الشارع المغاربي – تقرير- وزارة المالية: الأجراء يدفعون أداءات على رواتبهم تُعادل ضعف الضرائب على أرباح الشركات برمّتها

تقرير- وزارة المالية: الأجراء يدفعون أداءات على رواتبهم تُعادل ضعف الضرائب على أرباح الشركات برمّتها

قسم الأخبار

16 ديسمبر، 2020

الشارع المغاربي- كريمة السعداوي: أبرزت مذكرة أصدرتها مؤخرا وزارة المالية أن الأجراء قد دفعوا نهاية شهر سبتمبر الماضي اداءات على رواتبهم بقيمة 4233.5 مليون دينار وهو ما يعادل نحو ضعف إجمالي الضرائب التي دفعتها الشركات طيلة الأشهر التسع الأولى من العام الحالي والتي تناهز نحو 2232.6 مليون دينار. وبذلك تصل مساهمة الأجراء في مداخيل الجباية المباشرة إلى نسبة 65%.

وتبرز مذكرة الوزارة، في ذات السياق، ان الاجراء يتحملون ضرائب غير مباشرة بعنوان الأداء على القيمة المضافة ومعاليم الاستهلاك تصل الى حدود 6942.4 مليون دينار مما يعني أن الضغط الضريبي على مداخيلهم يعادل 30.0%. ويتبين من خلال هذه المعطيات ان الحجم الأهم من الجباية يأتي ممن تخصم ضرائبهم من المورد أي من المداخيل بشكل مباشر في ظل ضعف فادح لمساهمة المؤسسات والمهنيين وأصحاب المهن الحرة في الموارد الجبائية للدولة وهو ما واصل فيه قانون المالية للعام القادم بوضوح وذلك بالخصوص تبعا للتقليص من الأداءات الموظفة على أرباح الشركات وتوحيد النسبة العامة لقسم منها في حدود 15% فضلا عن إقراره مواصلة العمل بالنظام التقديري الخاص بعدد كبير من التجار ومسديي الخدمات في العديد من القطاعات.

وفي ظل هذه الوضعية المنخرمة للجباية يؤكد العديد من المهتمين بالشأن الاقتصادي الوطني أنه رغم أنّ مفهوم الإنصاف الضريبي حظي بتكريس دستوري منذ قيام الدولة التونسية فإن واقع التشريع الجبائي التونسي جعل من هذه المسألة مجرد شعار سياسي في إطار منظومة ضريبية تتصف بعدم التوازن وبالتشعب لوجود ثلاثة أنظمة وخمس مجلات جبائية و11 عشر منظومة توظيف ضريبي الى جانب مشكل ضعف ضمان حقوق المطالب بدفع الضريبة عند التنازع مع الادارة ووجود أربعة آلاف نص جبائي منها الفي مذكرة مشتركة نصفها صدر بعد 2011.

كما تتمثل أبرز اشكاليات النظام الجبائي الحالي، في تعامله مع الأداءات كل على حدة. فباستثناء الضريبة على الدخل حيث يتم اعتماد مبدأ الضريبة التدريجية (أو التصاعدية)، وهي ضريبة توظف نسبا ترتفع تدريجيا حسب ارتفاع المداخيل، تبقى سائر الضرائب نسبية أو ثابتة وتشمل دافعي الضرائب مهما كانت قدرتهم على المساهمة في النفقات العمومية. ومن هنا، توظف الضريبة على ارباح المؤسسات على أغلب الشركات، مهما كان قدر المرابيح أو رقم المعاملات.

ومن المهم التأكيد في هذا الإطار على ان تخفيض نسبة الضريبة على المرابيح وتوحيدها حسبما جاء في قانون المالية 2021، امر يشكل خطرا ماليا مؤكدا على ميزانية الدولة باعتبار ما للأمر من تداعيات محققة على مستوى تقليص الموارد الضريبية ومزيد نقل العبء الجبائي من الشركات إلى الأشخاص الطبيعيين.

كما ان ارتفاع القيمة المضافة إلى 19% منذ سنتين ومواصلة قانون المالية للعام القادم العمل بهذه النسبة سيزيد من تفاقم تدهور القدرة الشرائية بحكم ارتفاع مستوى الضغط الجبائي (35% اجمالا باحتساب عبء الجباية المحلية والاداءات الاجتماعية) مع تضخم الأسعار. فكلما كان المدخول أصغر، كلما كان الإحساس بوطأة الضريبة على الاستهلاك أكبر لما تتميز به من عدم التفرقة بين دافعي الضريبة الفقراء والميسورين، اذ تسلط على المنتوج المستهلك مهما كان مستوى القدرة الشرائية لدافع الضرائب.

ويبقى التهرب الجبائي معضلة أخرى يكرسها قانون المالية لسنة 2021 الذي تمت صياغة العديد من فصوله في سياقات مثيرة للبس والغموض. فأرقام البنك الدولي تشير إلى أن الجزء الأكبر من اقتصاد تونس هو اقتصاد قائم على التهرب الجبائي والتهريب مما يجعل من إقرار مبدأ العدل والمساواة أمام القانون الجبائي وأمام القدرة التنافسية مسألة مستحيلة. كما أن 400 ألف من دافعي الضرائب ينضوون تحت النظام التقديري فيما تنتفي عن الغالبية منهم شروط التمتع بهذا النظام.

ويشار إلى أن تفاقم التهرب الجبائي الذي ينتشر بكثافة في أوساط الشركات وبين أصحاب المهن الحرة بقيمة تصل حسب دراسة لمجمع الاقتصاديين التونسيين صدرت سنة 2018، الى 3 مليارات دينار سنويا ناتج عن صياغة قوانين للمالية فاقدة لاية روح إصلاحية فضلا عن تواصل تقسيم الهياكل الجبائية دون تنسيق تقني محدد المعالم فنيا أي على مستوى قواعد البيانات و معالجتها بين اربعة إدارات عامة وهي المكلفة بالتمويل والمحاسبة العمومية والاستخلاص والمساهمات والاداءات يضاف إلى ذلك ضعف الموارد البشرية الذي تشهده وفقدانها آليات الرقابة الناجعة.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING