الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: أكد الياس الفخفاخ في جلسة استماعه الأخيرة بمجلس نواب الشعب أنّ خصوصية الظرف الراهن تقتضي شد الأحزمة وأن الحكومة انتصرت على جائحة كوفيد – 19 بفضل حسن إدارة حكيمة للازمة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، مشددا على أهمية دعم الاستثمار العمومي وترشيد نفقات الإدارة. تعهدات يبدو انها بقيت حبرا على ورق ذلك أن المؤشرات الصادرة عن وزارة المالية حول تنفيذ ميزانية الدولة كشفت أن التقشف موجود فقط في الخطب الرسمية وأنّ واقع الأرقام يبرز توسعا لمصاريف الإدارة، من جهة وانكماشا لقيمة الاستثمار العمومي ومصاريف التنمية، من جهة أخرى.
وفي هذا الإطار، أبرزت بيانات وزارة المالية الصادرة يوم أوّل أمس الخميس 2 جويلية 2020 في مذكرتها الدورية حول النتائج الوقتية لتنفيذ ميزانية الدولة موفى افريل الفارط أن نفقات التصرف او بالأحرى أعباء التسيير الإداري والتي تشمل الأجور وتكاليف تسيير الإدارة من مستلزمات ومصاريف صيانة أسطول السيارات وما شابه ذلك من أعباء، قد شهدت زيادة بنسبة 20% لتبلغ 5.8 مليارات دينار.
وعلى هذا المستوى، تطورت نفقات التأجير بنسبة 5.16% إلى 5.6 مليارات دينار، كما ارتفعت نفقات الدعم بـ 43 % إلى 6.1 مليارات دينار رغم تراجع الأسعار العالمية للمحروقات.
في جانب آخر ورغم تأكيد رئيس الحكومة الياس الفخفاخ على أن مخطط الإنقاذ الاقتصادي المنتظر يرتكز بالأساس على تعزيز الاستثمار العمومي والتنمية حيث بين مؤخرا أن السلط المختصة تستعد لإنجاز آلاف المشاريع، عرفت نفقات التنمية خلال الأشهر الأربع الأولى من سنة 2020 انخفاضا حادا بحوالي النصف لتصل إلى 910 ملايين دينار مقابل 1832 مليون دينار خلال نفس الفترة من سنة 2019.
وكشفت مذكرة وزارة المالية تسجيل تراجع في المداخيل الذاتية للدولة بنسبة 10% إلى 5.9 مليارات دينار، باعتبار تقلص الموارد الجبائية بنسبة 6.12%. وشهدت في المقابل موارد الاقتراض تطورا ملحوظا بنسبة 28% لتصل إلى 3.5 مليارات دينار.
يذكر ان وكالة الترقيم “موديز” كانت قد أفادت في تقرير نشرته، الثلاثاء الفارط 30 جوان 2020، أن تصنيف تونس السيادي هو في مستوى بـ 2 مع وضعه قيد المراجعة للتخفيض، وذلك باعتبار مستويات تداين مرتفعة تقترب من نسبة 80% من الناتج الداخلي الخام إلى حدود سنة 2023، وشدة العجز في الموازنات وهو ما يعود إلى هيكلة مصاريف غير مرنة واختلال كبير في التوازنات الخارجية.
وتفاقم هذا الضعف، حسب الوكالة، في قدرة البلاد على الاقتراض أو سمعتها المالية، بفعل جائحة كوفيد – 19، التي يفترض تأثيرها العميق المؤقت على النمو ومؤشرات الميزانية ومخاطر إعادة التمويل. وُيبقي ارتفاع معدل البطالة والفوارق بين الجهات وإمكانية تأجج الاحتقان الاجتماعي، إذا لم يتحقق النمو الاقتصادي المنتظر هذه السنة، الآفاق الاقتصادية قاتمة.
وكانت وكالة التصنيف “موديز”، قد أعلنت في افريل الماضي عن الإبقاء على الترقيم السيادي لتونس في مستوى بـ 2 مع وضعه قيد المراجعة للتخفيض، مبرزة أن فترة المراجعة تمتد ثلاثة أشهر، أي أكثر من الفترة المعتادة.
ووجهت “موديز” من خلال هذا القرار رسالة للمستثمرين الدوليين بان الاقتصاد التونسي يواجه صدمة غير مسبوقة قد تؤثر على هذا البلد عند الاقتراض.وعكس قرار وكالة الترقيم وضع ترقيم تونس السيادي قيد المراجعة نحو الانخفاض، مخاطر تضييق الشروط على الأسواق الدولية، وهو ما يتجلى من خلال خطر أعلى في النفاذ إلى التمويلات على فترة طويلة نسبيا.