الشارع المغاربي – كمال دقيش ينسى تكليفه بالإدماج المهني...وتونس بالمرتبة 9 عالميا في البطالة ؟

كمال دقيش ينسى تكليفه بالإدماج المهني…وتونس بالمرتبة 9 عالميا في البطالة ؟

قسم الأخبار

28 أكتوبر، 2020

الشارع المغاربي -كريمة السعداوي: دأبت العديد من الأطراف سيما في الفترة الماضية خصوصا في مسار مختلف الحملات الانتخابية التشريعية والرئاسية على تقديم وعود للشباب التونسي بجعله أحد أبرز الاطراف الفاعلة ومحور التفكير والوعي بقضاياه وذلك بالأساس في ما يتعلق بدمجه في المنظومة الشغلية والاجتماعية وبالتالي حل جل مشاكله، من ناحية وجعله في قلب نظام الحوكمة وتقرير المصير محليا وجهويا ومركزيا، من ناحية اخرى.

غير ان الارقام وما تتيح على الاقل ميزانيتا العامين الحالي والمقبل من معطيات تخص الموارد والنفقات تحيل والى حد بعيد إلى أن تجسيم الاهداف المذكورة هو من الصعوبة بمكان لتعلق الأمر بواقعيتها او بقابلية تحقيقها مما يجعلها في الواقع مجرد وعود واهية سيما أن الالتزامات المالية للبلاد داخليا وخارجيا تمتد على عشرات السنين (32 عاما) وأن اعادة صيغة منوال تطوير المجتمع في عالم متحرك ليس بالمسألة الهينة.

كمال دقيش، وزير للشؤون الرياضية…فحسب

انعقدت مساء أمس الاثنين 26 أكتوبر 2020 جلسة عامة بقصر باردو للتحاور مع بعض أعضاء الحكومة حول عدد من المسائل التي تخص الشأن العام. وكانت، في هذا الإطار، لكمال دقيش وزير الشباب والرياضة والادماج المهني مداخلة اقتصر على التدخل في سياقها على إبراز وضعية الشأن الرياضي ناسيا أنه مكلف بالشباب وخاصة بالإدماج المهني احد أكبر الملفات أو بالأحرى المعضلات في بلد منهار وفاشل اجتماعيا واقتصاديا بالرجوع لكافة المعايير الدولية المعتمدة، على هذا المستوى.

وأكد كمال دقيش في جلسة الاستماع على ما يعاني القطاع من إشكاليات وصعوبات خاصة على مستوى غياب التوازن في خارطة المنشآت الرياضية وصيانتها ونقص الحوكمة في القطاع الى جانب معضلة تشغيل حاملي الشهائد العليا من خريجي المعاهد العليا للرياضة والتربية البدنية والتنشيط الشبابي والذين وصل عددهم إلى 9500 عاطل.

وأضاف الوزير أن الوزارة تشكو من ضعف فادح في الميزانية المخصصة لها والتي قال انها لم تتطور منذ أكثر من 7 سنوات وانها حافظت بصفة آلية على أرقامها التي لا تغطي حاجات القطاع. كما أشار إلى محدودية إمكانيات الهياكل الرياضية وما ترتب عنها من آثار قد تتفاقم أمام ضعف الموارد الذاتية ومداخيل الإشهار والاستشهار وغياب الاستثمار في هذا القطاع مستشهدا ببعض الأرقام والمؤشرات الخاصة بسنة 2020.

وركز دقيش على ضعف الاعتمادات المخصصة للمنتخبات الوطنية والتأطير الفني التي هي في حدود 21 مليون دينار ومحدودية منح الدعم العمومي للجمعيات (18.5 مليون دينار) مشيرا الى ان المنظومة الرياضية تشوبها صعوبات عديدة والى ان من أبرز تجلياتها تشتت النصوص التشريعية وعدم ملاءمتها للتحولات المتسارعة التي عرفها قطاع الرياضة على الصعيدين الوطني والدولي وضعف نسبة ممارسة الأنشطة البدنية والرياضية لدى مختلف الشرائح العمرية والأوساط الاجتماعية فضلا عن عدم ملائمة الزمن المدرسي والمهني لتعاطي الرياضة.

أرقام يخشاها الجميع

حلّت تونس في المرتبة التاسعة عالميا والثانية عربيا من حيث نسبة البطالة من مجموع أكثر من 200 دولة في العالم، حسب تقرير صدر لصندوق النقد الدولي في جانفي 2019. وتبلغ نسبة البطالة في البلاد 18% غير أن مكتب العمل الدولي يقدرها في حدود 29% باعتبار العمل الهش والموسمي وغياب مئات الالاف من القوى النشيطة عن دفاتر التسجيل الجبائي وصناديق الضمان الاجتماعي. ولم تعرف النسبة في تونس تراجعا منذ سنوات. واتخذت الحكومة خلال السنتين الفارطتين بعض الإجراءات “التقشفية” تسببت في تعطيل كبير للانتدابات بالقطاع العام حتى في القطاعات الحساسة في ظل غياب الحوافز المشجعة للتشغيل في القطاع الخاص وميدان العمل المستقل.

وبعد أن سجلت نسبة البطالة ارتفاعا في الوقت الذي تشدد الحكومة على انها تسعى الى خفض نسبة العاطلين عن العمل وبعد وعود أطلقت في بداية سبتمبر الفارط عند تقلد هشام المشيشي مهامه وضع في إطارها التشغيل كأولوية مطلقة، تبرز البيانات التي ينشرها المعهد الوطني للإحصاء اشتدادا كبيرا وغير مسبوق لهذه الافة سيما لدى الشباب والمرأة وفي الجهات. والملاحظ ان الجهات الـ 11 التي تعد معنية بالتمييز الايجابي تحافظ على النسب الأكثر ارتفاعا للبطالة.

وفي خضم هذه المعطيات، تواصل كل من ولايات قفصة وتطاوين وباجة تصدر قائمة الـ24 ولاية الأكثر عرضة للإقصاء الاجتماعي على مستوى النفاذ إلى سوق الشغل وذلك حسب دراسة ميدانية كشف عنها المعهد العربي لرؤساء المؤسسات. واعتمدت الدراسة التي قدمها المعهد خلال منتدى نظمه حول التشغيل بعنوان “الإقصاء الاجتماعي…عائق للالتحاق بسوق الشغل” على 4 محاور لقياس مؤشر الإقصاء الاجتماعي هي سوق الشغل والتشغيلية ومستوى العيش والتعليم والكفاءة والحركية.

وتم اعتماد مقياس من صفر إلى 1 لاحتساب مؤشر الإقصاء الاجتماعي وكلما كان المؤشر مرتفعا كلما كانت المنطقة عرضة أكثر للإقصاء الاجتماعي وكانت ولايات بن عروس وتونس والمهدية الأقل عرضة لهذه الظاهرة وفقا للنتائج التي بينتها الدراسة.

تحدّيات الإدماج في القطاع الرسمي

يوجد اليوم إجماع بين الخبراء والمتابعين على أنّ النمو الاقتصادي ينبغي أن يكون شاملاً حتى يوفّر مواطن شغل لائقة ويتيح الفرص للفئات الضعيفة. ولكن واقع الحال أثبت أنّ تطور الاقتصاد غير الرسمي هو نتيجة مباشرة لقلة فرص الشغل في الاقتصاد الرسمي وعجزه عن استيعاب نمو الطلب. وإن كان هذا القطاع من الاقتصاد مصدرا مهما للشغل والدخل خاصة بالنسبة للفقراء إلا أنّه يشكل عقبة أمام آفاق التنمية بسبب تأثيره السلبي على النمو الاقتصادي.

ويذكر أنّ الشركات العاملة في القطاعات غير الرسمية لا تتحمّل أيّة أعباء ضريبية أو معاليم الانخراط في الضمان الاجتماعي، مما يخلق منافسة غير عادلة للمؤسسات العاملة في القطاعات الرسمية. مثل هذا السلوك يعاقب المؤسسات القانونية ويعرّض وجودها للخطر. من ناحية أخرى، لا يحمي العمل غير الرسمي أيّ تشريع ولا يعترف به. نتيجة لذلك، لا يمكن للعامل المطالبة بحقوقه الأساسية وسيظل دائمًا في موقف الضعف والإقصاء. وبالنظر إلى حجم الاقتصاد غير الرسمي في تونس، من الضروري إطلاق استراتيجية وطنية تهدف إلى تسهيل انتقاله إلى الاقتصاد الرسمي.

على مدى 60 عامًا، أحرزت تونس تقدماً ملحوظاً في النهوض بالإنسان بفضل التعليم والصحة والمساواة بين الجنسين، لكن هذا الجهد لم يكن كافياً. وفي الواقع، مع ازدياد البطالة طويلة الأجل وعدم الاستقرار والتهميش والتفاوت الجهوي، أصبح الشباب التونسي أكثر عرضة للإقصاء الاجتماعي والاقتصادي. وقد تفاقم هذا الوضع بعد الفوضى التي تلت أحداث جانفي 2011 عندما ارتفع معدل البطالة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عامًا إلى 33% إضافة إلى أنّ الشابات التونسيات هن الأكثر تهميشًا ومعدلات البطالة بينهن تقارب ضعف معدلات البطالة لدى الرجال فيما تحولت نسبة كبيرة من الشباب إلى القطاع غير الرسمي للحصول على موارد غير مستقرة ولا تسمح لهم بالحصول على الحماية الاجتماعية.

 


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING