الشارع المغاربي: اعتبرت روضة القرافي الرئيسة الشرفية لجمعية القضاة التونسيين اليوم الخميس 13 جانفي 2022 أنّ رئيس الجمهورية قيس سعيّد أهان كبار القضاة عند اجتماعه بهم مؤكدة أنّ “القضاء خطّ أحمر” وأنّه لا يمكن المساس به في الأوضاع الاستثنائية مشيرة الى ان السلطة التنفيذية ليست محايدة في الصراع السياسي.
وقالت القرافي خلال حضورها اليوم ببرنامج “ميدي شو” على اذاعة “موازييك اف ام”: “لا نتحدث عن القضاء من فراغ بل انطلاقا من تجارب عشناها حول القضاء الوظيفة التابع ..منذ دستور 59 لم يتأسس القضاء كسلطة مستقلة بل كجهاز تابع للسلطة التنفيذية بالتمام والكمال..اي انه تتم تسمية القضاة وترقيتهم وتأديبهم أيضا من طرف السلطة التنفيذية والنيابة العمومية التي تثير التتبعات ضدّ كلّ التونسيين وضدّ الفرقاء السياسيين، جهاز تملكه السلطة التنفيذية وادارة المحاكم ايضا التي بواسطتها يتم التدخل مباشرة في القضايا وتسييرها ونعرف نتيجة ذلك”.
وأضافت ” كان يجب ان تٌبنى سلطة قضائية مستقلة ولكن ما حدث اليوم هو العكس اذ تمّ الانحراف بالمسار بواسطة عدد من القضاة الذين اتجهوا الى نظام تسلّطي قامت عليه ثورة في مثل هذه الليلة وكان مطلب استقلال القضاء من بين المطالب المرفوعة “.
وتابعت “نلاحظ مؤشرات خطيرة عن رجوع للبناء الذي تحدثنا عنه والذي ادى بنا الى دولة استبدادية تسلطية…هذه المؤشرات بدأت تظهر في خطاب قيس سعيّد السياسي”.
وواصلت “بخصوص العشرية الاخيرة فإنّ اهم شيء تحقق هو باب السلطة القضائية اي ان القضاء سلطة مستقلة وفي الجوار القريب هذا غير موجود ولا حتى في بعض الدول المتقدمة..باب السلطة القضائية اعطى ضمانات للقضاة في نقلهم وترقياتهم وتأديبهم حتى لا يضع اي سياسي يده على مسارات القضاة المهنية ويطوعهم لفائدته..وقد وردت هذه الضمانات في الدستور وتم تركيز المجلس الاعلى للقضاة مستقل عن السلطة التنفيذية حتى لا يتم تطويع القضاء للسلطة وهذه ضمانات هامة ومهمة جدا “.
وأشارت الى أنّه لم يتمّ تطبيق كل شيء ورد في الدستور بخصوص الاصلاح القضائي مثل صياغة الانظمة الاساسية للقضاة وما يتعلق بالنيابة العمومية ووضعية المحاكم مؤكّدة أنّه “لا يمكن اصلاح القضاء باعادته الى يد السلطة التنفيذية لاننا بذلك سنشهد نفس النتائج التي خبرناها واكتوينا منها منذ 60 سنة “.
وحول قضية بيع الجنسيات سنة 2013 قالت القرافي : ” لم تتلق النيابة العمومية بحثا او شكاية سنة 2013 والنيابة العمومية تعهدت بالملف في 7 اكتوبر 2021 عندما ورد عليها طلب اذن بفتح تحقيق من طرف احدى فرق الابحاث وبالتالي لا نُحمّل النيابة العمومية اكثر من طاقتها…هذه الوقائع حدثت 2013 ولكن لم يتم حينها فتح بحث وما قاله وزير الداخلية توفيق شرف الدين خطير وترك التباسا في الامر حتى تتحمل الجهة القضائية المسؤولية”.
وأوضحت “لا خطأ يُنسب الى النيابة العمومية مثل تعطيل القضية كما كان قد صرح بذلك وزير الداخلية…وزارتا العدل والداخلية اليوم في يدي رئيس الجمهورية …لا توجد شكاية تدخل المحكمة دون ان يتم تسجيلها ..فليقدموا لنا اذن متى تمّ رفع الشكاية … ضغوطات كبيرة يتعرض لها القضاء وجانب منها يتعلق بقضايا يقال ان لها 10 سنوات دون الفصل فيها ..اقول لوزيرة العدل اليوم…يا سيّدة جفال عندك التفقدية وخرّجلنا جرد بكل الشكايات لنرى من هم القضاة المخلين ..لا يجب القيام بضغوطات بلا معلومات دقيقة في حين انها موجودة “.
وقالت القرافي “عليهم ايضاح كل ما يتعلق بالقضايا الموجودة حول رفع الشكايات ودخولها المحاكم..الضغط اليوم هو للتوجه نحو احكام معينة “.
وبخصوص تقرير محكمة المحاسبات قالت القرافي ” رئيس الجمهورية قال إنّ تقرير المحكمة هو حجة قاطعة ويؤسفني القول إنّ ذلك غير صحيح ..التقرير ليس حكما ولا يمكن لرئيس دولة توجيه تعليمات مباشرة للقضاة في أيّة دولة ..كيف يكون استقلال القضاء اذا كان صاحب السلطة التنفيذية يتدخل فيه مباشرة ؟ يؤسفني الاضطرار للقول ان رئيس الجمهورية يقول ان تقرير المحاسبات حجة قاطعة…يؤسفني ان اقول ان التقرير ليس حجة قاطعة وانه يجب المرور بمرحلة اخرى في محكمة المحاسبات ولدى القضاء المدني للنظر في الجرائم “.
وأضافت “عندما التقى رئيس الجمهورية بكبار القضاة اهانهم لانه لا يجوز له التوجه اليهم وسؤالهم عن سبب عدم اسقاط قائمات والقول ان هذا حكم كأنهم موظفون يعني انهم يطبقون التعليمات في حين انهم اعضاء سلطة مستقلة حتى لا يكون قضاء رغبات ” مواصلة ” رئيس الجمهورية يتحدّث عن اسقاط في حين ان لدينا تقرير اولي وليس حكم وهناك عمل تحقيقي …اصبحنا اليوم في خضمّ احكام صادرة عن اجتماعات مجالس الوزراء مثل قضية التمويل الاجنبي وتقرير محكمة المحاسبات وغيرها من المسائل”.
وتابعت القرافي “رئيس الجمهورية يتعامل معنا بمنطق الاتهام الشامل والعام لاضعاف القضاء وضرب مؤسسة المجلس الاعلى للقضاء لان له مشاريع تتعلق بالقضاء. التدابير الاستثنائية مفهوم موجود منذ عهد القانون الروماني والتدابير الاستثنائية مؤقتة ونرجو ان تكون كذلك وفيها محاذير منها عدم المساس بالقضاء لا بالتشريع ولا بغيره لان المجتمع سيكون في حالة عدم توازن تام وفي هذه المراحل لا يمكن المساس بالقضاء “.
وأشارت الى أنّ “السلطة التنفيذية تمسّ بالقضاء لفائدتها لانها غير محايدة في الصراع السياسي” مؤكدة “لا يجب المساس لا بالحريات ولا بالقضاء ولا يمكن اعتبار القضاء خطرا داهما …القضاء خط احمر ولا يمكن المساس به في وضعية سلطة منفردة … السلطة التنفيذية تمس بالقضاء لجعله تابعا لها والوضع خطير ونحمل رئيس الجمهورية مسؤولية ذلك”.