الشارع المغاربي: يلزم الوحدة وإلّا الواحد منّا يكون عايش في مغارة أو في كوكب آخر باش ما يكونش سمع مرّة،على الأقل،بالشابّة حنين بوڨرّة وإلاّ سمعها وشافها على مواقع التّواصل الإجتماعي.
الشابّة حنين بوڨرّة هي أصيلة مدينة نفطة،خرّيجة الجامعة التّونسيّة لكنّها ما لوّجتش على وظيفة”مسمار في حيط”وقرّرت باش تكون صاحبة مشروع،تخدم وتخدّم معاها ناس…وفي وقت مش بعيد كانت تعبّر على رفضها لتوجّه عدد من الشّباب للهجرة النّظاميّة وإلاّ الحرقة!كانت تقول أنّها مش مستعدّة حتّى لمجرّد التّفكير في العيشة في أيّ بلاد غير تونس والخارج بالنّسبة ليها ما ينجّم يكون كان للسّياحة! خذات قرض وحلّت كوشة!ايه نعم كوشة تخدم فيها ويخدموا فيها ناس أخرين يعني مصدر رزق لعائلات!
يقول القايل:ايه شنوّة”الجديد”في هالحكاية؟ماهم النّساء التّونسيّات عندهن عشرات السّنين وهن يفرضوا في وجودهنّ في كلّ أنواع الخدِم من فلاحة في الأرض وفي البحر،للميكانيك والحدادة زيادة على المهن الأخرى الّي”استانست”النّاس بتأنيثها…
حنين بوڨرّة هي كوّاشة وفخورة بخدمتها وبسرعة ولّات وحدة من وجوه المجتمع المدني في مدينتها نفطة،تشارك في تظاهرات كيف مثلا إسناد عمل قافلات طبيّة للمنطقة…ريتو:الشابّة هذي شيئ ما كان يوحي أنّها نهار من النّهارات باش تولّي النّاس اتبّع في”اللّايفات”الّي تعملهم وهي صوتها ووجهها وحديثها ينزّ بالقهرة! القهرة وصّلتها لحدّ الإعتذار على كلامها السّابق ضدّ”الحرقة”!
شنوّة الّي صار والّي خلاّها تبدّل موقفها؟ببساطة شديدة:الخبزة!
والخبزة بالنّسبة لحنين بوڨرّة عندها معاني مصدر الرّزق ليها وللنّاس الّي يخدموا معاها وزادة للنّاس الّي تبيعلهم خبزها في كوشتها .
كلّنا نتذكّرو مقولة”خبز واحد للشّعب التّونسي الكلّ” وما سبقها وما جاء بعدها من حملات تصبّ في أنّو أزمة الخبز”مُفتعلة”ووراءها لوبيات وكارتالات تحبّ تأزّم الأوضاع بتجويع الشّعب…وكاينّو لا فمّة عام”عجرودة”،لا فمّة أزمة عالميّة في سوق القمح وأزمة ماليّة تحدّ من قدرة تونس على شراء ما يلزمها من حبوب بقروض وهبات”الصّمود الغذائي”وخاصّة بعد نفاذها…كلّنا زادة تبّعنا بعض الإيقافات وخاصّة وبالنّسبة لقطاع المخابز في الجهة الّي ماهيش بالضّبط في صفوف الجماعة الّي تصنع في الخبز الرّفيع !
هذا تبّعناه وتبعنا صدور بلاغ وزارة التّجارة الّي اذنت بعودة تزويد المخابز،ماعادش بيني وبينكم عارف شنوّة باش نسميوها،الّي تمنع عليها إستعمال إسم”مخبزة”وتسعّرت خبزتها وتحدّد طولها وشكلها و…و…ورجعوا”الكوش”كيف كوشة حنين بوڨرّة يخدموا لين شفنا”الفيديو”الجديد متاع الكوّاشة الشابّة بوڨرّة والّي رمات فيه المنديل بعد ما لمست،عند زملاء ليها،صعوبة ملاءمة الواقع مع مقتضيات المنشور الوزاري!
طبعا أنا ماعندي حتّى كفاءة باش نتحدّث على المواصفات الّي نصّص عليها البلاغ المذكور،لكن الّي شدّ إنتباهي أنّ حديث الكوّاشة بوڨرّة هو واقعيّتو خاصّة كيف قالت أنّ الطّول القانوني يجي تقريبا طول كفّها وتخيّلت نفسي قدّام صحيّن مرمز تونسي محرحر وإلّا ملوخيّة عايمة في زيتها وإلا مُقلي(وهي أكلات ولّات تخضع لتخطيط مسبق يتزامن مع صبّان الجِراية)،تخيّلت روحي قدّام صحيّن من القايمة المحدّدة وأنا يا ما لقيتش خبز”الشّعب الواحد”يا خذيت تاكسي باش نمشي لكوشة متاع”خبز الغُنية”وشدّيت صفّ غادي زادة ومن بعد خبزة ما تعمل كان غمستين في هاك الصّحيّن !
وبما أنّي كيف برشة توانسة وحتّى أكثر شويّة نموت على الماكلة وملكات الفهم عندي كلّها تتضاعف وقت يكون الحديث موضوعه التمخميخ وماندراك،عملت كيف على”مقاربة”هالشابّة النّفطيّة الأصيلة هذي،تحدّثت وفسّرت موضوع الخبز من غير لا تفلسيف ولا شعارات لا والو!قالت”نحشم نا”باش نبيع خبزي للنّاس اللّي نعرفهم ويعرفوني بميتين وخمسين ملّيم وهو أنقص طول وميزان على الّي كنت نبيعلهم فيه بميتين ملّيم،عاد قرّرت باش”نخالف”المنشور متاع الوزارة في نقطة السّوم وبعته بميتين بركة…
ومانيش باش نحكيلكم على طريقتها في حكاية طول الخبزة وطريقة”التصدّي”لفعل الخميرة…حاجة ماعرفتش نصنّفها في المضحكات وإلّا المبكيات…
الشابّة هذي،الّي على حدّ علمي ماعندهاش إنتماء حزبي ولا حتّى موقف سياسي(بخلاف أنّها روّجت لتصويتها ب”لا”على دستور قيس سعيّد)خرجت في الفيديو الأخير متاعها باش تقول”باع”وتعبّر على قرفها من الوضع…فمّة مقاطع يوجعوا،بالحقّ،على خاطر يصوّروا مثال لشابّة/شاب كبّش بيديه ورجليه في هالبلاد وتحمّل(ت)كلّ الضّغوطات متاع التّلويج على تمويلات وخاطرت بنفسها وبعائلتها باش تخدم وتخدّم في جهتها،لا تطلب”مسمار في حيط”لا تهاجر لا حتّى تمشي للعاصمة أو أيّ مدينة ساحليّة كبيرة…طفلة تخدم بقلب وربّ وتحب تعيش بعرق جبينها،وماهياش مجرّد عبارة مجازيّة،بما أنّها تخدم في الكوشة وما تاقفش بركة على الكاسة.
هالشابّة النّفطيّة الأصيلة وبعد ما كانت تنقد الشابات والشباب من جيلها الّي يحبّوا”الخبزة الباردة”كيف ما نقولو في تعبيراتنا الشّعبيّة وتحثّ فيهم/فيهنّ على الخدمة وتنطير الفرنك وعدم رميان ارواحهم لأخطار”الحرقة”،هي نفسها اليوم ترمي المنديل وتحبّ تهجّ!الطّفلة هذي تحدّثت بلغة ساهلة،من غير تسطيح على الهوّة بين الخطاب الرّسمي وخاصّة الرّئاسي الموجّه للشّباب والواقع الصّعيب والمُحبِط للعزائم!
تحدّثت على أنّك تكون شابّ أو شابّة،تحفر في الصّخر باش تنطّر خبزتك وخبزة برشة ناس أخرين معاك،تخلّص ماءك وضوّك والزّبلة والخرّوبة وكلّ الضّرائب باش تلقى روحك تعيش في مدينة تفتقر للنّظافة،تلقى ضوء مقصوص وماء مقصوص لحدّ أنّك ما تنجّمش حتّى تنظّف بدنك…تحدّثت على هذا وتوجّهت بخطابها للسّلطة الحاكمة وقالت أنّها ماعادش قادرة على التحمّل وهنّات السّلطة على نجاحها في”إحباط عزيمة الشّباب”وقالت أنّها قرّرت غلق محلّ صنع الخبز متاعها بما أنّو الّي يسطّروا هم من اصحاب المكاتب المكيّفة في العاصمة وما يعرفوش معنى وظروف الخدمة في كوشة في سخانة كيف الّي عايشينها..
الشابة حنين بوقرّة الّي توصّف روحها ب”كوّاشة وأفتخر”قالت كلّ شيء وخلاّت حتّى واحد كيفي أنا يموت على الخبز اليومي السّخون ويتلذّذ مطعمه مع كلّ طبق من أطباقنا يتبّعها وهي تحكي على أنواع المخابز وأنواع الخبز والمواصفات متاع الشكل والطّول والعرض وكذا…
هي صحيح عملت تدوينة تطلب فيها من النّاس الكلّ باش ما يوظّفوش كلامها لكن نحبّ نقوللها يا بنتي(وهي فعلا في سنّ أولادي) راك برادتك وإلّا بلاش ولّيت عنوان بارز في ملفّ الخبز،الخبزة الّي كلّ يوم تزيد تمرار خاصّة كيف نشوف شابّة شجاعة في عمرك ترمي المنديل…
حاجة وحدة،نتمنّى أنّ كلّ شابّة وشاب يدافع على خبزته(ها)بنفس الرّوح وما يسلّموش:البلاد بلادكم والمستقبل ليكم/لكنّ…وهضاكهو.
*نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 29 اوت 2023