الشارع المغاربي -كريمة السعداوي: ابرزت المعطيات المالية والنقدية الصادرة يوم امس الثلاثاء 26 اكتوبر 2021 عن البنك المركزي التونسي ان قيمة خدمة الدين الخارجي للبلاد المترتبة عن دفع اقساط القروض اصلا وفوائضا ناهزت 8703.3 مليون دينار وان ايرادات القطاع السياحي بلغت 1867.4 مليون دينار وان قيمة تحويلات التونسيين في الخارج وصلت الى 6529.8 مليون دينار وهو ما يعادل اجمالا 8397.2 مليون دينار. ويعني ذلك ان ابرز موارد القطاع الخارجي لتونس أستُهلكت برمتها في تسديد الديون الخارجية.
في جانب اخر، تبرز معطيات مؤسسة الاصدار ان قائم عمليات السوق المفتوحة وهي عمليات ضخ سيولة من قبل البنوك في خزينة الدولة بلغت 3448.3 مليون دينار بما يعني ان اجور موظفي الدولة “مضمونة” حتى نهاية العام الحالي.
وتتقاطع هذه المعطيات التي تدل على انخرام تام للمالية العمومية وتدهورها مع ما ورد من بيانات في مذكرة متابعة تنفيذ ميزانية الدولة الى شهر اوت الفارط التي نشرتها السبت الفارط وزارة المالية والتي اوضحت تطور سداد أصل الدين بنسبة 49 بالمائة، من 5.1 مليارات دينار إلى 7.6 مليارات دينار، من أوت 2020 إلى أوت 2021مقابل استقرار سداد الفوائد عند مستوى 2.5 مليار دينار.
كما ارتفع قائم الدين العمومي، في موفى شهر أوت 2021، إلى نحو 101.2 مليار دينار، مقابل 90.2 مليار دينار خلال الفترة ذاتها من سنة 2020، مما يعادل زيادة بنسبة 12.2 بالمائة، وبلغ قائم الدين الداخلي 41 مليار دينار فيما بلغ الدين الخارجي 60.2 مليار دينار.
يذكر ان سندات الدين العمومي في الاسواق المالية العالمية، سجلت يوم 19 اكتوبر الجاري عملية بيع غير مسبوقة بسبب المخاطر العالية التي يواجهها الدين التونسي ومخاوف الدائنين من تخلف البلاد عن سداد أقساط القروض أو إعادة الجدولة. وذكرت وكالة “بلومبيرغ” في هذا الاطار، أن البيانات أظهرت أن سندات 2023 التي يصدرها رسميا البنك المركزي سجلت انخفاضا قياسيا باعتبار أن تونس أصبحت بلدا عالي المخاطر سيما بعد خفض وكالة التصنيف السيادي “موديز” لتصنيف تونس إلى مستوى “سي إيه إيه 1” مع أفاق سلبية.
ورغم تأكيد المدير العام للتمويل والمدفوعات الخارجية في البنك المركزي، عبد الكريم لسود، انه سيتم فتح الباب لتعبئة موارد الدولة عن طريق التعاون الدولي ووجود نقاشات متقدمة جدا مع كل من السعودية والإمارات من أجل تعبئة موارد الدولة فانه لا توجد اية بوادر جدية في هذا الاتجاه بالرجوع الى تقارير الهيئات المالية الدولية التي تتابع الوضع الاقتصادي عن كثب في تونس.
وكان البنك المركزي قد اعرب في بداية الشهر الجاري في بيان لمجلس ادارته عن عميق انشغاله بالنظر إلى دقة الوضع المالي الحالي ودعا مجلس البنك إلى ضرورة التعجيل في إعطاء إشارات واضحة للمستثمرين المحليين والأجانب.
وفي نهاية شهر سبتمبر المنقضي تعرضت السندات التونسية لضغط عال وبلغت كلفة التأمين على مخاطر تخلفها عن السداد مستوى قياسيا، مع استمرار تصاعد المخاوف بشأن الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد. وذكرت وكالة “رويترز” انذاك أن البيانات أظهرت أن سندات 2024، التي يصدرها رسميا البنك المركزي، تراجعت ليجري تداولها بنحو 0.8353 اورو. وأظهرت بيانات من “آي.إتش.إس ماركت” أن مبادلات مخاطر التخلف عن سداد الائتمان لأجل 5 سنوات قفزت إلى 840 نقطة أساس، بزيادة 22 نقطة أساس، وأكثر من مستوياتها في بداية العام.