الشارع المغاربي -حاوره: محمد الجلالي: ما إن فرغنا من إجراء الحوار الصحفي مع جانغ جيان قواه سفير دولة الصين بتونس حتى أشار الى لقاء مرتقب له بوزير السياحة بعد دقائق من موعدنا للبحث مع السلطات التونسية في سبل تطوير تعزيز الحضور الصيني في القطاع السياحي التونسي، من خلال النظر في فتح خط جوي مباشر بين تونس وبكين. كما عرج السفير على سعي البلدين الى تجاوز بعض العقبات التشريعية والادارية لتحقيق شراكة استراتيجية. عن العلاقات الثنائية بين تونس والصين وسبل النهوض بالمبادلات الاقتصادية والتكنولوجية ومواقفهما من تسييس ملف فيروس كورونا ومن القضية الفلسطينية وغيرها من المواضيع سألنا سفير دولة الصين بتونس فكان هذا الحوار.
في البداية كيف تلقت دولة الصين التغيير السياسي الذي طرأ على المشهد التونسي إثر 25 جويلية 2021؟
تدعو الصين دائما إلى أن تكون العلاقات بين الدول مبنية على أساس المساواة، وعلى احترام سيادة واستقلال جميع الدول، وكذلك على احترام التوجهات التنموية التي تختارها شعوبها بإرادتها المستقلة. وستواصل الصين دعم تونس بثبات في جهودها الرامية إلى استكشاف الطرق التنموية التي تتناسب مع خصوصياتها وواقعها. وإننا واثقون بأن تونس، بقيادة الرئيس قيس سعيد، ستحقق مزيدا من الإنجازات في مسار تنمية الدولة. إن الصين على استعداد لتعزيز تبادل الخبرات مع الجانب التونسي في عديد المجالات بما في ذلك مجالات الحوكمة الرشيدة مستفيدة من حكمة حضارتها العريقة وتجربتها التنموية بما يساهم في تعزيز التنمية والازدهار المشترك.
هل هناك اتصالات بين دولة الصين والدولة التونسية خلال فترة ما بعد الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد؟ وما هي أبرز المحاور التي تم التطرق إليها؟
منذ مطلع السنة الجارية، كان لزعيمي البلدين اتصالات ودية. وتبادل الرئيس الصيني شي جين بينغ مع الرئيس التونسي قيس سعيد الرسائل في مناسبات عديدة أكدت عزم البلدين على تعميق وتطوير العلاقات الثنائية. في شهر أوت الفارط، شارك وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي، نيابة عن الرئيس قيس سعيد، في الدورة الخامسة لمعرض الصين والدول العربية وألقى بالمناسبة كلمة عن طريق الفيديو. كما شارك، مؤخرا، ممثلون عن تونس في الدورة التاسعة لندوة العلاقات الصينية العربية والحوار بين الحضارتين الصينية العربية وكذلك في الدورة الرابعة لمعرض الصين للاستيراد وغيرها من المؤتمرات الدولية الهامة التي استضافتها الصين. كانت هذه اللقاءات مناسبة لمزيد تعميق المشاورات وتبادل وجهات النظر مع المسؤولين الصينيين. ومن المنتظر أن تنعقد قريبا الدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني الافريقي في العاصمة السنيغالية داكار. ويتطلع الجانب الصيني إلى تعميق التعاون مع الجانب التونسي في إطار المنتدى بما يخدم مصلحة الشعبين بصورة أفضل ويحقق نتائج ملموسة في مختلف مجالات التعاون.
كيف تقيمون العلاقات التونسية الصينية على المستويين السياسي وخاصة الاقتصادي؟
بالنظر إلى تاريخ المبادلات الودية بين البلدين، من الواضح أن العلاقات بين الصين وتونس تتميز بالاحترام المتبادل والتعامل على قدم المساواة والثقة السياسية المتبادلة. كما تعمل الصين وتونس على دعم بعضهما البعض في القضايا الجوهرية والمشاغل الكبرى بالنسبة لكليهما. وترفع الصين وتونس في مواجهة الأوضاع الدولية المتغيرة راية تعددية الأطراف، وتلتزم بالتوجه الرامي إلى بناء مجتمع ومصير مشترك للبشرية جمعاء. كما يرفض البلدان بصوت واحد تسييس موضوع كشف مصدر فيروس كورونا. ويتعاون البلدان في مجلس الأمن ويساهمان في إيجاد الحل الشامل والعادل والدائم للقضية الفلسطينية. وتتوفر للحكومتين والشعبين توافقات واسعة لتعميق العلاقات الثنائية، وهو من الشروط الأساسية لتطوير التعاون الثنائي.
ويمكن القول إن علاقات التعاون الاقتصادي بين الصين وتونس قد بلغت درجات مرضية. فقد ازداد الحجم التجاري الثنائي ب37.88 %. كما ارتفع حجم الواردات من تونس ب 34.79 % خلال الفترة الفاصلة ما بين جانفي وسبتمبر من سنة 2021. وازدادت من ناحية أخرى واردات زيت الزيتون بما يعادل أربعة أضعاف إلى جانب توقيع الجانبين على اتفاق التعاون الاقتصادي والفني بين الحكومتين. ونشير إلى أن مشاريع المعهد الدبلوماسي للتكوين والدراسات ومركز الشباب والرياضة في بن عروس، وهي هبات من الصين، إلى جانب مشاريع سد ملاق العلوي ومحطة معالجة مياه الصرف الصحي التي تتولي انجازها شركات صينية، تتقدم بثبات ويتواصل إنجازها بشكل سلس. ونذكر أيضا ما تم إعلانه مؤخرا بخصوص نجاح مشروع إنجاز أول حافلة صينية من نوع كينغ لونغ التي تم تصنيعها وتركيبها في تونس.
وهل من سبل لتطوير التعاون الاقتصادي المثمر بين البلدين؟
المشاورات متواصلة بين البلدين بخصوص المدينة الصحية بالقيروان ومشروع الجسر الرابط بين الجرف وآجيم جربة ومشروع الطريق السريع على الحدود التونسية الجزائرية، وغيرها من المشاريع الكبرى التي تهم البنية التحتية. ولو تم ابرام اتفاقيات ثنائية لتجاوز بعض العقبات التشريعية لفرغت الشركات الصينية من تنفيذ جملة من المشاريغ الضخمة عل مستوى البنية التحتية. ومن جهة أخرى تطور التعاون الصحي بين الصين وتونس خلال فترة الجائحة. وقد استقبل المستشفى الجامعي الجديد بصفاقس، المنجز في إطار هبة من الصين، 1000 مصاب بالكورونا منذ انطلاق استغلاله في جانفي الماضي. ومكن هذا المستشفى من تخفيف الضغط الصحي المحلي. والمعلوم أن الصين كانت أول بلد يقدم المساعدات الطبية ولقاحات الكورونا لتونس. وسوف نهدي لتونس دفعة جديدة من اللقاحات وأجهزة التنفس وآلات الأكسيجين. كل هذه المبادرات تجسد بشكل فعال وملموس علاقات الأخوة العميقة بين البلدين. كما تبرز حرص الصين من أجل إقامة مجتمع تتوفر فيه الصحة للإنسانية جمعاء.
وما هي المجالات التي يمكن أن تكون محور شراكات ثنائية بين البلدين؟
منذ فترة، ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ كلمة في الدورة الرابعة لمعرض الصين للاستيراد، وقال إن الانفتاح هو السمة المميزة للصين المعاصرة. كما أكد أن عزم الصين على توسيع الانفتاح لن يتغير وأن حرصها على مشاركة العالم فرص التنمية لن يتغير أيضا. كما أن الصين يتواصل سعيها الثابت من أجل دفع العولمة الاقتصادية نحو مجالات أكثر انفتاحا وتسامحا ونجاعة وتوازن بما يضمن تحقيق النجاح المشترك. وعلى هذا الأساس فإننا على استعداد كامل من أجل تعزيز التعاون في مجالات البنية التحتية والصحة والسياحة والتنمية الخضراء والمبادلات البشرية من خلال تنشيط التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف والتعاون في السوق الثالثة مع الجانب التونسي والأطراف الأخرى في المستقبل. وسنحث مزيد من الشركات الصينية على الاستثمار وإنشاء المصانع في تونس، والابتكار في طرق التمويل وتعزيز التواصل، بما يساعد تونس على تحويل مميزاتها الجيوغرافية إلى منافع اقتصادية في مجالات التصدير والتوظيف. هذا التوجه سيساهم بشكل فعال وملموس في تطوير الاقتصاد وفي خدمة المجتمع التونسي. كما سيكون له الأثر البارز بخصوص تعميق وتنويع مجالات التعاون الاقتصادي بين البلدين.
لاحظنا أن وفدا عن شركة هواوي الصينية حظي بحفاوة خاصة من قبل الرئيس قيس سعيد، كيف تقرؤون هذا الاستقبال؟
لقد ترسخ الاقتصاد الرقمي في القارة الافريقية وبدأ يلعب دورا مهما في مختلف المجالات على غرار التنمية الاقتصادية والحوكمة الاجتماعية. وتساهم هواوي باعتبارها أحد أهم مزودي خدمات الاتصالات في العالم في تقديم الخدمات في مجال الاتصالات عالية الجودة لتونس إلى جانب الإسهام في نشر تقنية الجيل الخامس وتعزيز تنمية الاقتصاد الرقمي وذلك منذ دخولها إلى السوق التونسية في عام 1999.
وتأخذ «هواوي» بعين الاعتبار مسؤوليتها الاجتماعية كما تدرك أهمية دعم المواهب المحلية. وقد نجحت الشركة في خلق 1500 موطن شغل بشكل مباشر وغير مباشر. كما أنشأت «أكاديمية هواوي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات» وقدمت دورات عبر الإنترنت لأكثر من 4000 طالب واختارت أكثر من 80 طالب للانضمام إلى برنامج «بذور من أجل المستقبل» (Seeds for the Future ) ووفرت لهم فرص التدريب العملي. إننا نؤمن بأن التعاون في مجالي تكنولوجيا الاتصالات وتدريب المواهب بين الصين وتونس سيحقق المزيد من النتائج المثمرة.
ووقعت «هواوي» اتفاقيات تعاون لشبكة الجيل الخامس (5G) مع عشرات الدول. وتعتبر تقنية الجيل الخامس (5G) ابتكارًا مشتركًا للمجتمع الدولي حيث ارتبط تطويرها واستخدامها بتنمية الاقتصاد العالمي، ومصالح جميع دول العالم، ومجالات تقدم الحضارة الإنسانية. ويتوجب على المجتمع الدولي توفير بيئة منفتحة وعادلة وغير تمييزية لتطوير تكنولوجيا الجيل الخامس (5G) على أساس الاحترام المتبادل والثقة المشتركة. كما يتطلب ذلك رفض تعميم مفاهيم الأمن القومي وتسييس التعاون في مجال تكنولوجيا الجيل الخامس بما يمكن من الاستفادة بشكل مشترك من فرص التنمية الضخمة التي أحدثتها الجولة الجديدة من الثورة العلمية والتكنولوجية. هذا الأمر سيمكن كذلك من تحقيق المنفعة المتبادلة والتنمية المشتركة والمفيدة للجميع.
يعتبر البعض أن الاستثمارات الصينية في تونس لا تزال في حاجة إلى دفع أكبر، ما تعليقكم؟
أصبحت الصين أكبر مستثمر أجنبي في العالم منذ نهاية العام الماضي. فقد فاقت تدفقات الاستثمار المباشر الصينية في إفريقيا معدل 25 بالمائة سنويًا على مدى العقدين الماضيين. ورغم تفشي الوباء، فقد ارتفعت استثماراتها في إفريقيا من 2.71 مليار سنة 2019 إلى 2.96 مليار سنة 2020، مما يعكس بشكل واضح ثقة الشركات الصينية في السوق الإفريقية إلى جانب تأكيد حيوية التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والدول الافريقية.
وتتمتع تونس بمزايا جغرافية أكيدة وبالتالي فإنه بإمكانها أن تصبح بوابة الشركات الصينية للاستثمار في أوروبا وإفريقيا. ومن المؤمل أن يرتفع نسق الاتصالات وأن تتكثف المشاورات بين رواد الأعمال الصينيين والتونسيين بعد أن كانت محدودة لأسباب تاريخية.
كما يأمل العديد من المستثمرين الصينيين في أن يتمكن الجانب التونسي من خفض العبء الضريبي وحواجز الدخول أمام المستثمرين الأجانب ومزيد تحسين بيئة الاستثمار اجمالا. وفي هذا السياق استضافت السفارة الصينية والوكالة التونسية لتشجيع الاستثمار الأجنبي واتحاد الصناعة والتجارة، المؤتمر الصيني العربي لرجال الأعمال والمنتدى الاقتصادي والتجاري الصيني-التونسي في السنوات الأخيرة. كما يوفر المعرض الاقتصادي والتجاري الصيني الإفريقي منصة جيدة لرجال الأعمال من البلدين لتعزيز الاتصالات والمشاورات. ومن المؤكد أنه سيتم إطلاق المزيد من المبادرات وفرص التعاون بين الصين وتونس خاصة مع تحسن الوضع الوبائي. كما أنه من المتوقع أن يزداد تدريجياً عدد الشركات الصينية التي تستثمر في تونس.
يفسر البعض حديث الرئيس قيس سعيد عن رفض تونس مقايضة سيادتها ببعض الاملاءات من مانحين ومقرضين غربيين بوجود تقارب مع بعض الدول الأخرى من بينها الصين، ما تعليقكم؟
إن علاقات الصداقة والتعاون بين الصين وتونس ثابتة. فمنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، قبل 57 سنة حقق التعاون الثنائي الفعال نتائج مثمرة في مختلف المجالات. ويتوفر لتونس البعد الثلاثي الافريقي والعربي والبحر الأبيض المتوسط، وهي بذلك عبارة عن جسر يربط بين أوروبا وإفريقيا. كما تتمتع تونس بإمكانات تنموية ضخمة ومساحة تنموية واسعة. ويتجاوز تأثير العلاقات الصينية التونسية نطاق العلاقات الثنائية وإننا على يقين من توفر القدرة على الارتقاء بهذه العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية. في الوقت الحاضر، يوجد توافق مهم بين رئيسي البلدين لتعزيز علاقات التعاون الثنائية، كما يوجد توافق وحرص من المسؤولين الصينيين والتونسيين، في كافة الأوساط، على تطوير علاقات الصداقة بين البلدين. وبالتوازي مع التطور السريع الذي شهدته العلاقات الصينية الإفريقية والصينية العربية إلى جانب ما سجلته من تقدم ملحوظ على درب تنفيذ مبادرة «الحزام والطريق»، فإن التعاون الصيني التونسي له آفاق واعدة. وإننا على ثقة بأنه بفضل الجهود المشتركة التي يبذلها الجانبان فإن العلاقات الثنائية ستكون أكثر عمقا وتنوعا وأهمية.
ما أريد التأكيد عليه هو أن دعم تنمية الدول الإفريقية، بما في ذلك تونس، هو مسؤولية مشتركة تقع على عاتق جميع أعضاء المجتمع الدولي. يجب على كافة الأطراف الدولية تطوير علاقات التعاون مع القارة الافريقية على أساس احترام سيادة الدول الإفريقية والإصغاء إلى آرائها والاهتمام بمواقفها والوفاء بالوعود تجاهها وتوظيف المميزات التي تتوفر لدى كافة الأطراف. ويهدف هذا المجهود إلى بلورة قوة موحدة من أجل تحقيق السلام. ومن الضروري أن نؤكد أن علاقات التعاون بين الصين وتونس وكذلك مع القارة الافريقية لم يكن قط مغلقًا أو به إقصاء لآخرين، بل تحرص الصين على تعزيز التعاون الصيني التونسي الثنائي أو الثلاثي أو متعدد الأطراف على أساس المعاملة المتساوية والمنفعة المتبادلة والنتائج المربحة للجميع. هذا التوجه من شأنه أن يلعب دورا هاما وبناء بهدف تعزيز السلام والتنمية في الدول الإفريقية، بما فيها تونس.
يعتبر الفضائين العربي والافريقي مجالين مفتوحين أمام منافسة محتدمة بين الصين وبعض الدول الغربية، هل لكم أن ترسموا الملامح الكبرى للسياسة الصينية المتبعة في كل من افريقيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟
ترى دولة الصين أن إفريقيا يجب أن تكون فضاء كبيرا للتعاون الدولي، وليست ساحة لعب للقوى الكبرى. إن الصين تتمسك بسياستها تجاه إفريقيا وقوامها في ذلك الشفافية والفاعلية والقرب والصدق. كما تحرص على الحفاظ على الصداقة التقليدية الصينية الإفريقية، وتعتبر أن تعزيز التضامن والتعاون مع الدول الإفريقية هو الأساس الأهم في السياسة الخارجية الصينية. هذا الجانب لن يتغير بسبب تطور الصين وارتفاع مكانتها الدولية. كما أن الدول العربية هي الشريك الطبيعي للصين في بناء “الحزام والطريق”. ومن هذا المنطلق فإن العلاقات الثنائية الاستراتيجية مبنية على مفهوم التعاون الشامل والتنمية المشتركة والتوق إلى المستقبل المشترك مع الالتزام بروح التشاور والتعاون بما يضمن تحقيق المصلحة المشتركة والتسامح والاستفادة المتبادلة.
لقد قرر الجانبان الصيني والإفريقي، بعد التشاور، أن تعقد الدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي من يوم 29 إلى 30 نوفمبر الحالي في العاصمة السنغالية داكار. وسيكون موضوع الاجتماع “تعميق التعاون والشراكة الصينية الإفريقية وتعزيز التنمية المستدامة وبناء مجتمع مصير مشترك بين الصين وإفريقيا في العصر الجديد”.
وتصر الصين وإفريقيا على تنظيم الاجتماع في موعده على الرغم من الوباء. هذا التوجه يؤكد الثقة والدعم المتبادلين بين أكبر الدول النامية وأكبر قارة تضم الدول النامية. كما يؤشر ذلك على العزيمة والشجاعة والمسؤولية أمام التحديات المطروحة والحرص على مواجهة التغييرات التي يشهدها العالم. وسيعمل الجانب الصيني والإفريقي على رفع التعاون الثنائي إلى مستوى أعلى في مجالات الصحة والقوة الإنتاجية والبنية التحتية والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي والتنمية الخضراء والأمن والسلام وبناء القدرة، والسير على طريق التنمية المستدامة.
لاحظنا أن الدورة السادسة للجنة المركزية التاسعة عشر للحزب الشيوعي الصيني انعقدت قبل أيام في بكين، ما هو المغزى من هذه الدورة؟
هو مؤتمر على غاية من الأهمية حيث تزامن انعقاده مع حدث مهم يتمثل في الاحتفالات بمئوية تأسيس الحزب الشيوعي الصيني وما رافق ذلك من إنجاز إقامة مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل. كما تتميز هذه الفترة بدخول حزبنا مرحلة بناء الدولة الاشتراكية الحديثة على نحو شامل والبدء في مسيرة جديدة نحو تحقيق الأهداف المنتظرة بحلول الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية. ومن أهم مخرجات الدورة الكاملة أنه تم إجازة «قرار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني بشأن المنجزات المهمة والتجارب التاريخية في كفاح الحزب الممتد لمائة عام». إن هذا القرار التاريخي الثالث في مسيرة الحزب الشيوعي الصيني يعكس عمق حكمة الحزب بأكمله. وهو يلخص، بشكل شامل ومنهجي، المنجزات المهمة والتجارب التاريخية التي خاضها الحزب في مسيرة كفاحه الممتد على مدار المائة عام. ونذكر في هذا الخصوص المنجزات التاريخية التي أحدثت تغييرات هامة في قضايا الحزب والدولة بعد اختتام المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب. والمعلوم أن كفاح الحزب الممتد لمائة عام لم يغيّر بشكل جذري مستقبل ومصير الشعب الصيني فحسب، بل تواصل كفاح الحزب على الطريق الصحيح لتحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية، وليترك تأثيره العميق في مسيرة التاريخ العالمي. فقد نجح الحزب في قيادة الشعب على طريق تحديث بأسلوب صيني. كما تمكن من ابتكار شكل جديد من الحضارات البشرية، وساهم في فسح المجال التحديث أمام الدول النامية.
وإذا ما استشرافنا المستقبل، فإن تنمية الصين تحتاج إلى العالم كما يحتاج ازدهار العالم إلى الصين. إن الصين مقرة العزم على أن تتمسك بثبات بحماية تعددية الأطراف وتوفير مزيد من فرص السوق للعالم وهي في ذلك مستعدة لدفع الانفتاح على العالم ليبلغ أعلى المستويات إلى جانب حماية المصالح المشتركة للبشرية جمعاء. كما ستعمل الصين بثبات مع المجتمع الدولي، بما في ذلك تونس، في سبيل تحقيق التنمية المستدامة والسلمية للعالم وإقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 23 نوفمبر 2021