الشارع المغاربي – قسم المتابعات والتحاليل الإخباريّة : نظّم مركز دراسة الإسلام والديمقراطيّة، اليوم الخميس 1 مارس 2018، ندوة تحت عنوان “ظاهرة الإرهاب في تونس”، دعت إليها بالخصوص الناطق السابق باسم وزارة الداخلية العميد هشام المؤدب.
ومع أنّ هذه المشاركة تلفت الانتباه، فإنّها لم تشكّل مفاجأة بالنسبة إلى صحيفة “الشارع المغاربي” باعتبار أنّها سبق أن نشرت مقالا مستفيضا ومدعّما بالوثائق عن “الصفقة” التي عقدها هشام المؤدّب مع جهات سياسيّة وحزبيّة معيّنة، بما جعله ينقلب على تصريحاته السابقة بـ180 درجة، ويُعلن أن شبكات تسفير الشباب التونسي لا ترتبط بجهات حزبية أو سياسيّة إطلاقا. ومع ذلك فإنّ هذه المشاركة تؤكّد بعض ملامح صفقة إعادة إدماج المؤدّب في وسطه الحزبي الجديد.
والواضح أنّ ذلك ما دفع “مركز دراسة الإسلام والديمقراطيّة” لصاحبه رضوان المصمودي، إلى دعوة المؤدّب إلى إلقاء كلمة على منبر مؤسّسته، باعتبار أنّ المصمودي معروف بكونه إحدى الشخصيات النهضوية ذات الحراك في الولايات المتحدة الأمريكيّة. وسبق أن حاول بشكل محموم أن يُعيّن سفيرا لتونس بواشنطن، غير أنّ رئيس الجمهوريّة السابق محمد المنصف المرزوقي لم يُلبّ طلبه ورغبته.
والمثير للغرابة في شهادة هشام المؤدّب أنّه قد تحدّث، في كلمته عن تنامي ظاهرة الإرهاب، عن رسالة وردت على الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي من الولايات المتحدة الأمريكية سنة 2003 -دون تحديد دقيق لمصدرها- دعت فيها بن علي إلى تسريح المساجين السياسيين من بينهم الإسلاميين لتنظيم انتخابات ديمقراطية وعادلة وشفافة تحت إشراف الامم المتحدة، مقابل تقديم الدعم الاقتصادي والاجتماعي لتونس وجعلها “سويسرا إفريقيا”.
كما ذهب المؤدب إلى أنّ بن علي لم يقم بتنفيذ “الاتفاقيّة” لأن مستشاريه أكدوا له أنه في صورة تطبيق الديمقراطية سيتم إقصاؤه من الحياة السياسية. ومن الواضح أنّ “إفادة” الأمني المؤدّب تبدو بمثابة كلام عام جدّا و”سطحي” جدّا حتى لا نقول “ساذج”، باعتبار أنّ دعم واشنطن لنظام بن علي أو ضغوطها عليه خلال تلك الفترة معروفة ولا تخفى عن متابع لمستجدات الساحة التونسيّة.
والسؤال المطروح هو لو أنّ مثل هذه “الرسالة” أو “الاتفاقية” غير المعلنة قد حصلت فعلا وأنّها بلغت هشام المؤدّب لماذا لم يقم بنشر نسخة منها، حتى يؤكّد ما ذهب إليه دون أن يُروّج لعموميات ساذجة لا تُقدّم أدنى إضافة، لاسيما أنّها تُصوّر الولايات المتحدة الأمريكيّة وكأنّها حريصة على إرساء الديمقراطيّة في تونس وغيرها، في حين أنّها مارست ولا تزال إرهاب الدولة ضدّ العديد من شعوب العالم التي استخدمت ضدّها ترسانتها العسكرية لتدمير مقدّراتها وبنيتها التحتية، مقابل دعمها المعروف لدول أخرى تُعدّ من ألدّ أعداء الديمقراطية والحريّة.
وحتى إن افترضنا صحّة ما روّجه المؤدّب، فلماذا لم تف الولايات المتحدة بوعودها تلك بعد حصول الثورة التونسيّة وسقوط حكم نظام بن علي. فلا يخفى أنّ واشنطن لم تمنح تونس، حتّى في عهد الرئيس بارك أوباما، إلاّ الوعود والخطابات الرنّانة، بل وقلّصت من مساعداتها الضئيلة لمعاقبة تونس على موقفها الرافض علنا لإعلان الرئيس ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة أبدية للصهاينة ونقل سفارة بلاده إليها.
وفي كلمة واحدة: “خرّف يلّي تخرّف” ما دام هناك من يتلقى هذا الكلام السطحي من دون إعادة الأمور إلى نصابها، نظرا إلى متطلّبات الصفقة القائمة…
وفي ما يلي : رابط لمقال “الشارع المغاربي” عن صفقة هشام المؤدّب: بعنوان “حصري وبالوثائق/ محاولات دفن ملفّ شبكات التسفير : أسرار “صفقة” العميد هشام المؤدّب!“.
—