الشارع المغاربي – على الرئيس القادم ان يحافظ على المنجز الديمقراطي - بقلم المنصف السليطي

على الرئيس القادم ان يحافظ على المنجز الديمقراطي – بقلم المنصف السليطي

23 أغسطس، 2019

الشارع المغاربي : دعوات عديدة تخترق المشهد السياسي وتقوم بتدوير الزوايا ، البعض منها معلن والبعض الاخر يرد د وراء أبواب مغلقة للنيل من مكتسبات الثورة وإلغاء منجزات الانتقال الديمقراطي وحذف كل مفاعيل وكميات الحرية والديمقراطية التي نهلت منهما اجزاء واسعة من الشعب التونسي حتى الثمالة و استعملتها أطراف من المنظومة السابقة للاستثمار في الحقد والكراهية وتبشير التونسيين بحرب أهلية قادمة لو وصلوا للحكم .

لسنا بحاجة إلى أن يحكمنا النظام القديم من جديد بأمواله ولوبياته ورجالته وشبكات المصالح التي كانت ولازلت مرتبطة به وهو يسعى الْيَوْمَ لإقناعنا بان الثورة كلهاشرور وبؤس ولا خير فيها وان الخلاص يأتي مع عودة رائحة بن علي او عبير بن علي أو احدى نسخ نظام الاستبداد والفساد الذي صادر الحريات وكمم الأفواه باسم توفير لقمة العيش وفِي النهاية أزاحته ثورة الحرية والكرامة لتتخلص تونس من الرعب والموت والقمع بعد ان قايض الحرية بالرغيف والديمقراطية بهيبة الدولة .

لسنا بحاجة الى حكومة تعيدنا الى مربع تمتلكفيه الدولة شعبها وتحدد فيه له ما يصاح له وما يصلح به بعد أن أصبحنا اليوم شعبا يملك دولة ويفتخر بجيشها ورجالات أمنها و سيأتي الرغيف نظيفا كريما شرط استدامة الحرية و مقاومة عصابات الفساد بكل أنواعها.

صحيح أن المنجز الاقتصادي يشكو من نقص كبير وان مختلف الحكومات بأقدار كبيرة عجزت عن إيجاد بدائل حقيقية وعن تلبية كل مقتضيات التنمية بالسرعة المطلوبة وبنسق متوازن لجميع الفئات و في جميع الجهات لأسباب عديدة ومن أهمها محدودية ميزانية التنمية في الميزانيات العامة وتراجع الاستثمار الخارجي والوطني وانتشار الاقتصاد الموازي وارتفاع المديونية و توقف الفسفاط وقلة إنتاج الثروة بصفة عامة ، ولازال الملف الاقتصادي يمثل ضغطا فعليا وكبيرا على التجربة الديمقراطية برمتها وهو التحدي الأكبر واللغم القابل للانفجار في كل وقت ويؤكد هذا الأمر ما نسمع ونشاهد اليوم من إجماع حقيقي على رفض الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية البائسة والمؤلمة في مجملها من قبل الشعب التونسي.

ولكن الأصح أن هذا لا يجب أن ينسنا أن بناء الدولة الوطنية الحديثة تطلب أكثر من نصف قرن لكي تصل إلى ما وصلت اليه تونس من تطور اجتماعي ونمو اقتصادي وقد مرت البلاد بالعديد من التجارب التنموية. فبعد التجربة الاشتراكية و التي تميزت بالتدخل المكثف للدولة في عملية التنمية والتخطيط الشامل لكل القطاعات و تركيز سياسة التعاضد خاصة في الفلاحة والتجارة وبعد إيقاف هذه التجربة ووأدها انتقلت تونس إلى تجربة الانفتاح الاقتصادي في السبعينات وحتى منتصف الثمانينات و التوجه نحو الاقتصاد الليبرالي مع حكومة الهادي نويرة وذلك للإستفادة من رأس المال الوطني والأجنبي لتحقيق التنمية الشاملة. وقد واصلت البلاد اشتغالها على هذا المنوال التنموي المبني على إقتصاد ذي تكلفة ضعيفة، ودون الدخول في الكثير من التفاصيل ،لا بد من التذكير بان حصيلة هذه التجارب التنموية أدت في جملتها إلى تحقيق عدة مكاسب اقتصادية أهمها تحول الإقتصاد التونسي من إقتصاد تقليدي الي إقتصاد متنوع الموارد تلعب فيه الصناعات العصرية والخدمات دورا هاما .

وما نود التأكيد عليه هو أنه مع وعينا بأن تكلفة الانتقال الديمقراطي مازالت مرتفعة في بلادنا وأغلب المؤشرات والدلالات تؤكد على أن أوضاعنا لم تستقر بعد على توازنات سياسية واجتماعية واقتصادية دائمة ومستمرة وواضحة المعالم بعد اهتزاز العالم القديم من تحت أرجلنا ؛ فإن فكرة الانتقال السحري من الضيق الى البحبوحة ومن الفقر الى الغناء ومن الشدة الى الرخاء تهاوت بعد تعدد التجارب واتضح أنها تتطلب مراحل طويلة والكثير من الحكمة والدربة والخبرة وضبط النفس.

فاليوم ونحن مقبلون على الاستحقاقات الانتخابية الهامة نأمل أن تمر البلاد إلى مرحلة فيها الكثير من الوضوح والتوازن السياسي مع المحافظة الضرورية على المنجز الديمقراطي.

صدر باسبوعية “الشارع المغاربي” في  عددها الأخير.

 

 


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING