما الآية الثانية «تتبعها الرادفة» فتشير إلى أمر جلل يختلف فيه المفسرون وقد تكون الرادفة متعلقة بمشيئة السماء.

والقيامة في معناها المتداول عامة طبقا لقراءة نصّية للقرآن هي يوم حشر كوني مهول تُبعث فيه البشرية، موتى وأحياء، ليوم الحساب. ولها أيضا معان مجازية توسّع أهل الصوفية في شرحها منها القيامة الفردية لما يستيقظ المرء من جبروت الأنا ويلج كالجمل في صمّ الخياط إلى عالم الروح فيقال :«قامت قائمته» أي بُعث من عالم الزور إلى عالم النور.

إذا استثنيت شخصي الضعيف من القيامة الفردية لبعدي عن هذه المراتب والمقامات فما عسى هذين الآيتين اللصيقتين تعنيان؟ القيامة الكونية؟ لا أراها شخصيا قريبة ما دام المسار المعرفي للبشرية لم يُكتمل بعد وهي على أبواب غزو الفضاء وغزو الذكاء الاصطناعي. «لو تعلقت همّة المرء بما وراء العرش لناله» قال عليه السلام سيدنا محمد!

هل تشير اذن الآيتين الى قرب قيامة تونس؟ بلدي تونس؟ وقد استقر قلبي على هذا التأويل ولم يتزحزح عنه! أليست تونس بكل موضوعية الأقرب من القيامة؟ أليست هي الأقرب لتخرج أرضها أثقالها وتزلزل زلزالها؟ يوم يلتقي فيه ملايين المؤلفة قلوبهم من العاطلين والجوعى والحارقين والبراكاجيين والبرباشيين والهاجين والكناطريين المتمردين بعد على دولة لم يبق من ماهيتها وسلطانها إلا الاسم، يسوسها السريالي قيس سعيد والاداري هشام المشيشي والاخواني راشد الخريجي؟

«يوم يفرّ المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه».

وإن غدا لناظريه قريب !

نُشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 13 اكتوبر 2020.

 


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING