الشارع المغاربي: حثت منظمة العفو الدولية اليوم الثلاثاء 24 اكتوبر 2023 المشرعين التونسيين على الامتناع عن المصادقة على مشروع قانون قدمته مجموعة من النواب يوم 10 اكتوبر الجاري يهدف الى استبدال قانون الجمعيات الحالي الصادر سنة 2011 مؤكدة ان مشروع القانون الجديد يحتوي على قيود شديدة معتبرة انه قمعي ويهدد استقلالية المجتمع المدني.
واعتبرت المنظمة في بيان صادر عنها نشرته على موقعها ان مشروع القانون يتضمن “قيودًا غير ضرورية وغير متناسبة مع تشكيل ونشاط وتمويل منظمات المجتمع المدني ويهدد استقلالها من خلال السماح للحكومة بالتدخل غير المبرر في عملها”.
ونقلت عن “هبة مرايف” مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية قولها: “إذا تم اعتماد مشروع القانون المعني، فسيكون بمثابة حكم بالإعدام على المجتمع المدني النابض بالحياة الذي ازدهر في تونس منذ 2011. ومن شأن إقرار هذا القانون أن يعيد البلاد إلى عهد بن علي، عندما كانت منظمات المجتمع المدني القليلة المرخص لها تعمل في ظل حصار صارم، فيما كانت معظم منظمات حقوق الإنسان الدولية تمنع من التواجد في البلاد”.
واكدت ان مشروع القانون يمنح السلطات التنفيذية صلاحيات واسعة وغير مقيدة معتبرا ان ذلك يتعارض تعارضًا تامًا مع القانون الدولي والمعايير الدولية لحقوق الإنسان في ما يخص حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليهاوانه يزيل الضمانات الأساسية ضد التدخل غير المبرر من جانب السلطات في عمل الجمعيات.”
وشددت على ضرورة امتثال السلطات لالتزاماتها الدولية بتسهيل عمل منظمات المجتمع المدني، وليس التقليل من استقلاليتها من خلال فرض رقابة حكومية مفرطة”.
وذكرت بان المرسوم عدد 88 اعتمد أحد الإصلاحات الرئيسية بعد سنة 2011 وبانه سُمح بموجبه بإنشاء المنظمات غير الحكومية عن طريق التصريح.
واشارت الى انه رغم ان مشروع القانون يدعي الحفاظ على نظام التصريح بدلًا من شرط الترخيص لتشكيل المنظمات غير الحكومية فانه يستحدث عملية تسجيل غير واضحة ومتعددة الإجراءات ومرهقة معتبرة ان ذلك يقوّض مبدأ نظام التصريح (الفصول 7 و8 و9) مرجحة ان يؤدي ذلك إلى قيود غير ضرورية وغير متناسبة على الحق في حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها.
وابرزت ان مشروع القانون يمنح سلطة تقديرية واسعة لإدارة الجمعيات في رئاسة الحكومة للاعتراض على إنشاء منظمة في غضون شهر بعد التصريح بتشكيلها وانه لا يسمح خلال هذه الفترة للمنظمة بالعمل.
وذكرت بانه يجب وفقًا للمعايير الدولية أن تُتاح إمكانية العمل بحرية لجميع الجمعيات، بما في ذلك تلك غير المسجلة وبان المشروع نص على امكانية طعن المنظمات غير الحكومية في قرار رفض إنشائها في المحكمة دون ان يتم تحديد آليات الاستئناف مشيرة الى انه لم يتم تحديد الأسباب التي يمكن للسلطات أن تعترض على أساسها على إنشاء منظمة ما في مشروع القانون.
واعتبرت المنظمة ان ذلك يرقى بصورة فعلية من الناحية العملية إلى طلب ترخيص لأي منظمة مجتمع مدني مشكلة حديثًا.
واشارت الى ان مشروع القانون يميز بين المنظمات غير الحكومية الوطنية و”الأجنبية” ويمنح وزارة الخارجية سلطة منح التراخيص لأي منظمة غير حكومية أجنبية قبل التسجيل (الفصل 19) مؤكدة ان القانون لا يشير إلى المعايير التي يمكن استخدامها لمنح التراخيص أو رفضها و أنه لا يحدد آجال نهائية لهذه العملية. مضيفة ان مشروع القانون يعطي وزارة الخارجية سلطة اختيار منح تراخيص مؤقتة أو إلغاء التراخيص وتعليقها وفقًا لتقديرها الخاص (الفصل 20) وانه يمكن رفض تسجيل المنظمات الأجنبية لأي سبب من الأسباب ودون الحق في الاستئناف.
كما اعتبرت ان مشروع القانون الحالي ينص على آليات قوية تخص الإبلاغ عن مصادر التمويل وتدقيق الحسابات مشيرة الى ان الفصل 18 يفرض على منظمات المجتمع المدني الوطنية الحصول على إذن مسبق من الحكومة في كل مرة تتلقى فيها تمويلًا أجنبيًا جديدًا مؤكدة ان منظمات المجتمع المدني التي لا تمتثل لهذا الشرط تواجه خطر التعليق الفوري أو الحل الفوري
وخلصت هبة مرايف الى القول ان” قانون المنظمات غير الحكومية الحالي في تونس يتماشى مع التزاماتها بموجب القانون الدولي، وقد مكّن المجتمع المدني النابض بالحياة والمتنوع من العمل بشكل مستقل وحر. ويجب على السلطات التونسية حماية هذا الإرث بدلًا من عكس كل التقدم الذي تم إحرازه بتبني تشريع واحد معيب”.