الشارع المغاربي – أريحـا‭ ‬1965‭ - ‬أريحـا ‭ ‬2024/بقلم: العميد الصادق بلعيد

أريحـا‭ ‬1965‭ – ‬أريحـا ‭ ‬2024/بقلم: العميد الصادق بلعيد

قسم الأخبار

26 أكتوبر، 2023

الشارع المغاربي: جاء‭ ‬انفجار‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر‭ ‬الجاري‭ ‬كالصاعقة‭ ‬حيّرت‭ ‬كل‭ ‬الأطراف‭ ‬المعنية‭ ‬بالمأساة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬؛‭ ‬وفي‭ ‬فترة‭ ‬وجيزة‭ ‬وبعد‭ ‬فتور‭ ‬مريب‭  ‬و‭” ‬نوم‭” ‬دام‭ ‬سنوات،‭ ‬اندلعت‭ ‬المأساة‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬كالبركان‭ ‬الهائل‭ ‬او‭ ‬‮”‬تسونامي‮”‬‭ ‬مدمّر؛‭ ‬فطُرح‭ ‬السؤال‭ ‬الأهم‭ ‬والحياتي‭: ‬كيف‭ ‬تمكّنت‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬بضعة‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬انجاز‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تقدر‭ ‬عليه‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬سبعة‭ ‬عقود‭ ‬في‭ ‬صراعها‭ ‬مع‭ ‬المحتل‭ ‬الاسرائيلي،‭ ‬وكيف‭ ‬تمكّنت‭ ‬من‭ ‬دحض‭ ‬اسطورة‭ ‬الاإنقهارية‭ ‬لذلك‭ ‬الجيش‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الاربعة‭ ‬الأقوى‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬فتسارع‭ ‬البعض‭ ‬بإعلانهم‭ ‬عن‭ ‬حدوث‭… ‬معجزة‭ ‬–‭ ‬معكوسة‭ -‬،‭ ‬معجزة‭ ‬تغلب‭ ‬الصغير‭ ‬‮”‬داود‮”‬‭ ‬على‭ ‬القوي‭ ‬‮”‬جلياط‮”.‬‭.‬

لنترك‭ ‬الملاحم‭ ‬وسرّها‭ ‬وسحرها،‭ ‬ولنركّز‭ ‬نظرنا‭ ‬على‭ ‬الواقع‭ ‬فنتساءل‭ ‬عن‭ ‬مسببات‭ ‬هذه‭ ‬الحادثة‭ ‬وعن‭ ‬اقدام‭ ‬حماس‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المجازفة‭ ‬الجريئة‭ ‬والوحيدة‭ ‬في‭ ‬نوعيتها‭.‬

‭ -* ‬قيل‭ ‬إن‭ ‬حماس‭ ‬قامت‭ ‬بهذه‭ ‬العملية‭ ‬في‭ ‬كامل‭ ‬السرية‭ ‬وحتى،‭ ‬في‭ ‬غفلة‭ ‬من‭ ‬المنظمة‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬الأقوى‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬؛‭ – ‬ببساطة،‭ ‬السر،‭ ‬في‭ ‬تقديرنا،‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬حماس‭ ‬تحصّلت‭ ‬قبل‭ ‬الآخرين‭ ‬على‭ ‬انباء‭ ‬عن‭ ‬مفاوضات‭ ‬بين‭ ‬المملكة‭ ‬السعودية‭ ‬والكيان‭ ‬الاسرائيلي‭ ‬حول‭ ‬‮”‬‭ ‬تطبيع‭ ‬العلاقات‮”‬‭ ‬بينهما‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الشرط‭ ‬السعودي‭ ‬بالاعتراف‭ ‬الاسرائيلي‭ ‬المسبق‭ ‬بحقوق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وبقبوله‭ ‬لمبدا‭ ‬‮”‬الدولتين‭ ‬المتجاورتين”؛‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬معهود،‭ ‬فان‭ ‬هذه‭ ‬المفاوضات‭ ‬جاءت‭ ‬تحت‭ ‬ضغط‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬‮”‬الاتفاقيات‭ ‬الابراهيمية‮”المبرمة‭ ‬بين‭ ‬الكيان‭ ‬الاسرائيلي‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية؛‭ ‬إلا‭ ‬ان‭ ‬الطرف‭ ‬الاسرائيلي‭ ‬لم‭ ‬يقبل‭ ‬هذه‭ ‬الشروط،‭ ‬فعلّقت‭ ‬المفاوضات‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭. ‬

نرجح‭ ‬ان‭ ‬حماس‭ ‬قد‭ ‬تنبّهت‭ ‬لمخاطر‭ ‬هذا‭ ‬التقارب‭ ‬ولإمكانية‭ ‬نجاحه‭ ‬خصوصا‭ ‬بتدخل‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الحالي،‭ ‬الذي‭ ‬عزم‭ ‬على‭ ‬الترشح‭ ‬لعهدة‭ ‬ثانية،‭ ‬وبمساندة‭ ‬الطرف‭ ‬الأوروبي‭ ‬لهذه‭ ‬الصفقة‭ ‬‮”‬التاريخية‮”‬‭ ‬لحل‭ ‬المعضلة‭ ‬الفلسطينية؛‭ ‬ومن‭ ‬البديهي‭ ‬ان‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يحصل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬يمثل‭ ‬رهانا‭ ‬ثقيلا‭ ‬ومفصليا‭ ‬باعتبار‭ ‬ان‭ ‬نجاح‭ ‬مناورة‭ ‬البلاد‭ ‬الغربية،‭ ‬التي‭ ‬ترمي‭ ‬الى‭ ‬‮”‬ضرب‭ ‬عصفورين‭ ‬بحجر‭ ‬واحد ‮”‬‭ )‬حماس‭ ‬وإيران‭)‬‮”) ‭ ‬سيؤول‭ ‬حتميا‭ ‬الى‭ ‬تعميم‭ ‬الاتفاقات‭ ‬الابراهيمية‭ ‬على‭ ‬باقي‭ ‬البلاد‭ ‬العربية‭ ‬وبالتالي،‭ ‬الى‭ ‬ردم‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بصفة‭ ‬نهائية‭.‬‮»«‬

في‭ ‬تقديرنا،‭ ‬بالنسبة‭ ‬لحماس‭ ‬كان‭ ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ” ‬أكون‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬أكون‭” ‬لـ”هاملت‮”‬‭ ‬في‭ ‬مسرحية‭ ‬شكسبير”؛‭ ‬فإذا‭ ‬صمتت‭ ‬واحتفظت‭ ‬بذلك‭ ‬السر،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬قد‭ ‬يعتبره‭ ‬البعض‭ ‬يوما‭ ‬ما‭ ‬‮”‬خيانة‭ ‬‮”‬‭ ‬قد‭ ‬تنجرّ‭ ‬عنها‭ ‬مؤاخذتها‭ ‬وربما‭ ‬تصفيتها؛‭ ‬لكن‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬فإن‭ ‬حماس‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬أمل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬فكرة‭ ‬التحالف‭ ‬مع‭ ‬الأطراف‭ ‬الفلسطينية‭ ‬عن‭ ‬يمينها‭ ‬او‭ ‬عن‭ ‬يسارها؛‭ ‬فوجدت‭ ‬نفسها‭ ‬امام‭ ‬تحدّ‭ ‬تاريخي‭ ‬ومفصلي‭: ‬إما‭ ‬استرجاع‭ ‬الأراضي‭ ‬المغصوبة‭ ‬والحقوق‭ ‬المسلوبة،‭ ‬او‭ ‬المقاومة‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬الاستشهاد‭ ‬المحتوم؛‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬المأزق‭ ‬الأول؛‭ ‬

‭ -* ‬مقابل‭ ‬ذلك،‭ ‬فان‭ ‬الطرف‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬هو‭ ‬الآخر،‭ ‬في‭ ‬مأزق‭ ‬موازي‭ ‬باعتباره‭ ‬متمسّكا‭ ‬بـما‭ ‬يعتبرها‭ ‬‮”‬الأرض‭ ‬الموعودة”؛‭ ‬فكما‭ ‬أقرت‭ ‬حرفيا‭ ‬بذلك‭ ‬قولدا‭ ‬ماهير‭ ‬للرئيس‭ ‬جو‭ ‬بادين،‭ ‬وبشهادة‭ ‬هذا‭ ‬الأخير‭- ‬فأنهم‭ ‬يعترفون‭ ‬بأن‭: ‬”ليس‭ ‬لنا‭ ‬مكانا‭ ‬نلجأ‭ ‬اليه‭ ‬غير‭ ‬هذا‭… ‬”‬وعلى‭ ‬غرار‭ ‬موقف‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬العربية‭ ‬إزاء‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬فإن‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬يعلمون‭ ‬ان‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬التي‭ ‬تتظاهر‭ ‬لهم‭ ‬بشديد‭ ‬المودّة،‭ ‬لا‭ ‬يرغبون‭ ‬في‭ ‬استقبالهم‭ ‬على‭ ‬أراضيهم،‭ ‬والتاريخ‭ ‬شاهد‭ ‬على‭ ‬ذلك؛‭ ‬فكلا‭ ‬الطرفين‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬المأزق‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الورطة‭.   ‬

‭-* ‬بعد‭ ‬هذا‭ ‬التوصيف‭ ‬الموجز‭ ‬للموقفين،‭ ‬يمكن‭ ‬استخلاص‭ ‬حقيقة‭ ‬يشترك‭ ‬فيها‭ ‬الطرفان‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭: ‬هما‭ ‬يتنازعان‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬الرقعة‭ ‬الأرضية،‭ ‬وليس‭ ‬لأي‭ ‬منهما‭ ‬بديل‭ ‬غير‭ ‬تلك‭ ‬الأرض،‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬المجاورة‭ ‬او‭ ‬غيرها‭ ‬مستعد‭ ‬لاقتبالهما؛‭ ‬وبالتالي،‭ ‬فلا‭ ‬فرَار‭ ‬من‭ ‬الحل‭ ‬الأوحد‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭ ‬طرحه‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ستين‭ ‬سنة‭ ‬في‭ ‬اريحا‭ ‬والمتمثل‭ ‬في‭ ‬دولتين‭ ‬متجاورتين‭ ‬ومتسالمتين‭ ‬ومتواجدتين‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬العاصمة‭ ‬التاريخية‭ ‬لكليهما‭. ‬

*- ‬هذا‭ ‬الحل‭ ‬التوفيقي،‭ ‬الذي‭ ‬رفضه‭ ‬سابقا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬المعنية،‭ ‬أصبح‭ ‬اليوم‭ ‬مقبولا‭ ‬صراحة‭ ‬وعلنا‭ ‬عند‭ ‬اغلب‭ ‬الأطراف،‭ ‬البعيدة‭ ‬منها‭ ‬من‭ ‬الطرفين‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والإسرائيلي‭ ‬او‭ ‬القريبة‭ ‬منهما،‭ ‬ناهيك‭ ‬ان‭ ‬حتى‭ ‬الأطراف‭ ‬المتناقضة‭ ‬–‭ ‬أمريكا‭ ‬ومعها‭ ‬أوروبا،‭ ‬وروسيا،‭ ‬والبلاد‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬والصين،‭ ‬واليابان،‭ ‬والبلاد‭ ‬الآسيوية،‭ ‬وأيضا‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لهيئة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ -‬،‭ ‬كلهم‭ ‬يطالبون‭ ‬بحل‭ ‬الدولتين‭ ‬المتجاورتين‭ ‬ويساندونه‭ ‬باعتباره‭ ‬الحل‭ ‬الأكثر‭ ‬واقعية‭ ‬وانصافا‭.  ‬

ان‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الحل‭ ‬التوافقي‭ ‬المنشود‭ ‬له‭ ‬بعد‭ ‬سياسي‭ ‬داخلي‭ ‬وبعد‭ ‬دولي‭ ‬من‭ ‬الواجب‭ ‬اعتبارهما‭. ‬

‭-* ‬فعلى‭ ‬المستوى‭ ‬الداخلي،‭ ‬يتحتم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬مفارقات‭ ‬هذه‭ ‬المعضلة‭ ‬ان‭ ‬القوى‭ ‬السياسية‭ ‬الحاكمة‭ ‬حاليا‭ ‬في‭ ‬الشعبين‭ ‬المتنازعين‭ ‬تنتمي‭ ‬الى‭ ‬الاتجاهات‭ ‬المتطرفة‭ ‬والرافضة‭ ‬للحلول‭ ‬التوفيقية‭ ‬والمتشبثة‭ ‬بالانفرادية‭ ‬بالحكم‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬قاعدتهما‭ ‬الشعبية‭ ‬تآكلت‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬التشكيك‭ ‬في‭ ‬مشروعيتها؛‭ ‬لذلك،‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬صالح‭ ‬الطرفين‭ ‬المتنازعين،‭ ‬إذا‭ ‬ارادا‭ ‬صالحا‭ ‬لشعبيهما،‭ ‬التخلّص‭ ‬من‭ ‬النزعات‭ ‬المتطرفة‭ ‬والإقصائية‭ ‬والاحتكام‭ ‬الى‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬انتخابات‭ ‬عامة،‭ ‬حرة‭ ‬ونزيهة‭ ‬ومراقبَة‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬مثلما‭ ‬حصل‭ ‬ذلك‭ ‬بنجاح‭ ‬في‭ ‬مناسبات‭ ‬سابقة؛‭ ‬فإن‭ ‬إعادة‭ ‬ترتيب‭ ‬الشأن‭ ‬الداخلي‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأسس‭ ‬الديمقراطية‭ ‬سينجرّ‭ ‬عنه‭ ‬تعاطف‭ ‬كبير‭ ‬من‭  ‬طرف‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬العالمي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬شديد‭ ‬وإجابي‭ ‬على‭ ‬مواقف‭ ‬السلطات‭ ‬السياسية‭ ‬القائمة،‭ ‬وما‭ ‬زال‭.‬

‭-* ‬وعلى‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي،‭ ‬فانه‭ ‬من‭ ‬المحبّذ‭ ‬جدا‭ ‬رفع‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الى‭ ‬المحافل‭ ‬الدولية‭ ‬الأكثر‭ ‬تعاطفا‭ ‬مع‭ ‬القضايا‭ ‬العادلة،‭ ‬ونعني‭ ‬وبالخصوص،‭ ‬‮”‬الجلسة‭ ‬العامة‮”‬‭ ‬لهيئة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لكونها‭ ‬الملتقى‭ ‬العام‭ ‬لجميع‭ ‬الدول‭ ‬ولكونها‭ ‬المحفل‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬يطبَّق‭ ‬فيه‭ ‬مبدا‭ ‬التصويت‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬‮”‬الأغلبية‮”‬،‭ ‬على‭ ‬خلاف‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الذي‭ ‬يسيطر‭ ‬فيه‭ ‬مبدأ‭ ‬‮”‬الفيتو”؛‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬فإنه‭ ‬يتعين‭ ‬خصوصا‭ ‬ان‭ ‬نلفت‭ ‬نظر‭ ‬الجميع‭ ‬الى‭ ‬اهمية‭ ‬التوصية‭ ‬للجلسة‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬عدد‭ ‬5‭/‬377‭ ‬بتاريخ‭ ‬3‭ ‬نوفمبر‭” ‬1950‭  ‬‮ ‬الاتحاد‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬السلام ‬‭ ” ‬والمسماة‭ ‬‮”‬توصية‭ ‬اتشسون”؛‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬المفيد‭ ‬الاعتماد‭ ‬عليها‭ ‬عند‭ ‬رفع‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لكون‭ ‬هذه‭ ‬التوصية‭ ‬ستعطي‭ ‬مشروعية‭ ‬واضحة‭ ‬لتدخل‭ ‬‮”‬الجلسة‭ ‬العامة‮”‬‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الحل‭ ‬السلمي‭ ‬للمشكلة؛‭ ‬فلا‭ ‬فائدة‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬الى‭ ‬مجلس‭ ‬الامن،‭ ‬كما‭ ‬حصل‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬الاسبوع‭ ‬الفارط‭ ‬؛‭ ‬لهذا،‭ ‬فإنا‭ ‬نُهيب‭ ‬بمؤتمر‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬والدول‭ ‬الآسيوية‭ ‬وبالدول‭ ‬العربية‭  ‬المشاركة‭ ‬حاليا‭ ‬في‭ ‬‮”‬قمة‭ ‬القاهرة‭ ‬للسلام”‮ ‬‭ )… ‬الفاشلة،‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬أسف‭( ‬ان‭ ‬يعتمدوا‭ ‬على‭ ‬التوصية‭ ‬المذكورة‭ ‬وان‭ ‬يرفعوا‭ ‬الشكلة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الى‭ ‬الجلسة‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأساس؛‭ ‬ففي‭ ‬ذلك‭ ‬احراج‭ ‬شديد‭ ‬لمن‭ ‬اخترع‭ ‬تلك‭ ‬التوصية‭ )‬أي‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الامريكية،‭ ‬بذاتها‭(‬،‭ ‬وفي‭ ‬ذلك‭ ‬أيضا‭ ‬فرصة‭ ‬سانحة‭ ‬للتعريف‭ ‬بالقضية‭ ‬العادلة‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬لدى‭ ‬جميع‭ ‬أعضاء‭ ‬هيئة‭ ‬الامم‭ ‬المتحدة‭ ‬وللتأثير‭ ‬العميق‭ ‬على‭ ‬الراي‭ ‬العام‭ ‬العالمي‭ ‬لفائدتها‭.‬

‭ -* ‬إن‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬التوجّه‭ ‬الى‭ ‬هيئة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬–‭ ‬وخاصة،‭ ‬الى‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬منها‭ ‬–‭ ‬يكوّن‭ ‬فرصة‭ ‬ذهبية‭ ‬للدفاع‭ ‬على‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وعلى‭ ‬تمكين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬استرجاع‭ ‬أراضيهم‭ ‬المسلوبة،‭ ‬وذلك‭ ‬لسببين‭ ‬أساسيين:‭ *- ‬السبب‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الندوة‭ ‬الأممية‭ ‬ستكون‭ ‬فرصة‭ ‬ثمينة‭ ‬لوضع‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬قفص‭ ‬الاتهام‭ ‬وللتشنيع‭ ‬باستهتاره‭ ‬بالقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬عموما،‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي‭ ‬المتعلق‭ ‬بالحروب‭ ‬وبمنظومة‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬فروعها‭ ‬وبالقانون‭ ‬الدولي‭ ‬الإنساني،‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص؛‭ *- ‬والسبب‭ ‬الثاني‭ ‬والأهم‭ ‬يتعلق‭ ‬بالموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭: ‬فبعد‭ ‬المساندة‭ ‬الدؤوبة‭ ‬للمواقف‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬المأساة‭ ‬في‭ ‬1948،‭ ‬فإنه‭ ‬يبدو‭ ‬ان‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬تطور‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬وبشكل‭ ‬ملحوظ‭ ‬ومؤكَّد،‭ ‬عبرت‭ ‬عنه‭ ‬بدون‭ ‬أي‭ ‬التباس‭ ‬اعلى‭ ‬سلطة‭ ‬سياسية‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الدولة،‭ ‬أي‭ ‬رئيس‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الحالي،‭ ‬الذي‭ ‬صرّح‭ ‬وكرّر‭ ‬بصورة‭ ‬واضحة‭ ‬ان‭ ‬بلاده‭ ‬تساند‭ ‬مبدأين‭ ‬اساسين‭ ‬لحل‭ ‬المعضلة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬هما‭: *- ‬الحل‭ ‬السلمي‭ ‬–‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬عدم‭ ‬رضاه‭ ‬على‭ ‬السياسة‭ ‬العدوانية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الحالية،‭ *-  ‬وحل‭ ‬‮”‬الدولتين‭ ‬المتجاورتين‭ ‬والمتسالمتين‮”‬‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الرقعة‭ ‬من‭ ‬الأرض،‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أي‭ ‬حل‭ ‬دائم‭ ‬غيره؛‭ ‬ونظرا‭ ‬لهذا‭ ‬التحول‭ ‬الجذري‭ ‬في‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬حاليا،‭ ‬ونظرا‭ ‬لما‭ ‬قد‭ ‬تُخفيه‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬القادمة،‭ ‬فإنا‭ ‬نرى‭ ‬انه‭ ‬من‭ ‬صالح‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والعربية‭ ‬ان‭ ‬يقع‭ ‬تسجيل‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬التاريخي‭  ‬بصورة‭ ‬رسمية‭ ‬في‭ ‬الجلسة‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬المقترح‭ ‬دعوتها‭ ‬خلال‭ ‬السنة‭ ‬الحالية‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذه‭ ‬القرارات‭ ‬على‭ ‬ارض‭ ‬الواقع‭ ‬اثناء‭ ‬سنة‭ ‬2024،‭ ‬ان‭ ‬شاء‭ ‬الله‭….‬

*نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 24 اكتوبر 2023


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING