الشارع المغاربي – قسم الرياضة: لا حديث في تونس خلال الساعات والأيّام القليلة الماضية توازيا مع تعيش البلاد ومن مدّ وجزر سياسي محتدم إلاّ عن زياة النجم البرازيلي المعتزل رونالدينهو التي ملأت الدنيا وشغلت الناس.
الزيارة التي تم ّ الترويج لها منذ فترة وهندس كل عناوينها الرئيسية والفرعية “كادوريم” لم تكن بمجرّد الاعلان عنها حدثا وطنيا هاما يشغل بال التونسيين أو لنقل على الاقلّ غالبيتهم وخاصة أولئك الذين بوّبوا وبنوايا نقيّة وصادقة الحدث على أنّه مجرّد محاولة محمودة للترويج للسياحة التونسية بحكم أن النجم البرازيلي له متابعون كثر حول العالم ومن الممكن ان تقود بعض صوره على مواقع التواصل الاجتماعي للتعريف بجمال تونس وبدفء سمائها. ولكن ما حدث بعد ذلك أثناء وصول النجم البرازيلي وما حدث أيضا خلال تجواله بين شوارع العاصمة يرتقي لمرتبة الفضيحة حتى لا نقول شيئا آخر.
جموع كبيرة وحشود غفيرة تلاحق خطوات اللاعب السابق لبرشلونة وميلان والمنتخب البرازيلي الذي كان مرفوقا ومحاصرا من مغنّي “الراب” كادوريم ومحاطا بحراسة أمنية مشددة. تدافع وصراخ وتسابق من بعض الحالمين بالتقاط صور مع النجم البرازيلي الذي عاد بقدرة قادر الى الحياة والى أضواء النجومية بعد ان لفّه النسيان ونالت من شهرته الواسعة القضبان. كان يمكن لهذه الزيارة أن تندرج في إطارها الطبيعي الذي لا يمكن ان يتعدّى مربّع “السياحة” فقط لا غير. فاللاعب السابق ليس النجم الأوّل الذي يدخل تونس ولن يكون الأخير وهو كذلك ليس الاسم الأهمّ الذي حطّت قدماه بشواطئ تونس وبأزقتها الساحرة. وفي الوقت الذي حاول فيه كادوريم عبر صفحاته وخاصة عبر جناحه الإعلامي الدائم والمعروف في تونس النفخ في صورة صديقه وفي بادرته التي حاول البعض جعلها حدثا وطنيا كان نجوم الصفّ الأوّل في العالم ومن مختلف المجالات يقضون إجازاتهم في تونس ويروّجون لها ولجمالها دون ضجيج يتابعهم ملايين من الناس على مواقع التواصل الاجتماعي على غرار نجم باري سان جيرمان حكيمي وأيضا نجم مانشتسر سيتي غوندوغان وقبلهما نجم ايطاليا ومعبود جماهيرها أليساندرو دال بييرو إضافة الى ابنة المدرّب الأهم في العالم حاليا غواريدولا التي اختارت تونس للخروج من حالة الاكتئاب التي لازمتها وغيرهم كثر. كل هؤلاء حلوا بتونس وغادروها دون صوت أو ضجيج ودون عدسات وكاميروات ودون بروباغندا اعلامية زائفة ومفتعلة ودون حراسات أمنية ودون طوابير من المعجين الذين بهمجيتهم وبسذاجتهم وكذلك بعفوية البعض منهم صوّروا تونس على أنها دولة قابعة وراء التاريخ ليس لها أرض ولا سماء ولا تسطع فيها النجوم… العيب ليس في هؤلاء الذين تعودنا مرابطتهم بالشوراع في الانتخابات وفي المسيرات ولكن العيب في بعض الأطراف التي تواطئت مع “أموال كادوريم” من مسؤولين وإعلاميين لجعل الأمر يبدو وكأنه حدث وطني تاريخي يذكّرنا بيوم وصول النجم الراحل مايكل جاكسون الذي زار تونس في عزّ نجوميته واختارها مكانا لحفلته الخالدة دون كل الدول العربية والافريقية.
زيارة رونالدينهو الذي لا يختلف عاقلان حول موهبته ونجوميته لم تكن بريئة فالغرض منها لم يكن دعم السياحة التونسية بقدر ما كان هدفها تلميع صورة “كادوريم” الذي يبدو أنه مرّ من فلسفة الدعم والمساعدة المالية الى مرحلة التنويم والخداع ببريق النجومية مستغلا في ذلك طيبة وتواطئ البعض وغياب الدولة التونسية التي باتت حدودها وشموخها متاحا لكل من هبّ ودبّ…