الشارع المغاربي – تواصل ارتفاع نسب الأمية و3 ملايين دينار سنويا فقط لمحوها !

تواصل ارتفاع نسب الأمية و3 ملايين دينار سنويا فقط لمحوها !

قسم الأخبار

23 أكتوبر، 2020

الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: راهنت تونس منذ الاستقلال على قيمة التعليم وأهميته في النهوض بالبلاد وبشعبها، وجعلت من برامج تعليم الكبار أو “محو الامية” خطة وطنية شملت جميع جهات البلاد ريفا ومدينة، غير أن الأرقام والاحصائيات المتوفرة اليوم تؤكد ارتفاع نسبة الأمية خاصة بعد 2011 في سياقات تكرس تفشي الجهل وثقافة الظلمات.

تعرف الأمية بكونها عدم قدرة الشخص على القراءة والكتابة، وعدم القدرة على الحساب، مما يعيق الحياة اليومية للفرد. وتفيد البيانات المحينة لوزارة الشؤون الاجتماعية، أن مليوني تونسي يعانون من الأمية. وترتفع نسبة الأمية في الارياف خاصة بين النساء، وعرفت هذه النسب تزايدا خاصة بعد 2011 وذلك بسبب تراجع الاهتمام والتمويلات المخصصة لتعليم الكبار، علما أن نسبة الأمية تراجعت منذ الاستقلال من 90 إلى 18.2% خلال سنتي 2010 و2011. وتعرف نسب الأمية ارتفاعا ملحوظا في مناطق الشمال الغربي، والوسط الغربي، وتتجاوز 50%، في بعض المناطق منها الأرياف.

أرقام صادمة

بلغت نسبة الأمية لدى الذكور والإناث في سنة 2019 بالوسط البلدي وغير البلدي 17.7%. وتفيد معطيات المعهد الوطني للإحصاء التي أصدرها يوم أمس الخميس 22 أكتوبر 2020، أن نسبة الأمية لدى الإناث والذكور في الوسط البلدي بلغت خلال العام الماضي 12.9%، وان نسبتها ارتفعت بشكل أكبر إلى 29.5% في الوسط غير البلدي.

وتنخفض نسبة الأمية، حسب المعهد، كلما انخفض معدل الأعمار حيث تناهز 2.8% لدى الفئات التي تتراوح أعمارها بين 10 و14 سنة، في حين ترتفع إلى 79.8% بالنسبة لكبار السن (80 سنة فما فوق).

وبلغت نسبة التمدرس لسنة 2019 لدى الإناث 96.1% بالنسبة للفئة العمرية من 6 إلى 14 سنة، في حين وصلت نسبتها إلى 95.4% بالنسبة للذكور من نفس الفئة العمرية. ولم يشر المعهد الوطني للإحصاء إلى توزيع نسبة الأمية حسب الجهات، لكن حسب الإحصائيات التي نشرها المعهد في سنة 2018 حول نسبة الأمية تصدرت ولاية جندوبة قائمة الولايات بأعلى نسبة للأمية بـ 31.6% تليها ولاية القصرين بنسبة 30.2% ثم ولاية سليانة بنسبة 29.7%.

في المقابل، شهدت ولاية بن عروس أقل نسبة للأمية حيث بلغت 9.7% بالمائة، تليها ولاية تونس بـ 10.1% بالمائة ثم ولاية المنستير بـ 10.5% بالمائة علما أن عدد السكان في الجمهورية بلغ أكثر من 11 مليون و700 ألف مواطن حسب آخر تعداد عام للسكان والسكنى لسنة 2014.

إرادة وتمويلات غائبة

تعود أسباب ارتفاع نسبة الامية سنة 2019، إلى ضعف الميزانية المخصصة لتعليم الكبار. ففي سنة 2013 تم تخفيض الميزانية من نحو 13 مليون دينار إلى 3 ملايين دينار بتعلة ترشيد النفقات العمومية، بالإضافة إلى عجز المنظومة التربوية التونسية عن انجاح جميع أبنائها وكثرة الرسوب الذي تراكم مما أدى إلى الانقطاع عن الدراسة وتفاقمه لتبلغ الحصيلة ما يقارب 120 ألف منقطع سنويا.

وتؤكد العديد من الأطراف من المجتمع المدني المعنية بالشأن الاجتماعي، ان ارتفاع نسبة الامية على هذا النحو المفزع دليل أكيد على فشل مزمن في المنظومة التربوية التونسية، سيما أن رقم مليوني أمي في بلد راهن على التعليم والتنوير يبدو غير معقول ولا مقبول.

وتكشف الاحصائيات، في ذات السياق، أن أكثر من 6 تلاميذ من بين كل 10 يلتحقون سنويا بمقاعد الدراسة سوف يغادرونها قبل بلوغ مستوى الباكالوريا وبن 300 تلميذ يغادرون مقاعد الدراسة يوميا دون رجعة. وتعبر هذه النسب والأرقام المهولة عن أن الوضعية سيستتبعها مستقبلا مزيد استفحال التهميش الاقتصادي والإقصاء الاجتماعي، مع ما للأمر من مخاطر للوقوع في براثن الانحراف والتطرف والاستغلال بشتى أنواعه.

ويبرز العديد من المتخصصين في الشأن الاجتماعي أن غياب الإرادة السياسية يحول دون مكافحة الأمية بتونس ذلك أن الخيارات السياسية غير موجودة سواء على مستوى الرؤية او التطبيق في ظل التركيز الى حد ما على الأمية الأبجدية في تدريس القراءة والكتابة دون إدراج هدف مكافحة الأمية الرقمية والوظيفية.

كما يجري التأكيد على أن تونس تواصل للحد من الأمية تنفيذ البرنامج الوطني لتعليم الكبار رغم انه لا يستقطب سنويا الا 21 ألف منتفع  في ظل تهرب عشرات الآلاف من التلاميذ من مقاعد الدراسة سنويا مع تضاؤل ميزانيته، مما يدعو وزارة الشؤون الاجتماعية الى التوجه باستمرار للمانحين سيما من الاتحاد الاوروبي وهم لا يبدون سخاء كبيرا على هذا الصعيد. ويبلغ عدد مراكز تعليم الكبار ومحو الأمية 950 مركزا ويتولى تقديم الدروس فيها 1200 مدرس.

يذكر أنه وفقا لما ورد في التقرير العالمي الرابع بشأن تعلّم الكبار وتعليمهم الذي أصدرته اليونسكو أواخر 2019،تبلغ نسبة البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 15 عاماً والذين يشاركون في برامج خاصة بالتعليم والتعلم أقل من 5% في ثلث بلدان العالم تقريباً. كما لا يحظى، حسب التقرير، ذوو الإعاقة وكبار السن واللاجئون والمهاجرون والأقليات والشرائح الاجتماعية المحرومة بالتمثيل الكافي في برامج تعليم الكبار، وبذلك يحرمون من الانتفاع بفرص تعلم الكبار الأساسية بالنسبة إليهم.

ويرصد التقرير استنادا الى معهد اليونسكو للتعلّم مدى الحياة مدى تنفيذ الدول الأعضاء في اليونسكو التزاماتها الدولية المتعلقة بتعلم الكبار وتعليمهم، وتظهر فيه بيانات متنوعة تتعلق بنحو 159 بلداً. كما يدعو إلى إحداث تغيير كبير في نهج تعلم الكبار وتعليمهم بالاستناد إلى استثمار كافٍ يضمن فرصة للجميع للاستفادة من برامج تعلم الكبار وتعليمهم، بما يضمن تحقيق المساهمة الكاملة في خطة التنمية المستدامة لعام 2030.

اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING