الشارع المغاربي : يظل ملف العلاقات التونسية الأوروبية في صدارة الاهتمامات الوطنية بمناسبة زيارة النائبة الأوروبية الفرنسية “كريستين فرجيا” لتونس حيث كانت لها لقاءات بالسلطات الرسمية وحوارات مع ممثلين عن بعض الأحزاب و الناشطين في المجتمع المدني حول التصنيفات الأخيرة لتونس على القائمات الأوروبية السوداء التي أثارت عديد التساؤلات حول أسبابها الخفية وخلفياتها السياسية غير المعلنة.
النائبة الأوروبية كشفت إن كل الدلائل تشير إلى أن هذه التصنيفات تندرج في إطار تكثيف الضغوط الأوروبية على تونس– بإيعاز من شركائنا الرئيسيين و خاصة فرنسا و ايطاليا – لحملها على إمضاء اتفاق التبادل الحر الشامل و المعمق مضيفة أنها لا تستبعد أن ينجح الجانب الأوروبي في تحقيق مآربه في ظل الخلل الكبير في موازين القوة بين الجانبين .
وإزاء المخاوف التي عبر عنها المجتمع المدني التونسي بسبب المخاطر المحدقة بتونس جراء هذا الاتفاق، أقرت النائبة الأوروبية بالطابع المصيري للمفاوضات – باعتبار أن الأمر لا يتعلق بمجرد اتفاق تجاري تقليدي ولا يقتصر على توسيع التبادل السلعي و فتح حق العمل للأوروبيين في كافة القطاعات – بل يلزم تونس بتبني المنظومة التشريعية الأوروبية مما قد يشكل تهديدا للدولة الوطنية التونسية و ضربا لسيادتها.
ولعل ذلك الذي أدى إلى تقديم المجتمع المدني لمشروع إعلان يطالب الحكومة بإلايقاف الفوري للمفاوضات و نشر كافة الوثائق ذات الصلة و تعهد خبراء مستقلين بتقييم حصيلة الاتفاقيات السابقة المبرمة مع الجانب الأوروبي و كذلك تكوين لجنة برلمانية تعنى بإدارة التفاوض في مثل هذه القضايا و عرض إي مشروع من هذا القبيل على الاستفتاء الشعبي العام.
في تقديرنا لا يكفي أن يطالب المجتمع المدني بإيقاف المفاوضات بل يتعين عليه العمل على كشف الدور المشبوه للدول التي تتستر وراء الاتحاد الأوروبي و المؤسسات المالية الدولية و مجموعة السبع، مستغلة حالة الضعف و التبعية الاقتصادية و المالية لتونس، لإرغامها منذ أكثر من ثلاثة عقود على الانخراط ألقصري في سياسة التبادل الحرغير العادلة و منها اتفاق “الآليكا” وهو الأكثر خطورة على مصالح تونس و هويتها واستقلالها.
وفي هذا الصدد نددت النائبة الفرنسية بالخطاب الرسمي الفرنسي المزدوج الذي يدعي في العلن الرغبة في مساعدة تونس و الحال انه لم يلتزم فعليا بأي من التعهدات التي اتخذها على نفسه في مجال تحويل جزء من المديونية إلى قروض،مذكرة بان فرنسا هي الدائن الأول لتونس و أول مستفيد من المبادلات التجارية معها و لكنها تدعي ،خلافا للواقع،أنها تشكو من العجز التجاري مع تونس وهو ما يردده أيضا الخطاب الرسمي التونسي الذي يتبنى نفس هذه المغالطة لتبرير مضيه في المفاوضات العبثية حول “الآليكا“.
وعلى صعيد متصل تجدر الإشارة إلى المغالطة الكبرى الأخرى التي تتأسس عليها العلاقات التجارية التونسية الأوروبية منذ 1969 و مفادها أن تونس دولة متطورة صناعيا و تكنولوجيا تضاهي الدول الصناعية العظمى من حيث تقدمها و طاقاتها الإنتاجية الفائضة وهي في حاجة إلى الأسواق الأوروبية و قادرة على الاستفادة منها.