الشارع المغاربي – قسم الرياضة: يعتبر سمير السليمي من أبرز الوجوه الرياضية التي تحظى باحترام كبير في الشارع الرياضي في تونس بمختلف مشاربه وألوانه وبات اسمه يحتل حيّزا زمنيا كبيرا في المنابر الاعلامية في الفترة الأخيرة بفضل قبّعة المحلل الفنّي التي يرتديها منذ فترة بعد أن خلع عنه مؤقّتا جبّة التدريب… اليوم يعود القائد السابق للنادي الافريقي الى معقله الطبيعي وهو الملعب ليجمع بين القبّعتين في تجربة مرتقبة أثار اختيارها دون غيرها الكثير من الجدل.
عن تجربته التدريبية الجديدة وعلاقته بالنادي الافريقي وبجماهيره وعن قصّة العشق التي جمعته بالمصدح والكاميرا تحدّث سمير السليمي في حوار لـ”الشارع المغاربي”.
– سمير السلّيمي يعود الى عالم التدريب من بوّابة المستقبل الرياضي بالمرسى؟
بالفعل… عودة بعد احتجاب مطوّل نوعا ما ولكنها عودة مدروسة لأنّ الاختيار على تدريب المرسى لم يكن قرارا اعتباطيا بل كان مدروسا ولأنّه يستجيب لرغبة الطرفين على المستوى الرياضي.
– البعض يتساءل لماذا قبل سمير السليمي تدريب المستقبل وهو الناشط في الرابطة المحترفة الثانية في وقت رفض فيه تدريب أندية في بطولة الرابطة المحترفة الأولى على غرار نجم المتلوي؟
صحيح هذا تساؤل مشروع لكن الاجابة على هذا السؤال واضحة ومعلومة… اخترت تدريب مستقبل المرسى لأنّ الفريق له أهداف مرسومة وعلى المدى القريب والمتوسط ونحن نبحث من خلال هذا التعاقد على تحسين وضعية الفريق في هذا الموسم ومن ثمّة بناؤه على أسس صحيحة حتى يراهن مجددا على الصعود الى الرابطة الأولى في الموسم القادم. ثمّ الاختيار على مستقبل المرسى له جوانب أخرى اضافة للاعتبارات الرياضية فأنا أقطن بالمرسى وعائلتي هناك وهذا لن يعيقني عن القيام بواجباتي العائلية وكذلك المهنية لأنّه لي ارتباطات مهنية أخرى.
– نفهم من كلامك أنك ستحافظ على موقعك في المشهد الاعلامي وستواصل ارتداء قبّعة المحلّل الرياضي؟
بالفعل… سأحافظ على ارتباطي المهنية كمحلل رياضي وهذا كان شرط اتفاقي مع مسؤولي مستقبل المرسى.
– ألا تخشى بمرور الوقت أن تصبح محسوبا على عالم التحليل الرياضي وتفقد صفتك الأصلية كمدرّب خاصة أن الابتعاد عن الميادين يجعلك خارج المنظومة التدريبية؟
صحيح قد أكون ابتعدت قليلا عن الميادين وعن عالم التدريب… كنت منذ سنة ونصف تقريبا على رأس الاتحاد الرياضي ببن قردان وتركت أفضل الانطباعات والعروض التي كانت تصلني بين الحين والآخر تؤكّد أن أسهمي في سوق المدرّبين مازالت مرتفعة ثمّ أنا من بين الأسماء التي لا تقبل بأنصاف التجارب أو بأيّ عرض يصلها… أريد دائما أن أعمل في فريق له عقد أهداف واضحة وله مشروع رياضي واضح. بالنسبة لي وبالعودة الى المرسى فالفريق قريب منّي وأعرف الكثير عنه على المستوى الفنّي وأستطيع من خلال هذه المحطّة التدريبية أن أثبت للجميع أن سمير السلّيمي “عندو ما يقول في روحو” في الميدان. ما أكّدته لهيئة القناوية هو أنه خلال الثلاثة أو الاربعة الأشهر المتبقيّة في هذا الموسم هو أنّ الفريق سيتحسّن وهذا مؤكد بالنسبة لي… وبالنسبة للصعود فإنه علينا التجهيز منذ الآن للموسم القادم حتى يكون الفريق جاهزا على كل المستويات… وأعتقد أنّ التحدّي ملائم بالنسبة لي وأرجو التوفيق فيه…
– لنعد الى ميدان التحليل الذي تتمّيز فيه يوما بعد يوم بشهادة عدد كبير من المتابعين الذين يعتبرونك أفضل محلّل رياضي تونسي… الجميع يعرف أن سمير السليمي ابن النادي الافريقي ولكن جمهور الافريقي أو لنقل غالبيته يتهمك بالقسوة المبالغة فيها عند تقييمك لمردود الفريق أو تشخيصك للمشاكل التي يقع فيها؟
من المتعارف عليه هو أن الذي يحب بعنف يكون تقييمه دائما قاسيا بعض الشيء… ثمّ إن معرفتي لبعض الأمور الداخلية داخل النادي تجعلني أحيانا أكون حادا وقاسيا في نقدي… أحاول دائما أن أكون واقعيا ولا أتلاعب بعواطف الجماهير… الوضعية الحالية للنادي الافريقي وعلى جميع المستويات لا تعجب أحدا لذلك لا أستطيع أن أخالف قناعاتي وأن أكون شاهد زور.
– قلت الوضعية الحالية للإفريقي لا تعجب أحدا على جميع المستويات فهل قصدت المستوى الفنّي كذلك؟
على المستوى الفنّي والاداري… صحيح النادي الافريقي نتائجه في البطولة الى حد الآن ممتازة والأمور تسير على أحسن ما يرام مع المدرّب لسعد الدريدي وإن شاء الله تتواصل كذلك ولكني لا أستطيع أن أقول إنّ الافريقي جيّد إذا لم يقدّم مردودا محترما على الميدان… أنا لا أريد خسارة مصداقيتي لذلك علي دائما أن أكون محايدا في البلاتوه… أنا ابن النادي الافريقي ولن أنزع عنّي هذه الصفة ولا أحد باستطاعته نزعها منّي ولكني أتسلّح دائما بقناعاتي وأسعى جاهدا لأكون دائما محايدا أكثر ما يمكن وهذا في مصلحة النادي الافريقي كذلك.
– ألا تخشى أن يفقدك حيادك محبّة جماهير الافريقي والقعدة الشعبية التي كنت تتمتّع بها خاصة أنّ زملاءك في التحليل في البلاتوه لا يتحرّجون لحظة في الدفاع عن فرقهم بشراسة مبالغ فيها في بعض الأحيان على غرار ما يحدث مع شكري الواعر وزياد الجزيري والناصر البدوي الذين يلبسون علنا قبّعات أنديتهم؟
ربّما لهذا السبب وصفتني بالمتميّز في مطلع الحوار… الثقة التي اكتسبتها لدى المشاهدين متأتية من الحياد والمهنية والمصداقية الذين أتمسك بهما في مهنتي كمحلل رياضي… أنا أسعى دائما كي أكون محايدا وقد يكلّفني ذلك خسارة بعض الشعبية التي أملكها في صفوف جماهير الافريقي ولكن “الكلوبيستية” بحق يعرفونني جيّدا ويعرفون من هو سمير السليمي ويعرفون كذلك تاريخي ولست جديدا عنهم… ما يهمّني خلال البلاتوه هو أن يكون ضميري مرتاحا وما يشعنلي هو ألاّ أزيّف الحقائق مهما كان الفريق الذي أتحدّث عنه. أوافقك تماما في سؤالك قد أكون خسرت بسبب مواقفي ولكن ما يهمني هو أني “ربحت نفسي وربحت راحتي وضميري مرتاح”.
– تميّزك هذا والاشادة التي تتلقاها من حين لآخر سبّبت لك بعض المشاكل حتى في الخارج وتحديدا في قنوات بي اين سبورت؟
صحيح…دفعت فاتورة ذلك
– هل أزعجهم وجودك أو لنقل أخافهم تألّقك؟
لا أستطيع قول ذلك… ولا أريد العودة الى الوراء… لقد كانت تجربة مميّزة… التزاماتي العائلية والمهنية في تونس جعلتني لا أكون متواجدا هناك باستمرار وهناك ظروف أخرى يطول شرحها وبالنسبة لي الشخص مطالب بالنظر دائما الى الأمام والتقدّم… ” بي اين سبورت” كانت محطة جيّدة في مسيرتي المهنية وعلاقتي بالمسؤولين الموجودين فيها متميزة ونحن على اتصال دائم…
– كنت قريبا في وقت من الأوقات من الناخب الوطني الجديد المنذر كبيّر بفضل “بلاتوه التاسعة سبور” فما هو حكمك على اختياره لهذه المهمّة وما هو تقييمك لمردود المنتخب في المباريات الأخيرة التي لعبها؟
المنذر كبيّر استفاد كثيرا من بلاتوه التاسعة خلال تحليلنا نهائيات كأس أمم افريقيا وقد عمل على تجاوز عديد الأخطاء التي تطرّقنا لها… أهمّ ما يمكن الوقوف عليه في فترة كبيّر هو أن الأجواء داخل المنتخب أصبحت “نظيفة” والمجموعة متكاملة ومتجانسة وهناك روح وطنية عالية وشعور كبير بالمسؤولية لدى كل اللاعبين… ثانيا المنذر كبيّر له ميزة ايجابية وهي أنه لا يغيّر كثيرا في تشكيلته الأساسية واليوم بات من السهل جدّا توقّع نسبة كبيرة من تشكيلة المنتخب قبل كل مباراة ولنقل إن المدرّب الجديد عمل على خلق نواة أساسية في المنتخب لا تتغيّر على عكس ما كان عليه الحال في فترة ألان جيراس الذي تلاعب بتشكيلة المنتخب. الحمد لله أن النتائج كانت ايجابية كي يواصل المدرّب عمله بأكثر أريحية وثقة في النفس… أعتقد أن المنتخب بالنقاط التي جمعها وبالمردود الذي قدّمه قادر على التحسن ومواصلة السير في الطريق الصحيحة.
– لكن هناك من يعتبر أن التقييم حاليا لا يستقيم بحكم الفوارق الكبيرة الموجود بين منتخبنا والمنتخبات التي واجهناها في الفترة الأخيرة؟
المهمّ في هذه المواجهات هو الترشّح… ثمّ علينا ألاّ ننسى أن المنتخب الليبي كثيرا ما أقلقنا ولم يسبق لنا أن فزنا عليه بتلك النتيجة العريضة وتاريخ المواجهات يشهد على ذلك ومثل هذه المباريات تبقى دائما دربي لا يخضع لأحكام مسبقة. في غينيا عندنا بانتصار من خارج الديار وهذا أمر مهمّ كذلك… في مواجهة الكاميرون الوديّة قدمنا مردودا ممتازا وكنا نستحق الخروج بانتصار أمام منتخب له مكانته الكبيرة في افريقيا… هناك بوادر تحسّن ملحوظة… صحيح أن الطريق لازالت طويلة ولكن هناك مؤشرات واضحة للعيان وأيّ شخص “يفهم كورة كي يشوف المنتخب يعرف انو ماشية في طريق باهية”.