الشارع المغاربي : العربي الوسلاتي : نجح النجم الرياضي الساحلي في تحقيق العبور الى دور المجموعات لكأس الاتحاد الافريقي لكرة القدم بعد إعفائه من خوض مباريات الدور التمهيدي الثاني. ورغم الهزيمة في مباراة العودة في الكوت ديفوار أمام ستاد ابيدجان واصل فريق جوهرة الساحل طريقه بثبات نحو دور المجموعات مستفيدا من أسبقية مباراة الذهاب.
ترشّح هام بالرغم من الفوارق الكبيرة في المستوى والامكانات جاء ليرفع من المعنويات خاصة في ظلّ أزمة الثّقة التي باتت تحاصر النادي من كلّ الجهات والتي انعكست سلبا على مردود الفريق في آخر المباريات الأمر الذي دفع ربّان السفينة الى إحداث أكثر من تغيير على مستوى الإطار الفنّي للفريق.
توتّر…
ما يعيشه النجم الساحلي في الفترة الحالية من توتّر وحالة عدم استقرار على كلّ المستويات لا يرتبط بنتائج الفريق الأوّل ولا بواقعه على مستوى الترتيب العام ولا بإخفاقاته في المواعيد الكبرى وإنما الحقيقة أبعد من ذلك بكثير لأنّ مشكلة النجم الأساسية تكمن في الجوّ العام المشحون بالانشقاقات والانقسامات وبتفرّق أبنائه ولاعبيه القدامى الذين انصرفوا بعيدا عن مركّب النادي وانشغلوا فقط بالقيل والقال وما يصنع الرجال وربمّا بعض الأطفال. حالة التوتّر هذه انعكست سلبا على الفريق وتركيز الكلّ تشتّت بعيدا عن المستطيل الأخضر واختصوا في الردّ على الاشاعات والتهم وما يروج خلف الأبواب الموصدة والنتيجة أحلاف تولد وتتشكّل في العلن ورئيس يعزل يوم بعد يوم يرفض رمي المنديل ويتمسّك بمقود الشرعية ويتحصّن بأسماء يجهلها تاريخ النجم ويلفظها الحاضر في انتظار ما ستبوح به عناوين المستقبل.
المشكل الكبير في النجم الساحلي اليوم هو أنّ بعض جماهيره لم تعد تنتظر عناوين الانتصار أو بشائره للدخول الى بيت الطاعة من جديد بل أصبحت تنتظر سقوطا متجدّدا للفريق حتى تتجدّد نسمات الثورة ويسهل على بعض “الخوارج” تمرير فصول التغيير. اليوم استقرار النجم في كفّة ورئيسه رضا شرف الدين في الكفّة المقابلة ولن ترتفع قامة أحدهما إلاّ بسقوط الآخر وهذا ما جعل حالة التوتّر السائدة في الفريق تصبح مرضا مزمنا لن يشفى قريبا.
مسكّن العادة…
رئيس النجم الرياضي الساحلي يدرك جيّدا أن بقاءه كلّ هذه الفترة على رأس النجم الساحلي هذا البركان الثائر والمتحرّك الى حدّ اليوم رغم الدسائس والمكائد يعتبر إنجازا في حدّ ذاته ولم يسبق في تاريخ النجم أن سار رئيس ما خارج ركب “العائلات الحاكمة” في سوسة وبقي صامدا ثابتا على كرسيّه الهزّاز لأنّ الجميع يعرف أنّ الوصول الى كرسي الرئيس يمّر حتما عبر تقديم فروض الولاء والطاعة أو الخروج من “جنّة” النجم الى جحيم العدم… ولعلّ ما يميّز رضا شرف الدين عمّن سبقوه في قمرة القيادة هو صلابة رأسه وعناده فهو لا يبالي بكلّ ما يقال من حوله ولا يفعل سوى ما يدور في ذهنه لذلك لم يستسلم لصيحات الاستهجان المأجورة ولم يهرب من المواجهة بل بحث عنها وتلذذ الدخول فيها… لكنه في المقابل حاول الاعتماد على نفس التكتيك الذي تسلكه المعارضة من خلال البحث عن بعض المسكّنات التي لها مفعولها السحري على الجماهير… تلك الجماهير التي لا تشغل بالها بلعبة الكواليس وكلّ ما يهمّها هو نجاح النجم وعودته الى سالف إشعاعه. من بين هذه المسكّنات “كبسولة” المدرّب الفرنسي روجي لومار الذي يعود طيفه ليرفرف على مركبّ النادي كلّما ضاقت الدائرة حول الرئيس وكلّما زادت حدّة الانتقادات وعلا صوت الآهات… وهذا التكتيك له ما يبرّره رياضيا وحتى إداريا فروجي لومار يعتبر من أنجح المدرّبين الذين مرّوا على أكابر النجم وخلال عهدته سيطر فريق جوهرة الساحل محلّيا بالطول والعرض وكان مهابا شامخا كما أن لومار صاحب شخصية قوية ويعرف كيف يسيطر على حجرات الملابس ويقمع كلّ محاولات تمرّد فردي أو جماعي أو تخاذل… على المستوى الرياضي يعتبر العجوز الفرنسي العصا السحرية التي يبحث عنها رضا شرف الدين لاكتساب جرعة إضافية من الأوكسجين في حربه على جبهة المعارضة لأنّ السواد الأعظم من جماهير النجم يرى في لومار الخيار الأفضل والتعاقد معه يعفي الهيئة الحالية من مسؤولية المحاسبة أو الملاحقة لأنّها ستكون في نظر الجميع قد قامت بما هو مطلوب منها والكرة وقتها ستكون في مرمى اللاعبين الذين سيكونون وقتها مجبرين على الدفاع عن أنفسهم لأنّ أرجلهم هي التي ستكون في الميزان عند النجاح وكذلك وقت الفشل.
كواليس…
على الجهة المقابلة يرفض “السكّان الأصليون” للنجم أن يكونوا مجرّد شاهد عيان عمّا يحدث داخل النادي فهؤلاء تعوّدوا أن يكونوا أصحاب القرار وفي واجهة الأحداث وتحت الأضواء لذلك يسوؤهم كثيرا أن يلتحقوا بالصفوف الخلفية ويلتحموا بالجماهير… هؤلاء لهم تاريخهم الكبير في النجم وهم سواء كانوا لاعبين قدامى أو أسماء رنانة تقلّدت في السابق مسؤوليات صلب الفريق لا يقبلون “عزلهم” أو دفعهم خارج القلعة… هؤلاء يعتبرون أنفسهم ملكا للنجم والنجم ملكا لهم على غرار المسؤول السابق في الفريق ومديره التنفيذي بالأمس القريب حسين جنيح الذي لم يهضم الى حدّ الآن كيف رمى به رضا شرف الدين خارج النادي وهو الذي يردّد في مجالسه الضيّقة أنه ولد في النجم عندما كان شرف الدين غريبا عن الدار… لكلّ هذه الاعتبارات ينشط حلف المعارضة في الكواليس وشغله الشاغل تضييق الخناق على “الرئيس” عبر تجييش الشارع الرياضي في سوسة عليه وحتى ينجح المخطّط يجب أن تكون النتائج الرياضية دون المأمول حتى تكون الجماهير هي وقود المعركة وتخوض المواجهة بالوكالة… وهنا تطفو الى الذهن بعض التصريحات القديمة لبعض المدرّبين الذين مرّوا على تدريب النجم في الفترة الأخيرة وشككوا بالتلميح في مردود بعض اللاعبين الأمر الذي جعل البعض يصنّف الهزائم المفاجئة للفريق في خانة التخاذل وهذا موضوع آخر…
هذه المعركة المعلنة والحرب الباردة بين القطبين لم تعد تخفى على أحد بدليل التصريحات والتصريحات المضادة من هذا الجانب أو ذاك ويبدو أن هذه الحرب لن تضع أوزراها قريبا لأنّ الخصمين يلعبان ورقة مهمة في صراعهما المحتدم هي ورقة الجماهير…
لعنة متواصلة…
ثبات رئيس النجم الرياضي الساحلي على مواقفه وتمسّكه بقراراته رغم ما قيل في شأنها خاصة في ما يتعّلق بالاحتفاظ بعضده الأيمن مهدي العجيمي الذي يعتبر العقل المدبّر للرئيس والشخص الوحيد المؤتمن على صفقاته وأمواله تؤكّد أن رضا شرف الدين ماض في سياسة التصعيد وفي طيّ صفحة “آل جنيح” ومن والاهم من تاريخ النجم لكن ذلك لم يمنع رئيس النجم من التفكير في سقوط محتمل أو تقلّب مرتقب خاصة أنّ الكرة “مدوّرة” وصديق اليوم قد يكون عدوّ الغد ولهذه الاعتبارات يحمل رضا شرف الدين قناعة راسخة في ذهنه هي أنه قد يبقى على رأس النجم الى الأبد وربمّا يغادره من الغد… هذه القناعة جعلت شرف الدين يفكّر في روجي لومار لإنجاح الاستحقاقات القادمة لكن لعنة المعارضة التي تطارده وتكبّل خطواته جعلته دون أن يدري يعدّ العدة لرحيل محتمل من خلال استعداده للتفويت في بعض ركائز الفريق على غرار عمرو مرعي ومحمد أمين بن عمر ورامي البدوي وحتى أحمد العكايشي الذي عاد في الصائفة الماضية. سياسة قد تكون لها تداعيات عكسية لأنّ جماهير النجم التي مازالت تقف في صفّ الرئيس قد تنقلب عليه مستقبلا بحجّة تفريغ النجم من عناوينه الأساسية.