الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: اكدت منظمة “ألارت” “alert” في تقرير أصدرته نهاية الأسبوع الفارط ان قضية الحليب تعود للنقاش من جديد على ضوء ما ورد في قانون المالية لسنة 2023 موضحة ان الحكومة تخطئ مرة أخرى الهدف وتجانب الصواب في معالجة الإشكاليات العميقة والهيكلية في قطاع الحليب وانها تقدم حلولا ترقيعية لمشاكل كبرى لا تنفع معها إلا المعالجات الجذرية.
وأوضحت “الارت” ان الحكومة لم تتجرأ بكل ما في يدها من ادوات على تجار الاعلاف وانها جعلت الفلاح علفا لجشعهم المتواصل وغضت الطرف عن تجاوزاتهم مبرزة ان الفلاح كوفىء بعد زيارة رئيس الجمهورية لأحد مصانع الحليب بزيادة في سعر فيتورة الصوجا مما يعني مزيد تعميق جراحه وهذه دلالة على أن القطاع آخر اهتمامات السلطة.
وأشار تقرير المنظمة، في ذات السياق الى ان الحكومة فضلت بعد انتظار طويل للقرارات التي وعد بها وزير الفلاحة ورئيس الجمهورية للنهوض بالقطاع وايقاف النزيف والترفيع في سعر الحليب كمرحلة اولى وتحرير سعره في ما بعد التوجه نحو الحلول السهلة والتي تفضل المنظومة الأجنبية على حساب المنظومة المحلية (نفس التمشي الذي تم اتباعه في منظومة الحبوب) والتي تعزز نفوذ عدد محدود من المصنعين المحليين على حساب مئات الآلاف من الفلاحين وعلى حساب المخزون الضئيل من العملة الصعبة وذلك من خلال تسهيل توريد مسحوق الحليب اذ تضمن قانون المالية 2023 إجراءات تعلقت بدعم تزويد السوق بمادة الحليب، حيث نص الفصل 21 من القانون على إلغاء أحكام الأمر 1391 لسنة 1991 المتعلق بتوظيف معلوم على مسحوق الحليب المستورد وعلى إلغاء المعلوم الموظف على الزبدة والمنصوص عليه في الأمر 2115 لسنة 1993.
غير ان المنظمة تعتبر ان قرار إلغاء المعاليم الديوانية على مادة الزبدة ومسحوق الحليب لا يعتبر حلاً للأزمة العميقة والهيكلية لقطاع الحليب ولن يقلل من الطلب على الحليب في السوق مشيرة الى ان الحصة السنوية لمسحوق الحليب المستورد والمقدرة بـ 2000 طن (ما يقارب 20 مليون لتر) لن تكفي لتعديل السوق فيما تقدر كمية الحليب المجمعة يومياً بـ1.4 مليون لتر والحاجات اليومية بـ 1.8 مليون لتر، ليناهز بذلك العجز اليومي 400 ألف لتر.
واكد التقرير انه حتى لو كانت هناك رغبة في الترفيع في هذه الحصة، فإن كلفة إنتاج الحليب ومشتقاته ستكون باهظة الثمن مبرزا انه على عكس ما صرح به أحد المصنّعين في تعليقه على الموضوع في إذاعة خاصة، فإن سعر طن الواحد من مسحوق الحليب يتزايد منذ أكثر من عام بسبب ارتفاع أسعار الطاقة وان سعره ناهز 4800 دولار عام 2022 (مقارنة بـ 3300 دولار عام 2021 و2200 دولار عام 2016).
وتابع التقرير مبينا ان الاجراء الحكومي المضمن بقانون المالية للعالم الحالي لن يحل المشكلة الأساسية في القطاع والمتمثلة في نقص في الإنتاج نتيجة فقدان الثروة الحيوانية تبعا لتحمل المربي خسائر كبرى باعتبار ارتفاع كلفة الإنتاج باستمرار، إلى أن اضطر جزء كبير من مربيي الأبقار خاصة في الأشهر القليلة الماضية إلى التوقف عن النشاط.
ولن يغير هذا الإجراء – حسب تقييم “الارت” – شيئاً في الأزمة التي يشهدها القطاع. كما لن يغير مصنعي الحليب والمواد المحولة منه شيئاً في تركيبة المواد المسوقة، اذ لا يمكن التعويل على مسحوق الحليب لصناعة ياغورت ذو جودة محترمة ومطابقة للمعايير العالمية، و سيكون هذا الإجراء بمثابة هدية من الدولة لبعض المصنعين الحاصلين على ترخيص لتوريد مسحوق الحليب والزبدة بما أنها كانت عاجزة عن تسديد مستحقاتهم المتأتية من الدعم علاوة على ان الشيء الوحيد الذي سيتغير، هو هامش ربح المنتج، الذي سيرتفع بفضل هذا الإجراء لتبين الحكومة مرة أخرى الحكومة أن الفلاحين ليسوا جزءًا من حساباتها أو أولوياتها.