الشارع المغاربي – في بيان المغالطات : نداء تونس يكتشف "بقدرة قادر" أنّ مشروعه متناقض مع حركة النهضة!!

في بيان المغالطات : نداء تونس يكتشف “بقدرة قادر” أنّ مشروعه متناقض مع حركة النهضة!!

قسم الأخبار

6 يناير، 2018

 

الشارع المغاربي – معز زيّود : يُثير بيان حركة نداء تونس، الصادر اليوم السبت 6 جانفي 2018، تساؤلات عدّة عن الدوافع التي تقف وراءه في هذا الوقت بالذات، لاسيما أنّه تضمّن مغالطات عدّة يُدركها كلّ متابع للمشهد السياسي التونسي، بدا عنوانها الأبرز الإعلان بوضوح ومن جانب واحد عن نهاية مرحلة “التوافق” مع حركة النهضة…

بعد عامين من الدفاع الشرس عن إيجابيات “التوافق” بين حركتي نداء تونس والنهضة ودوره في تأمين الاستقرار السياسي في البلاد، أكّد حركة النداء، في بيانه الصادر اليوم عقب ندوته الوطنية الأولى للإعداد للانتخابات البلدية، على أنّ “مشروعها الوطني العصري المدني في منافسة رئيسية للمشروع الذي تمثله حركة النهضة”. وهو ما يعني الإقرار، ضمنيًّا وبصورة خجولة، أنّ حركة النهضة تتبنّى نقيض “المشروع الوطني العصري المدني” لحركة نداء تونس.

والواضح أنّ حزب قايد السبسي قد سعى بشكل متأخر جدّا إلى التمايز السياسي والأيديولوجي عن حركة النهضة، مُتجنّبا للضرورة الظرفيّة فقط استخدام مصطلحات وعبارات تتّهم حزب الغنوشي بتبنّيه مشروعا غير عصري وغير مدني، أي مشروع ماضوي وديني، على طريقة التمييز الأيديولوجي بين “الأصوليّة والمعاصرة”، مثلما كان يفعل قبل انتخابات 2014.

ومع أنّ حركة نداء تونس لم تصل إلى حدّ الإعلان عن القطيعة الكاملة مع حركة النهضة، عبر تأكيدها في بيانها على أنّ “الإطار السياسي الوحيد الذي يجمعها ببقية شركائها في الحكم بما فيهم حركة النهضة هو وثيقة قرطاج”، فإنّها كشفت بذلك فكّ الارتباط مع النهضة والإعلان الرسمي عن وفاة التنسيقية التي تجمع الحزبين. وهو ما أكّده أيضا مسؤول الشؤون السياسية في الحزب برهان بسيّس، في تصريح صحفي اليوم، بأنّ “العمل في إطار التنسيقية التي كانت تجمعنا انتهى”، قائلا إنّ “واقع الانتقال الديمقراطي والاستحقاقات الانتخابية فرض المرور في العلاقة مع حركة النهضة من مرحلة الوفاق إلى التنافس”.

والظاهر أنّ هذا الإعلان، وإن لم يكن مفاجئا للمتابعين لتطوّر مواقف حزب نداء تونس وقيادييه، منذ تصريح الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مؤخرا عن الخسارة المهينة للحزب في الانتخابات التشريعيّة الجزئية في دائرة ألمانيا، فإنّه يكشف خصوصا حالة الارتباك التي يبدو عليها حاليا، وذلك بالنظر إلى خشية الحزب من تكرار هذا الفشل الفادح خلال الانتخابات البلدية المزمع انتظامها يوم 6 ماي المقبل.

ومن ثمّة يبدو من المغالطات الواردة في بيان الحزب الإيحاء بأنّ موقفه الأخير يستند إلى مراجعة جديدة لأدائه وتحالفاته. وممّا يُؤكّد ذلك أنّ اجتماع اليوم كان قد تقرّر فور الإعلان عن نتائج انتخابات ألمانيا التي يتحمّل تبعاتها المدير التنفيذي للحزب حافظ قايد السبسي رأسًا، لا فقط لأنّه كان سيُرشّح نفسه لتلك الانتخابات الجزئيّة وإنّما أيضا لتحمّله مسؤولية التخطيط وتحديد المرشح البديل. وعليه يبدو قايد السبسي الابن أوّل من يتحمّل مسؤوليّة الفشل.

وهنا يبدو أنّ هذه المناورة الجديدة قد جاءت أساسا للتغطية على فشل نجل رئيس الجمهوريّة في إدارة شؤون حزبه، ممّا طرح آنذاك البحث عن قيادة جديدة للحزب، علّها تتمكّن من إنقاذ ما يُمكن إنقاذه. في هذا الصدد، لا تخفى على مُلاحظ بصمات الباجي قايد السبسي نفسه الذي لم يكن غائبا كليّا عن اجتماع اليوم لا فقط من خلال التأكيد، في البيان، على رمزيّته في قيادة حراك الندائيين، وإنّما كذلك في تصدّر أبرز مساعديه منبر الاجتماع وفي مقدّمتهم سليم العزابي مدير ديوان رئيس الجمهوريّة.

والأرجح أيضا أن يحاول حزب نداء تونس عقد تحالفات جديدة، خلال الفترة المقبلة، وخصوصا مع الأحزاب المشتقّة والمنشقّة عنه بهدف تجنّب الأسوأ خلال الاستحقاق الانتخابي الوشيك. وهو ما جعله يدعو في بيانهِ صراحةً إلى “التعبئة العامّة من أجل كسب الرهان الانتخابي والانخراط في مسار جديد لتجاوز الخلافات والتوحد حول الحزب وهياكله ومرشحيه وطي صفحة التجاذبات المؤلمة التي عرفتها الحركة”. وهذا على الرغم من أنّ قياديي الحزب السابقين المنشقّين عنه والمغادرين له ممّن شكّلوا أحزابا جنينيّة جديدة، لم يطرحوا سابقا حين كانوا يحظون برضاء رئيس الجمهورية مسألة ضرورة التمايز عن حركة النهضة، بل انحصرت خلافاتهم آنذاك مع حافظ قايد السبسي ومسألة التوريث والتعيينات…

ومن المغالطات الأخرى ادّعاء الحزب أنّ كتلته في البرلمان “قد لعبت دورا محوريا في تخفيف تبعات ما كان يمكن أن يسبّبه قانون المالية في نسخته الأولى من إثقال مشطّ لكاهل مختلف الفئات الاجتماعية للشعب التونسي”، في حين يُدرك القاصي والداني أنّ مشروع قانون الماليّة يعود بالنظر إلى وزير الإشراف أي وزير المالية رضا شلغوم وهو حاليا من قيادات حزب نداء تونس.

وفي كلّ الأحوال يبدو أنّ الإعلان الأخير لحركة نداء تونس قد جاء متأخّرا جدّا هذه المرّة، وذلك بالنظر إلى خسارته لمخزون الثقة الذي دفع مناصريه إلى التصويت له بقوّة خلال الانتخابات التشريعية والرئاسيّة السابقة. وهو ما يعني بكلّ بساطة أنّ اللعب اليوم على وتر المشروع المدني في مواجهة المشروع الديني يبدو بمثابة ضرب من الحيل الساذجة التي قد لا ينطلي مجدّدا على الكثيرين، كما يصعب أن تُجدي نفعا…

 


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING