الشارع المغاربي – الهجرة‭ ‬الاندلسية‭ ‬الأخيرة‭ ‬وتأثيرها في تصنيع الشاشية التونسية /بقلم: خالد الشايب (باحث في التاريخ والتراث والآثار)

الهجرة‭ ‬الاندلسية‭ ‬الأخيرة‭ ‬وتأثيرها في تصنيع الشاشية التونسية /بقلم: خالد الشايب (باحث في التاريخ والتراث والآثار)

قسم الأخبار

15 سبتمبر، 2023

الشارع المغاربي: ورد‭ ‬في‭ ‬الإتحاف،‭ ‬تاريخ‭ ‬احمد‭ ‬ابن‭ ‬أبي‭ ‬الضياف‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬عثمان‭ ‬داي،‭ ‬وحدد‭ ‬السنة‭ ‬بست‭ ‬عشر‭ ‬وألف‭ ‬1016‭) ‬ه‭-‬1607‭ ‬م)‭ ‬‭ ‬قدمت‭ ‬وفود‭ ‬من‭ ‬الأندلس،‭ ‬فارين‭ ‬بدينهم،‭ ‬لما‭ ‬أخذت‭ ‬بلادهم،‭ ‬فأحسن‭ ‬عثمان‭ ‬داي‭ ‬قراهم‭ ‬وأكرم‭ ‬مثواهم،‭ ‬وانس‭ ‬غربتهم‭ ‬وعظم‭ ‬مقدمهم‭ …‬،‮ …‬

وبنوا‭ ‬بلدانهم‭ ‬المعروفة‭ ‬بهم،‭ ‬مثل‭ ‬سليمان‭ ‬وبلي‭ ‬ونيانو‭ ‬وقرنبالية‭ ‬وتركي‭ ‬والجديّدة‭ ‬وزغوان‭ ‬وطبربة‭ ‬وقريش‭ ‬الوادي‭ ‬ومجاز‭ ‬الباب‭ ‬وتستور‭ ‬والسلوقية‭ ‬والعالية‭ ‬والقليعة‭…. ‬وأعانهم‭ ‬عثمان‭ ‬داي‭ ‬على‭ ‬صناعة‭ ‬الشاشية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬سوق‭ ‬نافق‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬البلدان،‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬ضعيفة‭ ‬زمن‭ ‬الحفصيين،‭ ‬وحصل‭ ‬للحاضرة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الصناعة‭ ‬ثروة‭ ‬واسعة،‭ ‬لان‭ ‬صناعتها‭ ‬تدير‭ ‬صناعات‭ ‬كثيرة‭. ‬وانظم‭ ‬‮«‬شيخ‭ ‬الأندلس‮»‬‭ ‬لسلك‭ ‬أعيان‭ ‬المملكة‮»‬‭.‬

كان‭ ‬أول‭ ‬الوافدين‭ ‬على‭ ‬ميناء‭ ‬حلق‭ ‬الوادي‭ ‬بتونس،‭ ‬أواخر‭ ‬جويلية‭ ‬1607م،‭ ‬ضمن‭ ‬الهجرة‭ ‬المذكورة‭ ‬عبر‭ ‬البحر‭ ‬قادمين‭ ‬من‭ ‬ميناء‭ ‬مرسيليا‭ ‬الفرنسي‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬مركب‭ ‬لصاحبه‭ ‬الرايس‭ ‬‮«‬‭ ‬ريمندو‭ ‬صاردي‭ ‬‮«‬‭ ‬من‭ ‬مرسيليا،‭ ‬مجموعة‭ ‬عددها‭ ‬تسعة‭ ‬وعشرون‭ ‬أندلسيا،‭ ‬ترأسهم‭ ‬‮«‬‭ ‬محمد‭ ‬الفارس‭ ‬‮«‬‭ ‬و‮»‬‭ ‬إبراهيم‭ ‬أبو‭ ‬القاسم‮»‬،‭ ‬وهما‭ ‬من‭ ‬امضيا‭ ‬لصاحب‭ ‬المركب‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬المجموعة‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬وصولهم‭ ‬لتونس‭ ‬دون‭ ‬مضايقات‭.‬

هذه‭ ‬المجموعة‭ ‬كانت‭ ‬نخبة‭ ‬اشراف‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬والاعيان‭ ‬مع‭ ‬عائلاتهم،‭ ‬استبقوا‭ ‬بفطنتهم‭ ‬ونفوذهم‭ ‬وعلاقتهم‭ ‬مع‭ ‬السلط‭ ‬الحاكمة‭ ‬التونسية‭ ‬والفرنسية‭ ‬زمن‭ ‬هجرتهم،‭ ‬مرسوم‭ ‬الطرد‭ ‬الذي‭ ‬امر‭ ‬به‭ ‬‮«‬فيليب‭ ‬الثالث‮»‬‭ ‬في‭ ‬9‭ ‬افريل‭ ‬1609م،‭ ‬فتمكنوا‭ ‬من‭ ‬جمع‭ ‬أموالهم‭ ‬ونقلها‭ ‬معهم‭. ‬ساعدتهم‭ ‬أموالهم‭ ‬ومكانتهم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الراقية‭ ‬من‭ ‬كسب‭ ‬ثقة‭ ‬عثمان‭ ‬داي،‭ ‬الذي‭ ‬مكنهم‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬ارباع‭ ‬ماء‭ ‬عين‭ ‬زغوان‭ ‬المعروفة،‭ ‬التي‭ ‬نقل‭ ‬مائها‭ ‬الرومان‭ ‬الى‭ ‬قرطاج،‭ ‬ثم‭ ‬الحفصيين‭ ‬الى‭ ‬الحاضرة‭ (‬المعروفة‭ ‬الان‭ ‬بعين‭ ‬معبد‭ ‬المياه‭) ‬بالبيع‭ ‬مقابل‭ ‬المال‭ ‬من‭ ‬الدولة‭. ‬وتمكينهم‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬المجاورة‭ ‬للعيون‭ ‬لتركيز‭ ‬ما‭ ‬سمي‭ ‬‮«‬‭ ‬باطانات‭ ‬تلبيد‭ ‬الشواشي‭ ‬‮«‬،‭ ‬وتزامنا‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬ذكر،‭ ‬عين‭ ‬إبراهيم‭ ‬أبو‭ ‬القاسم‭ ‬شيخا‭ ‬للأندلس‭ ‬بتونس،‭ ‬واسمه‭ ‬الكامل‭ ‬‮«‬‭ ‬إبراهيم‭ ‬ابن‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬الاندلسي‭ ‬‮«‬‭ ‬وكان‭ ‬له‭ ‬أربع‭ ‬أبناء‭ ‬قدموا‭ ‬معه‭ ‬وهم،‭ ‬قاسم‭ ‬ومصطفى‭ ‬واحمد‭ ‬ومحمد‭. ‬اما‭ ‬محمد‭ ‬الفارس‭ ‬ويعرف‭ ‬أيضا‭ ‬بمحمد‭ ‬القيسي،‭ ‬كان‭ ‬ثريا‭ ‬ومهتما‭ ‬بشؤون‭ ‬الدين‭ ‬ومدافع‭ ‬ومقاوم‭ ‬شرس‭ ‬عن‭ ‬اسلام‭ ‬الاندلسيين‭ ‬زمن‭ ‬التنصير،‭ ‬عين‭ ‬اماما‭ ‬خطيبا‭ ‬عند‭ ‬وصوله‭ ‬برفقة‭ ‬ابنته‭ ‬الوحيدة‭ ‬مريم،‭ ‬المعروفة‭ ‬بالقيسية،‭ ‬هي‭ ‬أيضا،‭ ‬كانت‭ ‬لها‭ ‬مكانة‭ ‬عالية‭ ‬لدى‭ ‬العام‭ ‬والخاص،‭ ‬نتيجة‭ ‬اعمالها‭ ‬الخيرية‭.   ‬

كان‭ ‬يوسف‭ ‬داي،‭ ‬زمن‭ ‬حكم‭ ‬عثمان‭ ‬داي،‭ ‬مكلف‭ ‬باستقبال‭ ‬واستقرار‭ ‬الاندلسيين‭ ‬بتونس،‭ ‬استهوته‭ ‬طرقهم‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬المياه‭ ‬لكل‭ ‬الفضاءات،‭ ‬وذلك‭ ‬بفضل‭ ‬المعارف‭ ‬والمهارات‭ ‬المجلوبة‭ ‬معهم‭ ‬ووفائهم‭ ‬لعاداتهم‭ ‬وتقاليدهم،‭ ‬فلم‭ ‬يفوت‭ ‬الفرصة‭ ‬في‭ ‬الانضمام‭ ‬للمشروع،‭ ‬بمشاركة‭ ‬شيخهم‭ ‬المعين‭ ‬المذكور‭ ‬في‭ ‬باطانات‭ ‬تلبيد‭ ‬الشواشي‭.‬

مراحل‭ ‬صناعة‭ ‬الشاشية‭ ‬هي‭: ‬التكبيس‭ (‬عمل‭ ‬يدوي‭ ‬بالإبر،‭ ‬ينتج‭ ‬قلنسوة‭) ‬–‭ ‬التلبيد‭ (‬الكبابيس‭ ‬مضمخة‭ ‬بالماء‭ ‬الحار‭ ‬والصابون‭ ‬المذاب‭) ‬–‭ ‬الصبغ‭ ‬–‭ ‬الغسل‭ ‬النهائي‭ ‬قبل‭ ‬البيع‭. ‬

تلبيد‭ ‬الشواشي،‭ ‬هي‭ ‬أصعب‭ ‬وأهم‭ ‬مرحلة‭ ‬في‭ ‬تصنيع‭ ‬الشاشية،‭ ‬حيث‭ ‬تتطلب‭ ‬جهدا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬تطبيقها،‭ ‬برفع‭ ‬واسقاط‭ ‬آليات‭ ‬ثقيلة‭ ‬للدك‭ ‬والتصبيط‭. ‬لذلك‭ ‬اعتبرت‭ ‬مرحلة‭ ‬انشاء‭ ‬باطانات،‭ ‬عوضا‭ ‬عن‭ ‬التصبيط‭ ‬اليدوي‭ ‬التقليدي،‭ ‬تطورا‭ ‬هاما‭ ‬لصناعة‭ ‬الشاشية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الاتقان‭ ‬والكمية‭. ‬هاته‭ ‬المنشآت‭ ‬يمكن‭ ‬تصنيفها‭ ‬آلات،‭ ‬هيكلها‭ ‬مبني،‭ ‬وبداخله‭ ‬معدات‭ ‬وظيفتها‭ ‬تحويل‭ ‬الطاقة‭ ‬الحركية‭ ‬للمياه‭ ‬المتدفقة‭ ‬الى‭ ‬قوة‭ ‬دفع،‭ ‬هاته‭ ‬الأخيرة‭ ‬تدير‭ ‬دولابا‭ ‬مسننا‭ ‬محوره‭ ‬عموديا،‭ ‬بدوره‭ ‬يدير‭ ‬دولابا‭ ‬فوقه‭ ‬محوره‭ ‬أفقيا،‭ ‬ملتصق‭ ‬بشراع‭ ‬في‭ ‬واجهته‭ ‬الخارجية‭ ‬له‭ ‬شكل‭ ‬خاص،‭ ‬عند‭ ‬دورانه‭ ‬يقوم‭ ‬بعملية‭ ‬رفع‭ ‬واسقاط‭ ‬‮«‬المعصار‮»‬‭ ‬المتصل‭ ‬به‭ ‬عموديا،‭ ‬وهو‭ ‬الة‭ ‬التلبيد‭ ‬الثقيلة‭. ‬

تم‭ ‬اختيار‭ ‬المنحدر‭ ‬الطبيعي‭ ‬المناسب‭ ‬لتركيز‭ ‬عدد‭ ‬ثلاثة‭ ‬باطانات‭ ‬لتلبيد‭ ‬الشواشي‭ ‬والملف،‭ ‬مع‭ ‬طاحونتان‭ ‬ماء‭ ‬لرحي‭ ‬الحبوب‭. ‬تدور‭ ‬دواليبهم‭ ‬جميعا‭ ‬بقوة‭ ‬دفع‭ ‬الماء‭. ‬وكانت‭ ‬مواقعهم‭ ‬مرتبة‭ ‬بين‭ ‬المنبع،‭ ‬وهو‭ ‬العين‭ ‬التي‭ ‬احيوها‭ ‬أسفل‭ ‬الجبل‭ ‬كفرع‭ ‬من‭ ‬العين‭ ‬الكبرى‭ ‬المذكورة‭ ‬سابقا،‭ ‬وكانت‭ ‬معروفة‭ ‬عندهم‭ ‬بعين‭ ‬القيطنة،‭ ‬والان‭ ‬تدعى‭ ‬عين‭ ‬عياد،‭ ‬وهو‭ ‬عياد‭ ‬الزبير‭ ‬الاندلسي،‭ ‬المعروف‭ ‬بالعادل‭ ‬وكان‭ ‬أحد‭ ‬الوافدين‭ ‬ضمن‭ ‬المجموعة‭ ‬المذكورة،‭ ‬وبين‭ ‬المصب‭ ‬وهو‭ ‬الشاركة‭ ‬او‭ ‬الجابية‭ ‬الكبرى‭ ‬كما‭ ‬كانوا‭ ‬يسمونها،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬تسقى‭ ‬منها‭ ‬السواني‭ ‬السفلية‭ ‬لبلد‭ ‬زغوان‭ ‬ضمن‭ ‬منظومة‭ ‬الري‭ ‬التي‭ ‬وضعوها‭ ‬ابان‭ ‬استقرارهم‭. ‬تربط‭ ‬جميع‭ ‬المنشآت‭ ‬المذكورة،‭ ‬سواقي‭ ‬مبنية،‭ ‬لإيصال‭ ‬المياه‭ ‬التي‭ ‬تدير‭ ‬الدواليب‭ ‬وتمرمن‭ ‬واحدة‭ ‬الى‭ ‬أخرى،‭ ‬حتى‭ ‬الوصول‭ ‬الى‭ ‬الشاركة‭. ‬

كان‭ ‬نصيب‭ ‬الشيخ‭ ‬إبراهيم‭ ‬ابن‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬الطاحونتان‭ ‬والباطان‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬فوق‭ ‬وربع‭ ‬الباطان‭ ‬الثاني‭. ‬اما‭ ‬يوسف‭ ‬داي،‭ ‬فكان‭ ‬نصيبه‭ ‬الثلاثة‭ ‬ارباع‭ ‬من‭ ‬الثاني‭ ‬والباطان‭ ‬الثالث‭. ‬

كشفت‭ ‬هاته‭ ‬التجربة‭ ‬ليوسف‭ ‬داي،‭ ‬عن‭ ‬قدرة‭ ‬البطانات،‭ ‬إضافة‭ ‬الى‭ ‬الزيادة‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬الإنتاج‭ ‬والارباح،‭ ‬في‭ ‬الاطلاع‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الكميات‭ ‬التي‭ ‬يأتي‭ ‬بها‭ ‬أصحابها‭ ‬لتلبيدها‭. ‬لذلك‭ ‬مباشرة‭ ‬بعد‭ ‬صعوده‭ ‬على‭ ‬راس‭ ‬السلطة‭ ‬عام‭ ‬1610م،‭ ‬بدا‭ ‬مشروعه‭ ‬بالجديدة،‭ ‬والذي‭ ‬احتوى،‭ ‬قنطرة‭ ‬وباطانا‭ ‬وطاحونة،‭ ‬كلف‭ ‬بإنجازهم‭ ‬له‭ ‬‮«‬‭ ‬على‭ ‬ديسم‭ ‬الاندلسي‭ ‬‮«‬‭ ‬المعروف‭ ‬بمعلم‭ ‬الماء‭ ‬ببلد‭ ‬زغوان‭ ‬أتمها‭ ‬عام‭ ‬1615م،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬الوافدين‭ ‬ضمن‭ ‬المجموعة‭ ‬المذكورة‭. ‬إضافة‭ ‬الى‭ ‬مشروع‭ ‬الجديدة‭ ‬المذكور،‭ ‬كان‭ ‬كلفه‭ ‬يوسف‭ ‬داي‭ ‬بإنجاز‭ ‬كل‭ ‬منشاته‭ ‬المائية،‭ ‬نذكر‭ ‬منها‭ ‬اسبلة‭ ‬الحاضرة‭ ‬واسبلة‭ ‬بنزرت‭.                     ‬

تحولت‭ ‬باطانات‭ ‬تلبيد‭ ‬الشواشي‭ ‬والملف‭ ‬الى‭ ‬طواحين‭ ‬ماء،‭ ‬الباطان‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬فوق‭ ‬اشتراء‭ ‬محمد‭ ‬باي‭ ‬ابن‭ ‬مراد‭ ‬باي‭ ‬من‭ ‬ورثة‭ ‬الشيخ‭ ‬إبراهيم‭ ‬ابن‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬الاندلسي،‭ ‬وحوله‭ ‬الى‭ ‬طاحونة‭ ‬ماء،‭ ‬حبسها‭ ‬على‭ ‬زاوية‭ ‬الشيخ‭ ‬سيدي‭ ‬علي‭ ‬عزوز‭ ‬وبقيت‭ ‬تسمى‭ ‬بذلك‭. ‬كما‭ ‬حول‭ ‬الباي‭ ‬المذكور‭ ‬محمد،‭ ‬باطان‭ ‬جده‭ ‬يوسف‭ ‬داي،‭ ‬الى‭ ‬طاحونة،‭ ‬وصارت‭ ‬تعرف‭ ‬بطاحونة‭ ‬التركينة‭ ‬وطاحونة‭ ‬البايليك‭ ‬السفلى‭. ‬حول‭ ‬الباي‭ ‬المذكور‭ ‬الباطانان‭ ‬الى‭ ‬طاحونتان،‭ ‬تزامنا‭ ‬مع‭ ‬انشاءه‭ ‬باطان‭ ‬طبربة‭ ‬وذلك‭ ‬عام‭ ‬1691م‭.‬

الباطان‭ ‬الذي‭ ‬بقي،‭ ‬هو‭ ‬باطان‭ ‬الشركة،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يسمى‭. ‬تحول‭ ‬كذلك‭ ‬الى‭ ‬طاحونة‭ ‬ماء،‭ ‬بأمر‭ ‬على‭ ‬لعلي‭ ‬باي‭ ‬ابن‭ ‬حسين‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬عام‭ ‬1776م،‭ ‬وبقي‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬الحصص‭ ‬في‭ ‬الشراكة،‭ ‬بين‭ ‬البايليك‭ ‬وسلالة‭ ‬الشيخ‭ ‬إبراهيم‭ ‬ابن‭ ‬عبد‭ ‬العزيز،‭ ‬وأصبحت‭ ‬تعرف‭ ‬بطاحونة‭ ‬الخروبة‭. ‬كذلك،‭ ‬كان‭ ‬لهذا‭ ‬الباي،‭ ‬اهتمام‭ ‬كبير‭ ‬بصناعة‭ ‬الشاشية‭ ‬ومنشاتها‭ ‬المائية‭ ‬والتي‭ ‬ازدهرت‭ ‬في‭ ‬عهده‭ ‬كثيرا‭ ‬لذلك‭ ‬أضاف‭ ‬باطانا‭ ‬جديدا‭ ‬بقريش‭ ‬الواد‭.                                                              ‬

اما‭ ‬بلد‭ ‬زغوان،‭ ‬فقد‭ ‬بقي‭ ‬اختصاصه‭ ‬من‭ ‬صناعة‭ ‬الشاشية،‭ ‬الصبغ‭ ‬والغسيل‭ ‬الأخير‭ ‬قبل‭ ‬بيعها‭ ‬او‭ ‬تصديرها‭. ‬ونشطت‭ ‬وتوسعت‭ ‬هاته‭ ‬الحرفة،‭ ‬لأنها‭ ‬مرتبطة‭ ‬بكميات‭ ‬الإنتاج‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬كلها‭ ‬تنقل‭ ‬الى‭ ‬بلد‭ ‬زغوان‭ ‬لتصبغ‭ ‬وتغسل‭ ‬وتعود‭ ‬الى‭ ‬أسواق‭ ‬الحاضرة‭. ‬وقد‭ ‬وصل‭ ‬عدد‭ ‬دور‭ ‬الصبغ‭ ‬ببلد‭ ‬زغوان‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬علي‭ ‬باي‭ ‬الى‭ ‬أربعة‭ ‬دور‭ ‬صبغ،‭ ‬بعدما‭ ‬كانت‭ ‬واحدة‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬صناعة‭ ‬الشاشية،‭ ‬وكانت‭ ‬على‭ ‬ملك‭ ‬الشيخ‭ ‬إبراهيم‭ ‬ابن‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭. ‬تلتها‭ ‬دار‭ ‬صبغ‭ ‬ثانية‭ ‬أنجزها‭ ‬‮«‬دياقو‭ ‬دو‭ ‬موليناز‮»‬‭ ‬عرف‭ ‬محمد‭ ‬مولينة‭ ‬الغرناطي‭ ‬،الوافد‭ ‬ضمن‭ ‬رحلة‭ ‬على‭ ‬مركب‭ ‬من‭ ‬ميناء‭ ‬مرسيليا‭ ‬عام‭ ‬1610م‭.‬وقد‭ ‬اشتهر‭ ‬ابنه‭ ‬المعروف‭ ‬احمد‭ ‬بن‭ ‬محمد‭ ‬الصباغ‭ ‬عرف‭ ‬مولينة‭ . ‬اما‭ ‬الثالثة‭ ‬والرابعة‭ ‬فقد‭ ‬انشاوو‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬حكم‭ ‬علي‭ ‬باي‭ ‬ابن‭ ‬حسين‭ ‬بن‭ ‬على‭ ‬بتوويل‭ ‬من‭ ‬صندوق‭ ‬الشواشية‭ . ‬محمد‭ ‬الاندلسي‭ ‬عرف‭ ‬‮«‬مولينة‭ ‬الصباغ‮»‬،‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬أرسى‭ ‬مهنة‭ ‬الصباغة‭ ‬ببلد‭ ‬زغوان‭ ‬قادما‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬بلاد‭ ‬الاندلس،‭ ‬مع‭ ‬مادتها‭ ‬الأساسية‭ ‬الثمينة‭ ‬‮«‬‭ ‬القرمز‭ ‬‮«‬‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬تحفظ‭ ‬في‭ ‬بيوت‭ ‬خاصة‭ ‬تحت‭ ‬حراسة،‭ ‬هاته‭ ‬المادة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬كمياتها‭ ‬توضع‭ ‬في‭ ‬خلطة‭ ‬الصبغ‭ ‬برقابة‭ ‬شديدة‭ ‬ثنائية‭ ‬بين‭ ‬صاحب‭ ‬الشواشي‭ ‬ومعلم‭ ‬دار‭ ‬الصبغ‭ ‬لضمان‭ ‬جودتها‭. ‬

*نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 12 سبتمبر 2023


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING