الشارع المغاربي: يعتبر وديع الجريء رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم من أهمّ الوجوه الرياضية البارزة بالساحة ويمكن تصنيفه بأنه الاسم الأكثر إثارة للجدل في تونس بحكم الخصومات والنزاعات القانونية التي خاضها على أكثر من واجهة والتي جعلت منه رقما ثابتا في معادلة صعبة مليئة بالهزّات والتقلّبات.
وديع الجريء له من الثقل الرياضي ما جعله محطّة مهمّة في عديد الاستحقاقات التي عاشتها البلاد ولازالت. وقد أثار ظهوره العلني في الحملة الدعائية لمرشحّ الانتخابات الرئاسية يوسف الشاهد خلال زيارته لولاية مدنين موجة عارمة من الانتقادات خاصة أنه كان من أكثر المنادين دائما بفصل الرياضة عن السياسة.
عن هذه النقطة وعن عديد المسائل المهمّة الأخرى تحدّث وديع الجريء في حوار لـ”الشارع المغاربي”.
– لنبدأ من السؤال الأهمّ والمتعلّق بظهورك العلني مع المرشّح للانتخابات الرئاسية يوسف الشاهد خلال زيارته الى ولاية مدنين؟
قبل الدخول في صميم الاجابة لماذا لم يتمّ طرح هذا السؤال على عديد الإخوة المتداخلين في الشأن السياسي والرياضي على غرار رضا شرف الدين وغيره من الأسماء الأخرى التي ترتدي قبّعات رياضية وسياسيّة والتي تنتمي لهيئات مديرة رياضية ولها تواجد في أحزاب وداخل قبّة البرلمان؟.
– لكن الجامعة التونسية لكرة القدم مطالبة بالتزام الحياد وباحترام مسافة الأمان تجاه كلّ الفاعلين في الشأن السياسي وأنت كنت دائما من بين المنادين بعدم التدخّل السياسي في الشأن الرياضي؟
وهذا لازال موقفي… القانون ينصّ عامة على أن هذا المنطق ينطبق على الجامعات وعلى الجمعيات كذلك… ثمّ المقصود بعدم إقحام جامعة كرة القدم في اللعبة السياسية هو عدم توظيف فضاءات الجامعة لخدمة حملات بعض المترشحين أو لدعايات سياسية أو توظيف أنشطة رياضية تحت خانة الحملات الدعائية. ثمّ إن وديع الجريء يبقى أوّلا وآخرا مواطنا تونسيا كغيره من التونسيين وله الحق الكامل في ممارسة مواطنته وفي دعم المرشّح الذي يراه الأنسب لقيادة البلاد.
– يعني المقصود هو أن مساندتك يوسف الشاهد كانت من باب ممارسة حقوقك المدنية والمواطنية وليس بصفتك رئيس جامعة كرة القدم؟
بطبيعة الحال… أنا حرّ في اختياري وفي دعم الاسم الذي أراه الأنسب… ثم ليكن في علم البعض أنّ من حقّ وديع الجريء الترشّح لرئاسة الجمهورية إذا أراد ذلك… اليوم لدينا في بعض دول العالم رؤساء جامعات هم أعضاء في مجالس نواب ولهم صفات حزبية ولم يستقيلوا من مواقعهم السياسية ليكونوا على رأس جامعات في بلدانهم وفيهم من خاض الانتخابات الرئاسية وهو رئيس جامعة. الأًصوات التي تخوض حاليا في هذه النقطة وتنادي بفصل الرياضة عن السياسة تجهل على ما يبدو أنه من حقّ رئيس الجامعة بصفته مواطنا تونسيا كامل الحقوق أن يمنح صوته لمن يحب وأن يختار مرشحه بكل حريّة. المشكل ليس في وجود توجّه سياسي ولكن الاشكال الحقيقي يُطرح فقط عندما يقع توظيف الجامعة لخدمة هذه التوجهات السياسية وهذا الأمر لم يحدث لذلك ما يقال الآن هو مشكل مفتعل. الجامعة لم تحتضن تظاهرات رياضية باسم تحيا تونس أو باسم يوسف الشاهد ولن تفعل ذلك ولم تطلب من الأندية مساندة أو مناشدة هذا المرشّح أو ذاك. في المقابل أنا أحافظ على كامل حقوقي المدنية التي يكفلها لي الدستور ويكفلها لكل مواطن تونس. ثانيا أنا استقبلت رجلا تجمعني به علاقة طيبّة وكثيرا ما كان دعما متواصلا للجامعة ويدفع بالرياضة الى الأمام ومن واجبي أن استقبله في مدينتي… مدنين ولدت بها وبن قردان عشت فيها ثمّ اني كنت الى جانب يوسف الشاهد بحكم العلاقة المتينة والصداقة التي تجمعنا…
– الحشد الجماهيري الكبير الذي واكب الاجتماع الشعبي ليوسف الشاهد في مدنين عكس الشعبية الجارفة التي يحظى بها الجريء في قلب الجنوب وهذه النقطة جعلت البعض يتساءل لماذا لم يفكّر الجريء في اقتحام عالم السياسة ولم لا الترشّح للانتخابات؟
الى حدّ اليوم أنا لست منخرطا في أيّ حزب ودعمي ليوسف الشاهد هو دعم لشخصه فقط وليس لحزب تحيا تونس… أنا أحترم كلّ الأحزاب بما فيها تحيا تونس ولكن مساندتي للشاهد جاءت بناء على قناعات شخصية لأنّي أرى أنّ مصلحة أبنائي ومدينتي وتونس بشكل عام تقتضي دعمي ليوسف الشاهد في هذه الانتخابات الرئاسية. وهذا حقّ مكفول لي وبالنسبة للأحزاب مثلما قلت لست منخرطا ولا تابعا لأيّ حزب والقانون لا يمنعني من ذلك في صورة ما قرّرت يوما ما التحزّب. ولكن حاليا هذه الأمور لا تستهويني…
– الموضوع مؤجّل؟
عندما أقول مؤّجلا يعني أن الفكرة تستهويني وهذا ليس صحيحا… ما أؤكّده أن السياسة لا تستهويني مطلقا والفكرة لا تخامرني تماما على الأقلّ في الوقت الراهن…
– حتى لا نغفل الجانب الرياضي ننهي بسؤال يتعلّق بالمنتخب, كيف عاينت المنتخب في مباراته الأولى تحت إشراف الإطار الفنّي الجديد بقيادة المنذر كبيّر؟
الحكم الآن لا يستقيم لأنه سيكون سابقا لأوانه… هناك عديد الوجوه الجديدة التي عززت قائمة المنتخب كما أن هناك أسماء مؤثّرة غابت عن هذه التربّص ولكن في المجمل الظهور الأوّل للمنتخب في نسخته الجديدة كان فوق المتوسّط ولاحظنا بعض المؤشرات الايجابية رغم أنّ الشوط الثاني من مباراة موريتانيا عرف عديد التغييرات في تشكيلة المنتخب… ختاما المنتخب التونسي في برنامج تحضيراته أربع مباريات وديّة اثنتان الآن بمواجهة موريتانيا ثمّ اليوم مع الكوت ديفوار ثمّ ستكون هناك مصافحة أو اثنتان وديتان في شهر أكتوبر ولنا كذلك مواجهتان مع المنتخب الليبي لحساب تصفيات كأس أمم افريقيا للمحليّين “شان” وبخوض هذه السلسلة من المباريات يمكن أن نأخذ فكرة بسيطة عن مستوى المنتخب تحت إشراف الإطار الفنّي الجديد والذي من المتوقّع أن يحافظ على نفس الفكر ونفس الآليات مع التدعيم ببعض الأفكار والاختيارات التي يراها الإطار الفنّي الأنسب لتحسين مردود المنتخب.
– رغم كلّ الكلام الذي قيل مباشرة عقب نهاية كأس أمم افريقيا وإقالة جيراس والمفاوضات مع نبيل معلول لم نشعر بحصول تغيير جوهري على رأس المنتخب وسارت الأمور بشكل عادي وسلس؟
الحمد لله… الأمور تسير على أحسن ما يرام والمنتخب ليس حكرا على أسماء بعينها والاستمرارية في الهيكلة والأمور التنظيمية واللوجيستية هي السبب في استقرار المنتخب… وحتى القطيعة مع جيراس تمّت بشكل حضاري وحافظنا على العلاقات الطيّبة التي جمعتنا وقد كان متواجدا معنا الى حدود يوم السبت الماضي ثمّ غادر بعد أن أنهى بعض الترتيبات الخاصة به.