الشارع المغاربي – العربي وبن رمضان وبالعيد: تونس على مشارف الإفلاس...!

العربي وبن رمضان وبالعيد: تونس على مشارف الإفلاس…!

9 مارس، 2018

الشارع المغاربي – وليد أحمد الفرشيشي: بين التطمينات الحكوميّة حول قدرة تونس على استعادة عافيتها، شرط القيام بإصلاحات «موجعة» موجهة إلى إنعاش الاقتصاد، وبين الأرقام التي يقدّمها الخبراء المحليّون والدوليون، ثمّة فارق رهيب لا يبدو أنّ حكومة الشاهد قادرة على تعديله أو مكاشفة الشعب به.

فحتى الخروج الإعلامي الأخير ليوسف الشاهد، رئيس الحكومة، والثاني له خلال سنة 2018، لم يمرّ دون إثارة الأسئلة الحيّة حول قدرة هذه الحكومة على تعديل المؤشرات الحيوية للاقتصاد التونسي، هذه المؤشرات التي لا بوصلة لها اليوم سوى «الإفلاس الوشيك»، و»الانهيار الاقتصادي القادم»، حسبما يرى الخبراء.

وتقريبًا هذا ما ذهب إليه عدد من الخبراء التونسيين، في الندوة التي احتضنها مقرّ بيت الحكمة، من تنظيم منتدى خير الدين، أين حضر، لا فقط التشريحُ الدقيقُ للوضع الاقتصادي التونسي، وإنّما، وهنا مكمنُ الخطورة، التحذيرُ الواضح من اقتراب البلاد من الإفلاس.

75 مليار دينار حجم ديون الدولة …!

هذه الندوة التي تناوب على أخذ الكلمة فيها كلّ من محمود بن رمضان والهادي العربي (الوزير السابق) والصادق بلعيد، فتحت كوّة حقيقية نفذت منها الحيرة وخاصة الخوف من مستقبلٍ قريبٍ لا يبدو أنّه سيكسرُ حالة العطالة التي يعرفها الاقتصادُ التونسي.

ما سيحدثُ هو العكسُ تماما، بالنظرِ إلى الأرقام المقدمة من طرف الخبراء، خاصة في ظل تدهور أغلب المؤشرات الحيوية. من ذلك مثلاً، ارتفاع نسبة الانفاق العمومي إلى 46.5 بالمائة من ميزانية الدولةوهو رقم قياسي تحتفظ به  تونس ضمن البلدان السائرة في طريق النمو  وارتفاع عدد الموظفين، خلال السنوات السبع الأخيرة ، بـ 197 ألف موظف إضافي.

خلال نفس هذه الفترة، أي بين 2011 و2017، تم تمويل الارتفاع في حجم كتلة الأجور المقدر بـ7.8 بالمائة، بالديون الخارجية المقدّرة بحوالي 75 مليار دينار أي ما يعادل 72 بالمائة من الناتج المحلّي الخام. في المقابل بلغ عجز الموازنة العامة 6.1 بالمائة في سنة 2017 مع عجز جاري يقدّر بـ10 بالمائة.

في الاثناء بلغ مخزون تونس من العملة الاجنبية 11332 مليون دينار مما جعل أيام التوريد تتراجع الى 80 يوما توريد مقابل 82 يوما الاسبوع قبل الماضي، وهو رقم قياسي لم يسبق ان عرفته البلادُ حتى في أحلك فتراتها.

مؤسسات مفلسة !

عمومَا، إذا كانت المؤشرات الكبرى للاقتصاد التونسي بهذا السوء، فإنّه لا يبدو أن وضعية المؤسسات العمومية الاستراتيجية ستغادرُ المنطقة السوداء. فحسب الخبراء، بلغت كتلة الأجور في المؤسسات العمومية 3.7 مليار دينار ما نسبته 56 بالمائة من قيمتها المضافة، مع خسارة مسجلة في سنة 2017 تقدّر ب1.2 مليار دينار منها 256 مليون دينار في قطاع النقل فقط.

ولعلّ ما يثيرُ الخوف أكثر هو تحوّل أزمة الصناديق الاجتماعية إلى أكثر من أزمة هيكلية، ذلك أن العجز المتراكم لكل من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، بلغ على التوالي 2190 و2303 مليون دينار، مع تسجيل فائض في صندوق التأمين عن المرض بـ518 مليون دينار ليبلغ مجموع العجز 3975 مليون دينار. أما في سنة 2017 وحدها فقد بلغ عجز الصناديق 1326 مليون دينار لتتحوّل إلى آلية لتمويل مستحقات المتقاعدين أكثر منها لتمويل القطاع الصحي.

البطالة في مواجهة عطالة الإنتاج…!

ومما جاء في الندوة أيضا، أنّ الجهات الداخلية للبلاد فقدت حوالي 10 آلاف موطن شغل كلّ سنة،  الى جانب أنها تعاني هذه الجهات من حالة إفراغ في القوى العاملة. وفي هذا الإطار فقدت ولاية سيدي بوزيد، مهد الثورة التونسية، على سبيل المثال  29500 موطن شغل.

وطنيا يبلغُ معدل البطالة 15.5 بالمائة مع طلب إضافي على سوق الشغل يقدر ب45 ألف طالب عمل سنويا.

وأمام ارتفاع نسب البطالة، لا تبدو وضعية الإنتاج، خاصة في القطاعات الحيوية، أفضل حالاً. فقطاع الفسفاط خسر 9.1 مليار دينار كقيمة مضافة علما أن شركة فسفاط قفصة مهددة بالملاحقة القضائية على المستوى الدولي، خاصة أنّها سجّلت جملة من الإخلالات التعقادية منها ما قيمته مليار دينار مع العملاق الهندي تيفرت Tifert.

أحداث الكامور ساهمت بدورها في تسجيل خسارة بـ 925 مليون دينار، في حين كان نصيب أحداث قرقنة 400 ألف دينار يوميا. ومع هذه الخسائر الرهيبة، التي تمس ضمنيا من الأمن الاقتصادي للبلد، تنضاف أزمة البنك الفرنسي التونسي التي قد تتسبّب في خسارة لتونس تتراوح بين 500 مليون ومليار دينار، بعد خسارة تونس قضيتها.

أورام بالجملة !

هذه الأرقام وان كانت تعكسُ حالة الانهيار التي يعرفها الاقتصاد التونسي، فإنّها أيضا تجدُ نفسها مسنودةً بأورام أخرى لا تقلّ خطورة على غرار ارتفاع نسبة التضخم، والمديونية المرتفعة ولكن أيضا الصراع الخفي أو المعلن بين الأطراف الاجتماعية وارتفاع منسوب الاحتجاجات وآخرها ما تعرفه جهة قفصة.

ذلك أن الصراعات «الفئوية» و»القطاعية» تكلّف تونس الكثير، وبشكل يوميّ، وكأنه لم يكف البلاد الإرهاب الذي تبلغ كلفته المباشرة ملياري دينار إضافة إلى كلفته غير المباشرة (قطاع السياحة)، أو كلفة الفساد الذي فشلت الحكومة في اجتثاثهِ، وغيرها من الأورام التي تقودُ البلاد بالفعل نحو الإفلاس الاقتصادي.

هذه الوضعيّة الكارثيّة تضعُ الجميع اليوم موضع اتهام، حكومة وأحزابا ونقابات ومنظمات، ذلك أننا لا نرى كيف يمكنُ إخراج البلاد من عنق الزجاجة وملوك الطوائفِ يتنازعون فيها علىالخرائب!


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING