الشارع المغاربي – عودة‭ ‬‮"‬‭ ‬سنية‮" ‬‭ ‬وصراع‭ ‬3‭ ‬مراكز‭ ‬نفوذ‭ ‬حول‭ ‬قيس‭ ‬سعيد:‭ ‬هل‭ ‬يُحدث‭ ‬ضغط‭ ‬المنظمات‭ ‬الوطنية‭ ‬المنعرج‭ ‬؟/ بقلم: كوثر‭ ‬زنطور

عودة‭ ‬‮”‬‭ ‬سنية‮” ‬‭ ‬وصراع‭ ‬3‭ ‬مراكز‭ ‬نفوذ‭ ‬حول‭ ‬قيس‭ ‬سعيد:‭ ‬هل‭ ‬يُحدث‭ ‬ضغط‭ ‬المنظمات‭ ‬الوطنية‭ ‬المنعرج‭ ‬؟/ بقلم: كوثر‭ ‬زنطور

قسم الأخبار

6 أبريل، 2022

الشارع المغاربي: كان فتح باب قصر قرطاج لاستقبال ممثلي منظمات وطنية وهيئات بمثابة مؤشر عن مراجعات قام بها رئيس الجمهورية قيس سعيد بعد 8 اشهر من الانغلاق التام ورفض اية تشاركية في ادارة مسار ما بعد 25 جويلية.  مؤشر يبني عليه البعض ممن يرون ان البحث عن افق للخروج من الازمة  يتطلب طول نفس والتعاطي الايجابي مع سعيد فيما لا يزال كثيرون يشككون في نوايا الرئيس ويستندون في ذلك الى” الاجندة الاصلية” او لـ” مشروع اعادة البناء” الذين يقادان بثبات بين 3 مراكز نفوذ .

تحفظ  زوار القصر الرئاسي منذ نهاية الاسبوع المنقضي حتى يوم امس الاثنين على تقديم” بشائر” تغييرات في “الخط السياسي” للرئاسة يبدو مفهوما بالنظر الى ” سوابق” قيس سعيد في “التعهد والتراجع” وبالنظر خاصة لمسألة تعتبر الاهم اليوم  وتتعلق اساسا ببحثه الواضح عن ” حشد دعم واسع حوله يُمكنه من اضفاء  مشروعية” على قرار حل مجلس نواب الشعب الذي لم يقابل بأي تفهم او مقبولية في الخارج ولدى الجهات المانحة التي كانت تعول على انهاء فترة التدابير الاستثنائية باتفاق سياسي عبر حوار جامع يقطع مع سيناريو المغالبة وتنازع الشرعيات.

بالتوازي مع ذلك ، يتواصل الصراع بين ” الشقوق” داخل القصر و التي تحولت الى 3 مراكز نفوذ، الاول يقوده وزير الداخلية توفيق شرف الدين والمدعوم من عائلة “شبيل” (عائلة حرم الرئيس التي بات افرادها معلومون بالاسم) والثاني يقوده وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي المدعوم من ” عائلة سعيد” والثالث مجموعة ” المشروع” المسنودة من رفيقة درب قيس سعيد سنية الشربطي والرافض لتدخل العائلة ولـ”انحراف” “المشروع” نحو نفس ممارسات منظومات الحكم السابقة ويدعو لـ”الالتفات للاستحقاقات الاجتماعية” وللقطع مع الادارة النوفمبرو/نهضوية للسلطة.

الحوار ودور الجيش والوضع الاجتماعي

عاد رئيس الجمهورية قيس سعيد لطرح تنظيم حوار وطني حدد شروطه والاطراف التي ستشارك فيه خلال الاجتماعات التي انطلق في عقدها منذ يوم الجمعة المنقضي والتي كان اولها مع المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل. اجتماعات  قال مصدر شارك فيها لـ”الشارع المغاربي” انها تكاد تكون قريبة من المشاورات وانها كانت “فرصة للطرفين” في اشارة الى الرئاسة وممثلي المنظمات ، لتبادل الاراء حول التطورات الحاصلة بعد أشهر من ” لا حوار” .

مصادر متطابقة تؤكد بداية التنسيق بين عدد من المنظمات حول خطوات المرحلة القادمة على قاعدة” رفض اي توظيف للاجتماعات” الجارية وللحيلولة دون محاولات جرها لـ” عملية اخراج سياسي ” تهدف لتمرير مخرجات الاستشارة الوطنية . هذه المخاوف لها ما يؤيدها اذ سبق لسعيد ان قام مباشرة بعد اعلانه عن تفعيل الفصل 80  من الدستور والاجراءات المرافقة له بسلسلة لقاءات كانت لـ”الاستهلاك الخارجي” ولم يكن لها اي صدى على ارض الواقع .

من التقوا مؤخرا قيس سعيد من منظمات او شخصيات مرشحة لتركيبة اللجنة التي ستوكل اليها مهام التأليف بين مخرجات الاستشارة ، اجمعوا على ” وجود بعض المراجعات” في خط الرئيس يصفها مصدر رفيع المستوى  بـ”الهشة” وبالآيلة للسقوط امام ” الخيارات الاستراتيجية” لـ” الرئيس والدوائر النافذة المحيطة به” والتي قال انها ” قادرة على احباط اية محاولات انقاذ ” وانها” متمترسة في مواقعها” لافتا الى  وجود ما اسماه بـ” تطابق”  بين مختلف الفاعلين  حول تقييم سلبي للمجموعات المحيطة بسعيد.

المنعرج يضيف المصدر قد ياتي من “صوت المؤسسة العسكرية” المحذر من اهتزازات قد تعيشها البلاد والداعي لـ” التعقل”  وللعودة لـ” ثوابت الدولة” . الحديث عن دور الجيش وان كان يقدم بتحفظ وكـ” استنتاجات” قادمة من وحي الاجتماعين الاخيرين لمجلس الامن القومي فإنها تعود ايضا لتقاليد المؤسسة تاريخيا في حماية الجمهورية  بعيدا عن التلوث بالسياسة محافظة على عقيدة عسكرية قائمة على الحياد السياسي، عقيدة تكاد تكون الاستثناء في محيطها.

ودور الجيش المفترض في مسار 25 جويلية طرح في تصريحات سياسيين من معارضي هذا المسار وطُرح ايضا في الخارج على غرار الجلسة التي عقدتها لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس الامريكي بتاريخ 14 اكتوبر 2021 وتقرير لجنة الاعتمادات الصادر بتاريخ 19 اكتوبر من نفس العام الموجه للادارة الامريكية والذي دعت فيه الى تعليق صرف المساعدات الى تونس الى حين التحقيق في ما ان كان الجيش قد شارك او ساند تراجع الديمقراطية بتونس وان كانت السلطات قد استعملت او اعتمدت على الجيش لتعزيز ما اسمته بـ”الخطوات الاستبدادية”.

لكن في كل الاحوال فإن دور المؤسسة لن يكون في اتجاه حسم يتمثل في “انقلاب على انقلاب” مثلما تروج له ما بات  يسمى بـ” مجموعة المقاومة” او معارضي مسار 25 جويلية . فالوفود الاجنبية التي زارت تونس مؤخرا  والتقت بمختلف الفاعلين ، حذرت من انزلاقات قد تكون مدمرة على ما تبقى من اقتصاد البلاد ودعت الى ” توافقات على قاعدة 25 جويلية” تمكن من العودة الى ” مسار ديمقراطي ” عبر اصلاحات سياسية “معقولة” وتنطلق اولا بمراجعة القانون الانتخابي .

عودة ” سنية”

لا يعرف ان كانت هناك مبالغة عند الحديث عن محيط رئيس الجمهورية قيس سعيد والصراعات الدائرة بين اطرافه للتموقع والاعداد لخلافة رئيسة الحكومة نجلاء بودن التي لم تنجح حتى اليوم في اثبات كفاءتها لإدارة المرحلة وبات واضحا انها تمثل الحلقة الاضعف في منظومة الحكم الجديدة. روايات عديدة تتداول حول الفوضى الدائرة بين الوزارات وتنازع الصلاحيات والتدخل المباشر لعدد من “الوزراء السياسيين” في ملفات زملائهم. الكواليس تقول ان للحكومة رئيسي حكومة فعليان هما وزير الداخلية ووزير الشؤون الاجتماعية.

مقربون من سعيد  يؤكدون انه “لا  يأخذ على محمل الجد ما ينقل اليه من تشكيات حول اداء  وزرائه ” وان العنصر الجديد الذي قد يغير المعادلة هو عودة  سنية الشربطي للتاثير المباشر وهي التي تعد، حسب توصيف فاعلين في محيط سعيد ، بـ”  الاستثناء” وبالشخصية التي حافظت على ” ثوابت التأسيس”  و” لم تهزها السلطة”.  وهناك من يشدد على انه تم احراجها بتعيين زوجها واليا على تونس وانها قد تكون رافضة لهذا التعيين وكانت تحبذ “البقاء كعين رقيبة  من خارج السلطة”.

هناك من ينظر الى عودة ” سنية”  كنقلة نوعية قد تغير من مسار سعيد عبر تمكينه خاصة من ” الانصات الى الحقيقة  كما هي”. والمعلوم ان تصريحات سعيد بينت انه قد يكون ضحية معطيات غير دقيقة بعضها تحول الى مادة للتندر وكاد يتسبب في ضرب مصداقية الرئاسة.

دور “سنية” الجديد وهي غير المصطفة بين اهم جناحين طموحين لمواصلة الصعود الى هرم السلطة (شرف الدين والزاهي) والذي انطلق بتهدئة الأنصار “الغاضبين بسبب سلسلة احداث جعلت البعض منهم يلوح بـ”التمرد” والمرور لمعسكر المعارضة سيكون في اتجاه “التصحيح” واستعادة “الفرملة” التي نجحت فيها المديرة السابقة للديوان الرئاسي نادية عكاشة.

قبل توضح مدى قدرة الوافدة الجديدة لدوائر التأثير في سلطة القرار الاولى بالبلاد، فإن الأهم سيكون تبيان ان كان الرئيس على علم بما يتناقل على غرار قائمة “حرفاء” الاستاذ المحامي نوفل سعيد التي تعززت بعدد من رجال الاعمال من ذلك النائب السابق لحركة النهضة محمد فريخة وما يتداول مثلا عن حصوله على امتيازات كانت محلّ رفض من مدير عام الطيران المدني ممّا كلّفه إقالة تسببت في حالة احتقان بالمؤسسة التي تتالت بعدها الأحداث وأخطرها تدخل أمني غير مسبوق وتعنيف لفظي تسببا في احالة مدير السلامة على المستشفى في “فضيحة” حُملت مسؤوليتها لوزير النقل وقد تحال الى المحاكم عبر رفع قضية على الوزير وأحد مستشاريه. وكانت الكاتبة العامة للحكومة سارة رجب على علم بتفاصيلها وربما شاهدة عيان عما حدث في يوم وُصف بالاسود.

وسيكون سعيد ايضا امام توضيح اخلالات اخرى  تُنسب لوزراء منها تعيين عدد من الناشطين في تنسيقيات “قانون 38” لمن تجاوزت بطالتهم الـ10 سنوات كمعتمدين لضرب تحركاتهم .وللتذكير كان سعيد قد اعلن عن رفض تفعيل القانون المثير للجدل رغم انه سبق له ان ختمه ابان المصادقة عليه من قبل البرلمان  وقدم  الرئيس الشركات الاهلية كبديل له.

ورغم “الاستبشار” النسبي  بانهاء التعثر الذي ساد مسار ما بعد 25 جويلية بفضل ضغط ايجابي من المنظمات الوطنية المتفقة على انقاذ يقطع مع ما بات يسمى بمنظومة 24 فإن المخاوف تبقى قائمة من تعنت الرئيس الذي يبحث عن دعم  مشكوك الخلفيات وهو الذي يقوده خط استراتيجي يتمثل في العمل على المحافظة على السلطة مع تكتيكات ظرفية قد تتقاطع اليوم مع المنظمات حتى تمر العاصفة فيما لا يزال كل من التقاهم تقريبا يأملون في انتصار العقلانية على مشروع اعادة البناء لاسيما مع الصعوبات المتفاقمة للمالية العمومية والتي باتت تنذر بالأسوإ ان تواصلت الازمة السياسية..

نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 5 افريل 2022


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING